تنظيم الإجازة بدون راتب.. فوائد جمة

محمود خطاطبة

حرير- قرار الحكومة المتعلق بتنظيم عملية الإجازات بدون راتب، لموظفي القطاع العام، بحيث يستطيع الشخص أخذ تلك «الإجازة» لمدة حدها الأقصى 12 شهرا، خلال فترة خدمته كاملة، له فوائد جمة، تعود بالنفع على الدولة، وأولئك الذين ينتظرون بالآلاف كعاطلين عن العمل، بغية الحصول على مصدر رزق.

ليس هناك مبالغة عندما نقول إن قرار الحكومة ذلك مدروس، خصوصا إذا ما علمنا بأن هناك ثلاثة عشر ألف موظف حصلوا على إجازة بدون راتب، الأمر الذي يعني وجود آلاف الشواغر محجوزة لأولئك الأشخاص.

القرار لا يؤثر سلبا على الوضع الاقتصادي للدولة، من ناحية تحويل العملة الصعبة من العمالة في الخارج، إذ سيبقى هؤلاء في وظائفهم وأعمالهم كل في مكان إقامته، وسيستمرون بتحويل قيمة الأموال نفسها بشكل شهري كالمعتاد.

كما أن القرار لن يرتب على الموظفين الحاصلين على إجازة بدون راتب، أي التزامات جديدة، قد تؤثر على وضعهم المعيشي، خاصة أن الكثيرين منهم مشتركون في الضمان الاجتماعي، اختياريا، لا بل إن نسبة ليست بسيطة منهم قاموا بزيادة رواتبهم الشهرية، بما يسمح به القانون.. فمن المستحيل أن يقبلوا بعد كل أعوام الخدمة تلك أن تقل رواتبهم التقاعدية، بناء على ما دفعوه من اشتراكات اختيارية في «الضمان».

القرار الحكومي لن يكون سببا في «التضييق» على تلك الفئة، ولن يترتب عليه الكثير من السلبيات، خصوصا أن هناك ثلاثة عشر ألف شخص سيستفيدون من التوظيف، وبالتالي التقليل من معدلات البطالة، المرتفعة أصلاً، ومن ثم حدة الفقر، التي تزداد يوما بعد يوم، في ظل ظروف اقتصادية ومعيشية صعبة.

وإذا ما افترضنا أن هؤلاء سيقومون بتأسيس عائلات، فهذا يعني أن هناك 65 ألف فرد، تم نشلهم من براثن الفقر والعوز، مع ما يترتب على ذلك من تحريك لعجلة الاقتصاد، فمثل هذا الرقم بحاجة إلى مسكن، ومأكل ومشرب، وملبس، وتعليم.. ما يعني أن كثيرا من الحلقات الاقتصادية ستستفيد من ذلك.

كما أن المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي، ستستفيد من تعيين مثل ذلك الرقم، إذ إنه سيدر عليها دخلا يقارب الـ12.5 مليون دينار سنويا، كبدل اشتراكات في الضمان الاجتماعي، ما يعني المساهمة في تحسين واردات هذه المؤسسة.

من غير المعقول، أن يقوم آلاف الأشخاص، بحجز وظائف حصلوا عليها، وما لبثوا أن تركوها، لتحسين أوضاعهم المعيشية والأسرية.. ذلك حق لا ينكره أحد، ومكفول بالدستور وقوانين الدولة.

الطريق واضح، لا لبس فيه، من أراد العمل في القطاع العام له ذلك، وهو حق، ومن شاء أن يعمل في الخارج فذلك أيضا حق له، لكن ليس من العدل في شيء، أن يبقى الموظف يحجز وظيفة، هناك آلاف الأشخاص بحاجة إليها، خاصة في ظل شح فرص العمل في الأردن.

لست من دعاة «التسحيج» و»التطبيل» للحكومة وقراراتها وإجراءاتها وسياساتها، التي معظمها كانت تصب في مصلحة رأس المال، وضد المواطن.. لكن للأمانة المهنية، فإن قرار تنظيم الإجازات بدون راتب، صائب، ويعود بالنفع على الكثير من أبناء الأردن.

من الآن فصاعدا، لن يكون القطاع العام محطة لأولئك الراغبين في تثبيت أقدامهم وتحصيل راتب، أو من أجل الحصول على خبرة، تمكنهم من العمل في الخارج، ضمن شروط هم أنفسهم يفرضونها.. فليس عدلا أن يكمل موظف دراساته العليا على حساب الدولة، ومن ثم يغادرها إلى بلد آخر، لا بل ويريد أن يبقي على شاغره له فقط!

مقالات ذات صلة