
قوات خاصة أردنية حاصرت السفارة الإسرائيلية لإقتحامها …رئيس الموساد الإسراليلي يروي تفاصيل محاولة اغتيال خالد مشعل في الأردن وماذا فعل الحسين
بقلم الدكتور حسن براري العجارمة
بين الأمس واليوم
في كتابه رجل في الظلال يروي رئيس الموساد الأسبق أفرايم هليفي تفاصيل محاولة اغتيال خالد مشعل في عمان عام 1997، وهي العملية التي يصفها بالفاشلة منذ بدايتها. المفارقة أن نتنياهو (الذي كان يعاني على حد وصف الراحل الملك حسين من غطرسة القوة) أصر على تنفيذها خلافًا لتوصيات الأجهزة الأمنية الثلاثة: الشاباك والموساد وأمان، ورغم ذلك تولى الموساد بقيادة داني ياتوم تنفيذ العملية الغادرة، غير أن المحاولة أخفقت سريعًا بعدما تم القبض على المنفذين لتدخل العلاقات الأردنية–الإسرائيلية في أخطر أزماتها منذ توقيع معاهدة وادي عربة.
يذكر هليفي أنه كان الوسيط المباشر بين الحكومة الإسرائيلية والملك الحسين لحل الأزمة إذ رفض الملك استقبال نتنياهو شخصيًا ما دفع الأخير بالاستعانة بهليفي ليقوم بالمهمة. اشتاط الملك حسين غضبا ومع الاردنيون، فوضع شروطًا واضحة: إحضار الترياق الطبي لإنقاذ حياة خالد مشعل فورًا وإلا. وحتى يأخذ الجانب الاسرائيلي كلام الملك على محمل الجد، حاصرت قوات خاصة أردنية السفارة الإسرائيلية في عمان وهددت باقتحامها إذا لم يسلم الترياق خلال ساعات محدودة. خشيت إسرائيل كثيرا من اقتحام السفارة ، وعليه لم تلبث أن وصلت طائرة إسرائيلية خاصة تحمل الترياق إلى عمان، في حين وجه الملك الحسين إنذارًا حاسمًا: حياة خالد مشعل بكفة وإذا ما مات فسوف تموت معه معاهدة وادي عربة.
لكن الأمر لم يتوقف عند ذلك، إذ رفض الملك السماح بخروج عناصر الموساد من الأردن بعد حصار السفارة مشترطًا الإفراج عن الشيخ أحمد ياسين ومجموعة من الأسرى الذين كانوا في السجون الإسرائيلية. لم تملك حكومة نتنياهو الكثير من الخيارات على حد وصف افرايم هليفي، فنقلت مروحية خاصة الشيخ أحمد ياسين إلى عمان حيث عولج في المدينة الطبية ثم أقلته مروحية أردنية إلى غزة في مشهد لافت.
يخلص هليفي في كتابه إلى أن هذه الحادثة شكلت فضيحة سياسية وأمنية لنتنياهو الذي اضطر لاحقًا إلى إقالة رئيس الموساد داني ياتوم. ويضيف أن نتنياهو لم يستوعب حتى حينها معنى سيادة الدول وحدود ما يمكن أن تقبله أو ترفضه. بالفعل، لم ينظر نتنياهو إلى الدول العربية كدول صاحبة سيادة وإنما يعطي لنفسه الحق في اسباحة سيادة الأغيار، فها هو يعود وبكل فجاحة ووقاحة ليرتكب جريمة أخرى بحق قطر.
الظروف تيغرت بطبيعة الحال، فلم تكن الولايات المتحدة في تسعينيات القرن الماضي كما هي الحال مع إدارة ترامب. ففي عهد الرئيس بيل كلينتون كان هناك استثمار شخصي ورئاسي في عملية السلام، حيث انخرط بنفسه في دفع المفاوضات ورعاية التفاهمات. أما مع الرئيس ترامب، فالأمر مختلف تمامًا؛ فهو لا ينحاز إلى إسرائيل بوصفها دولة فحسب، بل يساند تيارًا يمينيًا أيديولوجيًا يريد الأرض بلا سكان، ويرى في استخدام القوة نهجًا طبيعيًا. ترامب لم يكتفِ بهذا، بل وأجهض محاولة استصدار قرار من مجلس الأمن يدين إسرائيل على ما فعلته مع قطر. لذلك جاء مجلس الأمن ببيان صحفي باهت لا يذكر إسرائيل بالاسم، ولا يعد قرارًا رسميًا ضمن وثائق المجلس، بل سيظل مجرد بيان إعلامي عابر. مرة أخرى تقوم الولايات المتحدة بحماية إسرائيل في مجلس الأمن والعرب ما زالوا يرددون أن العلاقة مع واشنطن هي استراتيجية. أنا بطلت افهم شو معنى استراتيجية وأنا استاذ في العلاقات الدولية!!!!
في الختام، ما لم ننهض كأمة عربية ونحسن كدول توظيف ما نملك من أوراق قوة، وهي كثيرة ومتنوعة، سنبقى أسرى العجز والتبعية، فاستعادة المبادرة مرهونة بوعي شعبي وإرادة سياسية تعيد للأمة وزنها ومكانتها.