هل هناك سقف للإصلاح في الأردن؟.. موفق ملكاوي

فيما كان الحديث همسا في السابق، بات كثيرون يجهرون بالقول إن ثمة سقفا معينا للإصلاح في الأردن ولا يمكن لأحد تجاوزه.

حكومات كثيرة تم التنظير لها بأنها إصلاحية، وكان يمكن أن تكون كذلك، لكنها اصطدمت في النهاية بأرض الواقع الذي تحكمه قوى متحالفة مع بعضها بعضا رغم الخليط غير المتجانس لطبيعتها.
من العائلات إلى طبقة من التجار وأصحاب المصالح الاقتصادية فالليبراليين والنيوليبراليين، يتشكل تيار عريض يمسك بمفاتيح اللعبة بين يديه، ولا يسمح إلا بمستوى معين من التغيير، وبما لا يضر بمصالح التحالف بشكل عام، وكل مكون فيه.
في الأردن، ثمة اتفاقات غير مكتوبة ترعى مصالح طبقات بعينها، وهي الطبقات التي أنتجت على الدوام النخب السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وأعادت تدويرها وتقديمها بأشكال ووجوه مختلفة في كل مرحلة من عمر الدولة الأردنية، خصوصا في المنعطفات الصعبة، كما كان الحال في مرحلة الخمسينيات، ومطلع السبعينيات، وفي 1989 و2011 و2018.
التحالف الخفي هو ما يعطل إقرار قانون انتخاب عادل يعطي فرصا متساوية لكل مرشح، لكي لا تأتي المخرجات عصية على التدجين، لذلك رأينا اقتراحات عجيبة في هذا السياق.. من قانون الصوت الواحد إلى الصوت المجزوء إلى القائمة الوطنية المشوهة.. إلى غيرها من الرؤى والاقتراحات التي قفزت دائما عن المطلوب شعبيا، ورسخت وجود رأس المال في بيت الشعب لكي يكون بعضهم جزءا من التحالف الخفي الذي اعتاد أن تكون له كامل الكعكة.
إذن؛ هل هناك سقف معين للإصلاح في الأردن؟
للأسف الشديد؛ هذا ما يعتقده جزء كبير من الشعب، وقد يكون الجواب أكثر سوداوية وتشاؤما حين نطرح تشكيكا موضوعيا في نية الإصلاح في الأصل، وهي النية التي تكفلت القوى الخفية المتحالفة بإحباطها في كل مرة رأينا فيها ضوءا في آخر النفق.
الإصلاح الاقتصادي جزء لا يتجزأ من الإصلاح السياسي، ولكن، لا يمكن للتشريع وسن القوانين أن ينطلقا من قاعدة شعبية تراعي الصالح العام إلا بوجود نواب جاؤوا إلى بيت الشعب من خلال قانون حضاري وعادل، وإلا فإن التحالف الخفي سيظل دائما مستعدا لاستقطاب أشخاص وقوى خفية جديدة لا يهمها شيء سوى مصالحها.
الإصلاح السياسي أولوية، وهو الذي يحفظ الهوية الأردنية ويقاوم كل المخططات التي تراها دولة وظيفية فقط، ويستطيع أن يسقط صفقة القرن، على هشاشتها، وفكرة الوطن البديل، على تداعيها. ولكن الأهم من ذلك كله أنه يستطيع ترسيم العلاقة بين المواطن والدولة بما يحقق عقدا اجتماعيا جديدا حقيقيا، ويوفر للإنسان الأردني حقوقه، ويلزمه بواجباته، بعيدا عن أي امتهان للكرامة.
مؤمنون بذلك تماما، ولا نريد أن نقول “عظم الله أجركم”!

مقالات ذات صلة