استثنائية نيابية لا بد منها

جهاد المنسي

حرير- في الثامن عشر من الشهر المقبل أيار (مايو) تنتهي الدورة العادية الأولى لمجلس الامة العشرين، أي انه لم يتبق على نهاية الدورة سوى 40 يوما، وقد استبق مجلس النواب نهاية دورته العادية بتشكيل لجنة خاصة اوكل لها ادخال تعديلات على نظامه الداخلي، وهو تعديل يتوجب ان يتماهى مع شكل المجلس الجديد الذي بات يتشكل من كتل حزبية وفق قانون الانتخاب الذي تم بموجبه اجراء الانتخابات النيابية التي تشكل منها المجلس الحالي.

التعديل المتوقع على النظام الداخلي هو الرابع خلال عشرة أعوام، فبعد التعديل عام 2014 ومن ثم عام 2019 والتعديل الذي جرى قبل عام ونصف تقريبا عام 2023، يأتي التعديل الجديد تحت عنوان ترك مساحة اوسع للعمل الحزبي تحت القبة ومنح الكتل الحزبية دور منصوص عليه بوضوح في النظام الداخلي.

وبدأ الحديث عن أهمية تعديل النظام الداخلي لمجلس النواب منذ انتخاب المجلس الحالي، حيث أشار اكثر من نائب الى أهمية اجراء تعديلات تخدم العملية السياسية والاصلاحية وتصب في مصلحة تطوير المنظومة السياسية، فطالبت اكثر من كتلة نيابية بذلك من خلال كلماتها تحت القبة.

رغم أن عنوان التعديل هو ادخال نصوص واضحة تسمح للعمل الحزبي إلا أن نواب يتخوفون بأن يكون الهدف منه تقييد الدور الرقابي للنواب تحت القبة، وخاصة فيما يتعلق بالأسئلة النيابية والاستجوابات، هذا التخوف يأتي بعد سيل الاسئلة والاستجوابات التي قدمها النواب للحكومة خلال الدورة الحالية، والذي يراها البعض انها بدأت تأخذ شكلا يبتعد عن المسار الرقابي، وتذهب نحو الشعبوية.

اللجنة الخاصة التي شكلها المجلس لتعديل نظامه الداخلي اعلن عن أعضائها، ومن المتوقع ان تشرع بقراءة المقترحات النيابية الخاصة بتعديل النظام الداخلي، وتضم نخبة من نواب قانونيين من جميع الكتل الحزبية التي يتكون منها المجلس، وجاء التشكيل المتنوع لكي يكون الجميع شريكا في قراءة النظام الداخلي وإجراء تعديلات ضرورية عليه، تُمكن المجلس من مواكبة تحديث المنظومة السياسية، التي شرعت بها الدولة.

لذلك فإنه يرجح ان تخصص الدورة الاستثنائية التي أعتقد انه لا بد منها لتعديل النظام الداخلي إضافة لبعض القوانين الأخرى، ورغم انه سرت خلال الفترة الماضية تسريبات حول إمكانية عدم عقد دورة استثنائية للمجلس، بيد ان تلك التسريبات غاب عنها الكثير من المرتكزات التي تجعل من عقد الدورة الاستثنائية تحصيل حاصل، فالدورات الاستثنائية تعقد بعد فض الدورة العادية، وتقول المادة 82 من الدستور في شقها الأول انه للملك أن يدعو عند الضرورة مجلس الأمة إلى الاجتماع فـي دورات استثنائية ولمدة غير محددة لكل دورة من أجل إقرار أمور معينة تبين فـي الإرادة الملكية عند صدور الدعوة وتفض الدورة الاستثنائية بإرادة، فيما تقول المادة في فقرتها الثانية انه يدعو الملك مجلس الأمة للاجتماع فـي دورات استثنائية أيضاً متى طلبت ذلك الأغلبية المطلقة لمجلس النواب بعريضة موقعة منها تبين فـيها الأمور التي يراد البحث فـيها، وتقول الفقرة الثالثة من المادة انه لا يجوز لمجلس الأمة أن يبحث فـي أي دورة استثنائية إلا فـي الأمور المعينة فـي الإرادة الملكية التي انعقدت تلك الدورة بمقتضاها.

عمليا، فان الدورة الاستثنائية ستكون مطلبا نيابيا قبل ان تكون مطلبا حكوميا، إذ إن غياب مجلس النواب الجديد عن الساحة السياسية لمدة تعادل 5 أشهر كاملة سينظر اليه أنه هروب من قبل النواب عن تحمل مسؤولياتهم، لاسيما وان الدستور منحهم أيضا حق طلب عقد دورة استثنائية تكون واجبة في حال وقع عليها اغلبية النواب المطلقة أي النصف زائد واحد.

مقالات ذات صلة