
عالم ظالم وسلاح أمريكي فتاك
د. فايز أبو شمالة
حرير- لماذا يصمت العالم على حرب الإبادة ضد أهالي قطاع غزة؟
لماذا تقف شعوب الأرض موقف المتفرج، إلا من قليل رفض، وبعض اعتراض ومظاهرات في بعض المدن الغربية؟ هل تبلد الحس البشري؟
أم هنالك معطيات سياسية وفكرية غلفت حياة الناس بالصفيح، وما عادوا يستشعرون ما يدور في شمال قطاع غزة من حرب إبادة؟
مشروع شارون
في شمال قطاع غزة، وبعد أسبوعين متواصلين من حرب الإبادة الممنهجة ضد أهالي شمال قطاع غزة، ولاسيما بعد التحاق لواء جفعاتي بالفرقة 162 الإسرائيلية، ليشارك بشكل إرهابي في توسيع مجال الضغط والذبح ضد سكان شمال قطاع غزة، وكأن بين الصهاينة وأهالي شمال غزة ثأرا وانتقاما وأحقادا تراكمت منذ عشرات السنين، منذ ذاك الفشل الإسرائيلي في الانتصار على جباليا سنة 1971، عشية إفشال مشروع شارون لترحيل سكان قطاع غزة، ومنذ انطلاق انتفاضة الحجارة سنة 1987، حين أعلنت جباليا بدماء شهدائها عن انطلاق انتفاضة الحجارة، ومنذ انطلاق انتفاضة الأقصى التي قدم فيها شمال قطاع غزة خيرة شبابه ورجاله على درب المقاومة.
أجهزة التجسس الغربية
أكثر من أسبوعين، والجيش الصهيوني مدعوماً بكل أنواع الأسلحة الأمريكية الحديثة، ومدعوماً بكل أجهزة التجسس الغربية، أكثر من أسبوعين، وأسلحة العالم الظالم في يد الصهاينة تمارس القتل والذبح في الشوارع للأطفال والنساء والشيوخ، في ظل حصار إسرائيلي يحول دول وصول رغيف الخبز أو شربة الماء للأهالي المحاصرين بين قذيفة وصاروخ، وبين طلعة بالطائرات وغارة بالمدفعية، في حرب إسرائيلية قذرة، اقتلعت البيوت، ومسحت مربعات سكنية، وأحرقت البشر وهم أحياء، أكثر من أسبوعين، صمّت شعوب العالم أذنيها، وأغلقت الحكومات الغربية والعربية فاهها، وكأن ما يجري على أرض غزة من حرب إبادة، هو حق إسرائيلي بلا منازع، وأن ما يجري من حرب إبادة جزء من الوعي المجتمعي في أوروبا وأمريكا، وجزء من السلوك البشري المشوه الذي تقوده أمريكا، وتفرض من خلال رأس المال الهيمنة الإعلامية والفكرية والسياسية، وتفرض على الشعوب قبل الحكومات أن تكتفي بالفرجة على الدم الفلسطيني الذي غطى شاشات العالم بألوان قوس قزح.
الدول العربية
فإلى متى؟ إلى متى يجري الصمت بين شعوب الأرض مجري حرب إبادة بحق أهالي قطاع غزة؟ إلى متى ستظل الشعوب العربية ملتزمة بالصمت، وتكتفي بالدعاء سراً للمقاومة؟
إلى متى ستظل مدن العرب وعواصم الدول العربية مغيبة عما يجري على أرض غزة؟ إلى متى؟ وقد بات معلوماً أن الأنظمة العربية لن تحرك ساكناً، طالما وثقت أن الشعوب العربية لن تتحرك بكل معاني الغضب العربي في المدن الكبرى والحواضر العربية.
وهذه هي نقطة البداية لقلب الصورة، وتعديل المشهد، فالعواصم العربية هي نقطة انطلاق التحولات الفكرية والسياسية في كل دول العالم، وطالما حافظت عواصم الدول العربية على الهدوء، والتبلد في المشاعر، فمن الخطيئة أن نلوم عواصم أوروبا ومدن أمريكا، ومن الخطأ توقع أي متغيرات في مواقف الدول الداعمة للعدوان الإسرائيلي.
أصحاب الحق
الأمة العربية هي صاحبة الحق، وطالما ظل أصحاب الحق، وظل المستهدفون من حرب الإبادة يعيشون في عالم الجهل وعدم المبالاة وعدم القدرة على التحرك السلمي في شوارع المدن العربية رفضاً للوحشية الصهيونية، ورفضاً للإرهاب الأمريكي الذي جاد بالمال والسلاح والمعلومات الأمنية للعدو الإسرائيلي، فطالما ظلت أحوال الأمة العربية على حالها من الهدوء والسكينة، فمن الخطأ توقع مواقف غربية مغايرة لمواقف العدو الصهيوني.
المخططات الغربية
فمتى تدرك الجماهير العربية أن غزة بعضٌ من المدن العربية، وبعضٌ من مستقبل الأمة كلها، والسكوت عما يجري على أرض غزة لا يعني إلا السكوت على المخططات الغربية والأمريكية والإسرائيلية في المنطقة، والتي لن تقل وحشية وإجراماً سياسياً عن اتفاقية سايكس بيكو، ولا تبتعد عن تقسيم الشرق بين مصالح الدول الاستعمارية الكبرى، والتي تكتلت بكل طاقتها خلف العدوان الإسرائيلي، ليمثل الصمت العربي على ما يجري من حرب إبادة ضد أهالي قطاع غزة، موافقة عربية ضمنية لكل ما يخطط له الصهاينة من سيطرة على المنطقة.



