بيع التقسيط في الفلسفة المالية الإسلامية

غسان الطالب

حرير- بيع التقسيط والدارج في المعاملات التجارية بشكل عام، هو عبارة عن نوع من أنواع البيوع المؤجلة التي يتم فيها تأخير دفع الثمن لمرة واحدة او على دفعات عدة. ويجري التعامل به على مستوى الشركات والمؤسسات وعلى مستوى الأفراد كذلك.

هذا النوع من البيوع معتمد ويتم التعامل به من قبل المصارف الإسلامية في معاملاتها المقبولة شرعا، وبموجب هذا النوع من البيوع يتم بيع السلعة بثمن مؤجل ويسدد على فترات مختلفة ويتم التعامل به في بيوع المرابحة او بيع السلم أو عقود الاستصناع وفي عقود أخرى، تحقق الغرض من مبدأ التسليم العاجل بالآجل. وقد يختلف بعض الشىء عن عقود السلم والاستصناع بما يمكن دفعه عاجلا لإتمام تنفيذ العقد، ففي المصارف الإسلامية يتم تسليم السلعة أو البضاعة للعميل عند توقيع العقد مقابل تسديد الثمن في وقت لاحق يتم الاتفاق عليه ويمكن أن يتم في هذه الحالة تأجيل دفع ثمن البضاعة بالكامل أو جزء منها، فإذا تم سداد القيمة مرة واحدة في نهاية المدة المتفق عليها مع انتقال الملكية في البداية فهو بيع آجل، وإذا تم سداد الثمن على دفعات من بداية تسلم الشيء المباع مع انتقال الملكية في نهاية فترة السداد، فهو بيع بالتقسيط، بمعنى بيع التقسيط من حيث الأصل هو جائز لأنه من بيوع الأجل، إلا أنه بيع يختلف بأمرين:

إن الثمن في بيع التقسيط يسدد على فترات ولا يسدد دفعة واحدة بخلاف بيوع الآجل، أما الثمن الآجل في بيع التقسيط، فيزيد عن الثمن الحالي فالبائع عادة يضع سعرين، سعر للسلعة في حال بيعها نقدا، وآخر في حال بيعها بالآجل، وللعميل أن يختار الأمر المناسب له، والأمران جائزان، وقد أجازت المذاهب الأربعة وجمهور الفقهاء البيع لأجل أي التقسيط معتمدين في ذلك

على مشروعيته في الكتاب والسنة، ففي قوله تعالى:

“يا أيها الذين أمنوا اذا تداينتم بدين الى أجل مسمى فاكتبوه”،( البقرة – الآية 282).

وقوله تعالى: “وأحل الله البيع وحرم الربا”،(البقرة – الآية 275)، حيث تشير الآيتان الكريمتان وبكل وضوح إلى جواز بيع الآجل، ولا يوجد ما يمنع ذلك لأن الأصل في المعاملات الإباحة ما لم يرد ما يحرم ذلك.

وقد أجمع الفقهاء على أنه لا فرق في كون الثمن يدفع مرة واحدة أو على فترات مختلفة ما دام ملتزم بشروط الثمن والتي منها، أن يكون الثمن غير ذلك، فقد يكون مقايضة ولها شروطها كذلك، أما الشرط الثاني فهو الاتفاق على عناصر الثمن وأسس تحديده، ثم الاتفاق على كيفية السداد أي طريقة الدفع والوسائل التي يتم بها، مثلا يكون الدفع بموجب شيكات أو حوالات مصرفية أو دفع نقدي وهكذا.

وهنا نتوقف عند اختلاف بعض الفقهاء في موضوع الزيادة في ثمن البيع الآجل أو البيع بالتقسيط على اعتبار، أن هذه الزيادة في الثمن تقع في دائرة شبهة الربا لكن البعض الآخر من الفقهاء برر هذه الزيادة معززين رأيهم في القول: “إن هذه الزيادة لا تحصل إلا عند عدم دفع كامل ثمن السلعة عند الاستلام من طرف المشتري أما الربا، فإنه يزداد بشكل مستمر في كل حالة يتم فيها تأخير في عملية الدفع”، كما “أن الزيادة في الربا هي زيادة في شيئين من الجنس نفسه، على عكس الزيادة في البيع بالتقسيط (لأجل)، فهي زيادة في شيئين مختلفين (السلعة و ثمنها”، إضافة إلى أن المشتري أو العميل له الخيار في أن يدفع ثمن السلعة عاجلا أو بالتقسيط. نخلص إلى القول: “إن المعاملات التجارية بين الأفراد والنشاطات الاقتصادية بشكل عام، بحاجة ماسة إلى المعاملات المالية التي تتم بالتقسيط وإنها تحقق مصالح عامة طالما أنها ملتزمة بأحكام الشريعة الإسلامية”.

 

مقالات ذات صلة