ما بعد الحرب في أجندة الأردن

ماهر أبو طير

حرير- اليوم الثلاثاء في الأردن، مهم جدا، لقطاع غزة، حيث يشهد الأردن اليوم عقد مؤتمر دولي للاستجابة الإنسانية الطارئة في قطاع غزة مع تدهور الاوضاع الانسانية بشكل كارثي.

المؤتمر الذي يأتي بالشراكة مع الأشقاء المصريين والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة، ويتوقع فيه مشاركة رؤساء دول وشخصيات رفيعة المستوى، يضع المنظومة العربية والاقليمية والدولية امام اختبار حساس جدا، أمام تردي الاوضاع الانسانية في قطاع غزة، بعد الحرب التي يتعرض لها اكثر من مليوني وثلاثمائة الف فلسطيني، يعانون من أوضاع مأساوية على مستوى كل شيء، من اللباس، الى الدواء، مرورا بالمسكن والغذاء، وغياب التعليم والصحة والامن والاستقرار وتخريب كل البنى التحتية الانسانية التي تديم الحياة في اي بلد.

وكما قلت سابقا، فإن ما بعد الحرب سوف تتكشف كوارث كبرى مدفونة في قطاع غزة، وسنسمع الحكايات المؤلمة الغائبة جزئيا او كليا عن اعيننا هذه الايام.

لكن ما بعد الحرب سوف تتكشف كل تفاصيل الصورة المؤلمة، بما يعني ان الجهد الاغاثي بعد الحرب، اهم من الايام الحالية، مع الاشارة هنا الى ان هذه الايام، هناك شبه انسحاب من جانب جهات كثيرة من عمليات الاغاثة بسبب الواقع العسكري، واستهداف المنظمات الدولية، ووجود عراقيل لا تعد ولا تحصى، واغلاق للمعابر، وغير ذلك من اوضاع بما فيها مشاكل توزيع المساعدات ومدى وجود شبكات كافية وآمنة لإيصال المساعدات الى كل الغزيين.

مؤتمر اليوم الذي يشهده الأردن سبقه نداء للأمم المتحدة وجهه منسق الشؤون الإنسانية للأمم المتحدة في الأراضي الفلسطينية، أندريا دي دومينيكو في أبريل الماضي، أشار فيه إلى أن الأمم المتحدة بحاجة لجمع 2.8 مليار دولار بهدف مساعدة السكان الفلسطينيين في قطاع غزة والضفة الغربية المحتلة خلال عام 2024، وهذا الرقم المذهل يشمل الضفة الغربية التي تعاني ايضا من شبه انهيارات اقتصادية وحياتية في مجالات كثيرة لا يتم التركيز عليها اعلاميا، لأولوية غزة، مع العلم هنا أن 90 % من المبلغ المطلوب مخصص لغزة فقط وفقا للنداء، حيث أشار أندريا دي دومينيكو إلى أن الخطة الإنسانية لعام 2024 كانت مقدرة بـ4 مليارات دولار، لكن تم تخفيضها إلى 2.8 مليار دولار بسبب تعقيدات تقديم المساعدة الإنسانية.

تجتمع كل هذه الاطراف اليوم في الأردن الاقرب الى فلسطين، حتى على صعيد ايصال المساعدات وقدرته على ايصالها لوجستيا، والمؤكد هنا ان اجندة المؤتمر، وكلمات القادة، ورؤساء الوفود، ستؤدي الى صياغة خريطة طريق فعلية، من اجل انقاذ غزة، وهم امر محسوب للأردن في كل الاحوال، الذي يرصد بشكل دقيق تراجع مستويات المساعدة، في وقت ستفتح فيه ساعات وقف الحرب، احتياجات اعلى بشكل تفصيلي، ليأتي السؤال حول آليات ايصال المساعدات وشكلها ونوعيتها وكفايتها وتمويلها والعراقيل التي تواجه ارسالها او توزيعها.

جلسات المؤتمر مهمة من جلسة إمدادات المساعدات الإنسانية إلى غزة بما يتناسب مع الاحتياجات الإنسانية، مرورا بجلسة التغلب على التحديات التي تواجه إيصال المساعدات الإنسانية وحماية المدنيين في غزة، ثم جلسة أولويات التعافي المبكر، والمؤكد ان القرار السياسي لدى عواصم كثيرة هو الذي سيحدد مستويات التجاوب العربي والدولي.

هذا الجهد الفاعل مقدر للأردن كثيرا نظرا ايضا لمكانته وقبوله العربي والدولي، وقدرته على التأثير من اجل قطاع غزة وما يعانيه اهله، خصوصا، خلال الفترة المقبلة.

مقالات ذات صلة