غزة يُمكن أن تصبح “ريفييرا الشرق الأوسط” فعلاً

محمد عايش

حرير- على الرغم من موجة السخرية الواسعة التي اجتاحت العالم بأكمله بعد نشر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مقطع فيديو خياليا، عما يمكن أن يكون عليه قطاع غزة؛ إلا أن الخيال أو الحُلم الذي جاء في الفيديو يُمكن أن يُصبح حقيقة، وليس شرطاً أن يظل حُلُماً صعب المنال، لكن مشكلة ترامب فقط في الكيفية التي يتحدث عنها من أجل الوصول إلى هذه النتيجة.

قطاع غزة يُمكن أن يتحول بالفعل إلى “ريفييرا الشرق الأوسط”، وهو مؤهل لأن يصبح كذلك بالفعل نتيجة لموقعه الجغرافي الاستراتيجي، ومناخه المعتدل، وإطلالته على البحر الأبيض المتوسط، وتربعه على ثروة سمكية ليست قليلة، إضافة إلى محاذاته لآبار الغاز الطبيعي، إضافة طبعاً إلى قربه من مواقع ذات جذب سياحي على مستوى عالمي، وفي مقدمتها القدس وبيت لحم وشرم الشيخ وطابا والعقبة، وكلها مواقع تتمتع بطبيعة ليس لها مثيل في العالم بأكمله.

لكنَّ الشرط الوحيد لأن يتحول قطاع غزة إلى “ريفييرا الشرق الأوسط” هو زوال الاحتلال، فكل ما تحتاجه هذه المنطقة حتى تشهد طفرة عقارية وسياحية واقتصادية وعمرانية هو أن تتخلص من الاحتلال الإسرائيلي الذي يُعطل كل هذا، حيث طوال العقود السبعة الماضية، كان الفلسطينيون كلما شيدوا بناء أو عمَّروا منشأة إذا بالاحتلال يقوم بتدميرها والاعتداء عليها، وهذا الحال يمتدُ إلى الضفة الغربية ولا يتوقف عند قطاع غزة فقط. غزة كغيرها من دول المنطقة مؤهلة لأن تعيش حياة أفضل وتشهد طفرة اقتصادية وعمرانية وتتحول إلى مكان جاذب لكل من يريد الاسترخاء والاستمتاع بجمال الطبيعة، وهي ليست بحاجة لخبرات ترامب ولا مساعداته، ولا اقتراحاته ومشاريعه، حالها في ذلك حال المدن الكبرى والرائعة في منطقتنا العربية مثل الدوحة ودبي والعقبة وشرم الشيخ والكويت والرباط، وغيرها من المدن العربية الرائعة والعريقة، التي لم يزرها ترامب أصلاً في حياته، ولم يتعرف عليها، حيث بناها أبناؤها بسواعدهم وبعرق جبينهم وجعلوا منها مدناً عالمية يُشار لها بالبنان، بل يحلمُ كل مواطن أمريكي وأوروبي بزيارتها والاستمتاع بجمالها وعظمتها. لا تختلف غزة عن غيرها من هذه المدن سوى أن فيها احتلالاً يُعطل نهوضها، ويُعطل تعميرها، ويُعرقل حياة سكانها، ويحاصرها منذ أكثر من 17 عاماً، ويمنع عنها دخول قائمة طويلة من المواد الأساسية التي يُمكن استخدامها في بناء مدينة محترمة وعظيمة. مشكلة ترامب أنه يُفكر بالمعكوس؛ فهو يريد طرد الشعب بدلاً من طرد الاحتلال، حيث يقترح خطة لتغيير الشعب في غزة بدلاً من طرد الاحتلال، وذلك عبر تهجير السكان إلى مصر والأردن، وهو المشروع الذي لا يُمكن أن ينجح ولا يُمكن أن يوافق عليه أحد في المنطقة، بما في ذلك الأطراف ذات العلاقة: الفلسطينيون ومصر والأردن. لا أحد في هذه المنطقة يُمكن أن يوافق على مشروع يقوم بتغيير شعب بأكمله من أجل تأمين الراحة للاحتلال.. الاحتلال الذي ينص القانون الدولي على وجوب أن يرحل.

والخلاصة هو أن العرب والفلسطينيين جميعهم لم يكونوا بحاجة لاستخدام الذكاء الاصطناعي من أجل اختلاق مقطع فيديو يُظهر كيف يُمكن لغزة أن تصبح؛ إذ لدينا الكثير من النماذج المشرفة في عالمنا العربي، لمدن أصبحت أجمل من أجمل منتجعات العالم، وكل هذه المدن بُنيت بسواعد أبنائها وعقولهم، فالمصريون لم يحتاجوا الذكاء الاصطناعي عندما بنوا شرم الشيخ، ولا المغاربة احتاجوا ترامب عندما بنوا أجمل التحف المعمارية في الرباط والدار البيضاء ومراكش، ولا الأردنيون كانوا ينتظرون ترامب عندما بنوا مدينة العقبة الرائعة، التي تكاد لا ترى فيها خطأ واحداً.. كل ما نحتاجه هو فقط أن يرحل الاحتلالُ عن غزة ويتوقف عن قصفها اليومي وحصارها المستمر، وسوف تصبح “ريفييرا العرب” بكل حق.

مقالات ذات صلة