شراء الوقت

جهاد المنسي

حرير- في قوانين كرة القدم فإن اللاعب الذي يحصل على بطاقة حمراء يتوجب عليه مغادرة الملعب فورا، وعدم الجلوس على دكة البدلاء، واذا رفض اللاعب الخروج، فان حكم اللقاء يتوجه لكابتن الفريق لإقناعه بالخروج من الملعب، اما إذا رفض الانصياع لقرار الحكم ومحاولات كابتن فريقه، فإن الحكم يقوم فورا بإنهاء اللقاء واعتبار فريق اللاعب خاسرا للمباراة مهما كانت النتيجة وقتذاك، وايضا تغريم اللاعب والفريق.

تلك هي قوانين كرة القدم، التي وجدت للترفيه عن الشعوب، والمؤسف ان تلك القوانين تفعل لمعاقبة نوادٍ ولاعبين وحرمان دول، بيد ان الأمم المتحدة التي تصف نفسها بأنها راعية السلم والامن العالميين، فإنها تقف عاجزة عن تنفيذ قوانينها، فما ينطبق على كل دول العالم لا ينطبق على إسرائيل على وجه التخصيص، فالاحتلال يرفض كل القوانين والأنظمة، ويرفض قرارات الشرعية الدولية ووقف اطلاق النار في قطاع غزة، ويرفض ادخال المساعدات منذ اكثر من 8 أشهر، والأمم المتحدة تعجز عن تنفيذ أي قرار لها، او حتى تطبيق ما يطبق في قوانين كرة القدم.

تعرفنا على قوانين الامم المتحدة، ابان احتلال الولايات المتحدة للعراق، وتعرفنا على كل قوانين العقوبات الاقتصادية والبندين السابع والسادس من ميثاق الأمم المتحدة المتعلق بالعمل العسكري، وجهد الغرب لأقناع الشعوب ان ميزان الأمم المتحدة يطبق على الجميع، واليوم باتت شعوب العالم اكثر قناعة ان القوانين لا تطبق على المحتل، وان إسرائيل خارج اطار الشرعية الدولية وما انطبق على العراق وليبيا وسورية وكوبا وكوريا الشمالية وروسيا واليمن، وغيرهما لا يطبق على الاحتلال الإسرائيلي، وان تل ابيب تستطيع التهرب من تنفيذ قرارات الامم المتحدة ولا تعترف بها دون عقوبات رادعة.

فقد اصدر مجلس الامن اكثر من قرار يقضي بوقف اطلاق النار في قطاع غزة، إلا ان اسرائيل لم تلتزم أبدا بتلك القرارات وواصلت تمردها على المجتمع الدولي، والامم المتحدة وقراراتها، دون ان تجد أي رد فعل لإجبارها على الالتزام بتلك القرارات، وكأن القصة شراء وقت ومواصلة الكذب على شعوب العالم، وإيهامهم ان الدول الكبرى والولايات المتحدة معنية بشعوب العالم ومعاناتهم.

بات واضحا وجليا ان واشنطن تسعى فقط لشراء الوقت، ومنح المدة الكافية لآلة القتل الاسرائيلية لمواصلة تدمير بنية الشعب الفلسطيني وقتل شبابه وأطفاله ونسائه، وهدم منشآته الحيوية وغيرها، وإلا لماذا لا تذهب الامم المتحدة لتطبيق البند السابع في ميثاقها، والذي ينص على لجوء الامم المتحدة في اطار حماية المدنيين في الدول على اتخاذ (إجراءات قسرية) في حال كان السلام مهددا، تتراوح بين العقوبات الاقتصادية واللجوء للقوة.

ويسمح الفصل السابع بممارسة الضغوط على بلد لإجباره على الالتزام بالأهداف التي حددها مجلس الأمن، قبل أن يتم تطبيق إجراءات قسرية، وذلك في حال تهديد للسلام أو فسخ لمعاهدة سلام أو شن هجوم، وتتراوح الإجراءات بين «العقوبات الاقتصادية والعقوبات الأخرى التي لا تشمل اللجوء إلى القوة المسلحة من جهة والتدخل العسكري الدولي».

ويمكن لمجلس الأمن فرض «عقوبات اقتصادية وتجارية عامة أو إجراءات محددة أكثر، مثل فرض الحصار على الأسلحة ومنع أشخاص من التنقل وإجراءات مالية ودبلوماسية»، وفي حال ارتأى المجلس أن هذه الإجراءات لم تكن «مناسبة» يمكنه اللجوء إلى البند 42 من الفصل السابع، الذي يجيز لمجلس الأمن القيام بأي تحرك يراه ضروريا للحفاظ على السلام والأمن الدوليين أو لإعادة إحلالهما بواسطة قوات جوية أو بحرية أو برية، وطبق مجلس الأمن الفصل السابع ضد العراق قبيل غزوه في عام 2003.

عشرات القرارات الأممية رفضتها إسرائيل ومع ذلك لم تتناد دول الأمم المتحدة لاتخاذ عقوبات رادعة على الاحتلال، وانما تم الاكتفاء بقرارات ورقية، وكأن الغرب من خلال دوله الكبرى يريد لإسرائيل بشكل غير مباشر مواصلة سياستها في قتل الشعب الفلسطيني وابادته، ومنحها الوقت الكافي لتنفيذ ذلك.

مقالات ذات صلة