الصفدي: إسرائيل تحاول قتل الأونروا ويجب ألا نسمح لها بذلك

حرير- حذّر نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية وشؤون المغتربين أيمن الصفدي، من أن إسرائيل تحاول قتل وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، التي تتعرض منذ سنوات لمحاولة اغتيال سياسي يستهدف رمزية الوكالة التي تؤكد حق اللاجئين الفلسطينيين في العودة والتعويض وفق القانون الدولي.

وقال الصفدي، في جلسة خاصة عقدها مجلس الأمن بطلب من الأردن حول الأونروا، أن المجتمع الدولي يجب أن يبني موقفه من الوكالة استناداً إلى تضحياتها وعملها ودورها، لا استناداً إلى الادعاءات المزيفة والأكاذيب ومحاولات تشويه التاريخ والحاضر التي تروجها إسرائيل.

وفي ما يلي نص الكلمة:

قتلها ولا تريد لها أن تقوم بدورها، فلا تسمحوا لها بذلك. فالأونروا تستحق دعمكم، لأنها وحدها القادرة على مساعدة الفلسطينيين الجائعين في غزة، وتوفير الخدمات الحيوية للاجئين الفلسطينيين في مناطق عملياتها الخمس.

إن الأونروا تستحق تقديركم على ما بذلته من تضحيات لضمان أن لا يقضي الفلسطينيون في غزة جوعاً. فقد سقط ١٧٨ شخصاً من موظفي الأونروا ضحايا لرصاص وقنابل إسرائيل.

المفوض السامي للوكالة فيليب، نجدد تعازينا العميقة لكم، وقلوبنا تعتصر ألماً لهؤلاء الذين سقطوا ضحايا ولعائلاتهم.

الزملاء الأعزاء، إن المساعدات الشحيحة التي تسمح إسرائيل بدخولها إلى غزة لا تصل إلى جميع المنكوبين في القطاع، لأن إسرائيل منعت الأونروا من القيام بواجبها استناداً للولاية التي منحتها إياها الأمم المتحدة.

إن الأمم المتحدة تضم جميع دول العالم، فعندما تقرر الأمم المتحدة، فإن العالم بأكمله هو الذي يقرر، ولذلك فإن مهاجمة الأمم المتحدة هي مهاجمة للمجتمع الدولي بأكمله، ومهاجمة للقانون الدولي، ومهاجمة للنظام المتعدد الأطراف الذي ندعمه جميعًا والذي تم إنشاء الأمم المتحدة للحفاظ عليه.

إن الأطفال الغزيون يموتون لأن الأونروا ووكالات الإغاثة الأخرى منعت من مساعدتهم، وبعض موظفي الإغاثة الذين حاولوا تقديم المساعدة لهم قتلتهم قوات الاحتلال الإسرائيلي بدم بارد. وحتى بعد الاستنكار العالمي والإدانة العالمية لمقتل موظفي الإغاثة التابعين لمنظمة المطبخ المركزي العالمي، استهدفت إسرائيل أيضاً فريق (اليونيسف) الذي نجا من الموت بأعجوبة. هذا كله ولم يكن هنالك أي تحقيق مستقل في تلك الجرائم التي ارتكبتها إسرائيل، ولم يبذل أي جهد لفرض تحقيق مستقل في تلك الجرائم الدموية، التي ارتكبت بدم بارد وهي ليست خافية على أحد.

الزملاء الأعزاء، إن الحقيقة هي ضحية أخرى من ضحايا العدوان الإسرائيلي على غزة، فحملة التضليل التي تقوم الحكومة الإسرائيلية بنشرها ضد الأونروا والأكاذيب وتشويه التاريخ والحقائق ينبغي أن لا تؤثر على الرأي العام العالمي تجاهها، بل إن عمل الأونروا الأساسي والتزامها بقيم الأمم المتحدة وتضحياتها وتفاني موظفيها، يجب أن يكون موضع اعتراف وتقدير من العالم بأكمله.

وجهت إسرائيل اتهامات ضد ١٢ من موظفي الأونروا البالغ عدد طاقمها ١٣ ألف موظف في غزة، ولقد تصرفت الوكالة بمسؤولية، وقامت على الفور بفصل هؤلاء الموظفين حتى قبل بدء التحقيق، ورحبت الوكالة وتعاونت بشكل كامل مع التحقيق المستقل الذي ترأسه وزيرة الخارجية الفرنسية السابقة كاثرين كولونا.

بالإضافة إلى ذلك أطلقت الأمم المتحدة تحقيقها الداخلي الخاص في هذه المزاعم. إن الأونروا ليس لديها ما تخفيه، فهي ترتقي إلى مستوى مسؤولياتها، وقد التزمت باتخاذ إجراءات إصلاحية تجاه أي مخالفات أو أوجه قصور في حال اكتشافها، إلا أن الاستهداف الإسرائيلي للوكالة لا يزال متواصلاً ومستمراً. إن الحملة الإسرائيلية الشعواء ضد الوكالة كانت قد بدأت قبل الادعاءات ضد ١٢ من موظفيها، فكانت الوكالة هدفاً للاغتيال السياسي منذ سنوات. إن إسرائيل تريد قتل الأونروا وما تمثله، والهدف من هجومها على الأونروا هو قتل حقوق اللاجئين الفلسطينيين، لكنها لن تنجح.

إن قتل القضية الفلسطينية، وقتل الحديث عن وجود احتلال غير شرعي وغير إنساني، يجب أن ينتهي، ولن ينجح، ويجب توفير الحماية للأونروا الآن بنفس الطريقة التي كانت تتمتع بها في الماضي.

إن الأونروا هي بارقة الأمل الوحيدة في البؤس الذي فرضته إسرائيل على اللاجئين الفلسطينيين؛ فقد وفرت الوكالة الأمل والتعليم والفرصة للاجئين الفلسطينيين في لبنان وسوريا والأردن، ولحوالي ٥،٦ مليون لاجئ فلسطيني يرون فيها رمزاً للاهتمام العالمي المستمر بمحنتهم، وتخفيف الظلم التاريخي الذي تعرضوا له.

كان هنالك أكثر من ٣٠٠ ألف طالب يدرسون في مدارس الأونروا في غزة، قبل أن يحول العدوان الإسرائيلي ما تبقى من مدارسهم إلى ملاجئ مكتظة بمئات الآلاف من أصل ١،٧ مليون فلسطيني تم تهجيرهم في غرة. ولولا الأونروا سيحرم مئات الآلاف الآخرين في الضفة الغربية وسوريا ولبنان من حقهم في التعليم والرعاية الطبية. وهنالك أكثر من ١٠٠ ألف فتى وفتاة من أصل ٢،٣ مليون لاجئ فلسطيني في الأردن يتلقون تعليمهم في مدارس الأونروا في جهد لا يمكن لأي وكالة أخرى أن تقوم بمثله.

الزملاء الأعزاء، لقد ولدت الأونروا من رحم نكبة عام ١٩٤٨، عندما هجرت إسرائيل مئات الآلاف من الفلسطينيين من منازلهم وأراضيهم. فأنشأت الأمم المتحدة الأونروا كوكالة مؤقتة لرعاية اللاجئين الفلسطينيين لحين عودتهم إلى ديارهم، إلا أنهم لم يعودوا، وفي عام ١٩٦٧ استمرت مأساة الفلسطينيين بالنزوح من ديارهم، ولذلك فإن الأونروا يجب أن تستمر ولايتها ما استمرت محنة اللاجئين، حتى يتم حل قضيتهم، وفقاً للقانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة، والتي تؤيد حقهم في العودة والتعويض، وفي سياق حل شامل للصراع، وهذا هو الالتزام القانوني والأخلاقي والإنساني. ولن يتم التوصل إلى هذا الحل إلا إذا انتهى السرطان والشر وهو الاحتلال، وتمكن الفلسطينيون من العيش بكرامة وحرية في دولتهم المستقلة ذات السيادة على وطن آبائهم وأجدادهم.

مقالات ذات صلة