سجل انا عربي .. عذرآ درويش

محمد عماره العضايله

قبل خمسين عاما كان لقصيدة محمود درويش ( سجل أنا عربي) صيحة ضد الاحتلال لأنه كان يؤمن كغيره ممن يحملون لواء العروبة بأن العربي دائما يسعى لحماية الهوية العربية ويفتديها بالغالي والنفيس ويقف مدافعا عنها ضد محاولات الاحتلال لطمسها فكانت وستبقى أيقونة القصائد التي تعتز بمحيطها فيعرض فيها لكل صفات الفلسطيني ففي بدايتها صورة لأفراد أسرته الذين هم عماد الأمة ، هذه الأسرة التي تزداد لأن الفلسطيني لاينقرض مهما تعرض لكل أوجه البشاعة من قتل وسجن وابادة :
سجل….انا عربي
ورقم بطاقتي خمسون ألف
واولادي …..ثمانية
وتاسعهم سيأتي بعد صيف
ويضيف بأن الفلسطيني يؤمن بالعمل ولايقبل صدقة من احد ولايتوسل على أبواب المحتل لأن نفسه عزيزة فهو يعمل في الصخر ويزرع ويفلح الارض التي ارتبط فيها:
سجل…انا عربي
واعمل مع رفاق الكدح
ولا اتوسل الصدقات
فهل تغضب

ويبين بأن الفلسطيني قديم قدم الزيتون والسرو وأنه العربي المميز بلون شعر رأسه الأسود ولون عينيه البني وبلباسه الشعبي وكوفيته المميزة ويتوعد المحتل بأنهم يتحولون إلى وحوش كاسرة تأكل لحم كل مغتصب كردة فعل على وحشية المحتل :
سجل…..انا عربي
ولون الشعر فحمي
ولون العين بني
سجل برأس الصفحه الأولى
انا لا أكره الناس
ولا اسطو على احد
ولكني اذا ما جعت
أكل لحم مغتصبي حذاري ….حذاري
من جوعي ومن غضبي
جذوري …قبل ميلاد الزمان
وقبل السرو والزيتون

ابي من أسرة المحراث
لا من سادة نجب
وجدي كان فلاحا
أنا اسم بلا لقب

تعتبر قصيدة سجل أنا عربي لمحمود درويش بطاقة الهوية الفلسطينية العربية المشروعة التي يعتز بها
والتي لا تموت لأن فلسطين هي أرض الرسالات
…أرض العزة والعطاء فهي الارض المقدسة التي ترتبط بالسماء.
استطاعت القصيدة في النصف الثاني للقرن العشرين أن تكون أيقونة الثورة والنضال من أجل الحرية والاستقلال وتوحيد الأمة خلفها ولكنها اليوم تعاني الوحدة وتغير المواقف ونرى الأشقاء يتعرضون للذبح والابادة والتدمير الممنهج الذي تندى له الجبين وتتكالب عليه قوى الشر والعدوان من الصهاينة و النازيين الجدد ولا من مغيث.

عذرآ محمود درويش نحن نعيش خارج غزة في سجن كبير لا نرى فيه الشمس لأننا دول مفككة تتحكم فيها دول الملح والنفط المحترق وقواعد الغرب المستعمر التي استباحت الأمة وسلبت سيادته.
عذرآ محمود درويش لا يجرؤ عربي من الماء إلى الماء على قراءة قصيدتك (سجل أنا عربي)على خشبة المسرح اوعبر محطات الغثيان وان تجرأ وفعلها فإنه لايرى الشمس بعد قراءتها، ولو كنت حيا ياسيدي لطلبت الانظمة العربية منك أن تقوم بفحص طبي عن جنسك ( طبعآ عربي) فأنت مخلوق مختلف عن الواقع !!
يقول أحدهم ردا على درويش:
ياليت درويش الغاها من الكتب
ولم يقل زاهيا سجل أنا عربي
ايفخر المرء بالهامات ناكسة
ام بالكرامات تشكو ظلم مغتصب
وأمة العرب يادرويش كالخشب
فيا درويش لا تغضب
لأن العرب مختلفون
على الألوان والاعلام
والمذهب
سجل بأن عروبتي مرهونة
قد أخذوا قرضا عليها
فيا درويش لا تغضب.

إنني يادروش أرى الفلسطيني قد أصبح منزوع العروبة يقاوم الذبح والدمار وينتظر صحوة العرب كما روتها كتب التاريخ .
عذرآ درويش فقد خانك التعبير وخانتك الرؤية فالموت ياسيدي ليس فقط بخروج الروح من الجسد لأنها سنة الله في خلقه ولكن الموت الحقيقي هو موت الضمير موت الاذلاء الذين أصبحوا في ذيل التاريخ …أمة جمعها حفر الباطن ودفعت نفطها لتدمير ما تبقى من أمة العرب بعد احتلال العراق وتمزيق وتدمير قلب العروبة (سوريا) وليبيا ومصر واليمن والقادم اسوء والله اعلم !!!
رغم هذه السوداوية ان جاز التعبير فاعلم ياسيد الشعراء أن فلسطين هي بوصلة الإنسان الحر على وجه هذه الخليقة وأنها راية الحق والحرية وهي الصورة الأجمل رغم بشاعة وعفونةالمحتل ومناصريه والمتواطيئين معه.
وأعلم ياسيدي أن معركتنا مع المحتل والصهاينة والنازيين هي معركة وجود لا معركة حدود… وها هم اطفال غزة وكل اهلها يعيدون لنا الشرف الذي استبيح والكرامة التي دنستها حوافر الخيل وذل الأهل والعشيرة .
سجل….انا …انا
نحن ياسيد الشعراء في زمنا هذا لايليق بنا الا ما سماه المرحوم مؤنس الرزاز …
أحياء في البحر الميت

مقالات ذات صلة