رشفة حنين!.. احمد حسن الزعبي
من يرتّب خزانة الروح المكتظة ، من يطوي أكمام الشوق، من “يرفو” ثوب الليل المثقوب بالملل، من يكسر حدّ الصيف..من يعطّر المساء بضحكة ، ويفتتح الصباح الطري برشفة حنين..من بثبّت أزرار النجوم بخيط الحكايا التي لا تنتهي…من يغطّي غفوة العمر القصير غيركم..
سأكتب عن النهار الذي يبدأ بكم ،وعن السهرة التي تنتهي بكم ، عن التفاصيل الملوّنة التي نتناولها بإسهاب، عن المشاريع التي لم تنفّذ وأجلت لإشعار آخر،عن حال البلد، وطرائف الصغار، عن شكل الدار،عن الليمونة التي لا تكبر، عن إبريق الشاي الذي لا ينتهي،عن نتائج الكولسترول، وحفلات التخريج ،وعن الغياب بالتدريج ..صدّقوني أنتم الصيف والغيمة الغربية التي تتهادى تجاهنا كوسادة كبيرة قبل النوم ، أنتم ما تبقى من عشب الروح الأخضر الذي يجعلنا نحبّ الحياة أكثر..
قلت لكم انتم الصيف..فعندما تقصدون طريق المطار ،تطوى سجّادة التعليلة باكراً، وتنتهي السهرة قبل موعدها حسب توقيت الغياب ،وتتساقط الأضواء الصفراء الواحدة تلو الآخرى كما أوراق الخريف معلنة نهاية صيف حميم ..وتبقى الحيطان عارية من الضحكات والسهرات وصوت اندلاق الشاي في الأكواب..
عندما تقصدون طريق المطار ،يصبح البيت موحشاً فجأة، والهدوء مزعجاً..والساعة تعلك الوقت ببطء مستفزّ، وما نسيتموه أو تركتموه على الطاولة مربكاً إلى حد الشوق..هل علينا أن ننتظر سنة أخرى بشهورها و فصولها ،وعناقيد ليلها ،وضجيج مكائن نهارها،حتى نراكم؟؟..
ياااه كم سنة تحتاج السنة لتأتي؟!..ياااه لو أن هناك “كول سنتر للحياة” لأعرف كم بقي لي من رصيد العمر لإجراء الفرح ..يااه لو أن هناك خيار لإعادة التعبئة..
وأنتم في طريق المطار، والليل يمر سريعاً من شباك المركبة والوطن يركض بلا ملامح خلفكم، والصغار ينامون على الرُّكًب من طول المسافة ونفاد الإجازة.. تذكّروا أن وجه “فنجان القهوة” لم يضحك هذا المساء..