أين ترسانة دفاعاتنا الجوية؟!

ابراهيم عبدالمجيد القيسي.

قبل فترة وجيزة، تناقلت وسائل الإعلام خبر طلب الأردن من الولايات المتحدة الأمريكية، تزويد المملكة ببطاريات صواريخ باتريوت، وبعضنا تندر على الخبر، وما زال هؤلاء “البعض” ينظرون إلى التحديات والأحداث من زوايا عاطفية ونفسية، لا علاقة لها لا بسيادة الدول ولا بالقانون ولا حتى بالسياسة، ولا يملكون أفقا حتى يملكوا بعد نظر، أو تفكير سليم، ونقول هذا بمناسبة “الحفلة” الاستعراضية التي جاءت في آخر ليلة من ليالي عيد الفطر، حين عبرت من سماء الأردن أجساما طائرة، تم التصدي لبعضها، و”ربك سلّم” ولم تنجم أضرار عن حطامها الذي تساقط على بوابات بعض البيوت في مرج الحمام في العاصمة عمان، وفي غيرها من المناطق.

على صعيد شخصي، أريد التأكيد بأنني أتمنى أن يحترق الكيان الصهيوني المجرم، وكل داعميه، ولست في وارد “الخربطة”، التي يفهم منها بأنني أتنكر لوجود هذا الكيان المجرم، الذي لا دستور ولا حدود للدولة التي يريد أن يقيمها جراء إحتلال أراضي وأوطان دول وشعوب عربية، فلا مجال للمزايدة على رأيي لأن الشمس لا تتغطى بغربال، إلا من قبل الأعمى والمتصهين العميل، وقد قال سبحانه بأنهما لا يستويان، أعني “الأعمى والبصير”.

إنما نتحدث بكلام سياسي حين نتكلم عن المملكة الأردنية الهاشمية، دولتنا وبلدنا ووطننا، فواجبنا أن نحمي أنفسنا ودولتنا، لأننا لسنا تنظيما سياسيا ولا عصابة، ومهما كان حجم قوتنا وإيماننا باستقلالنا وحريتنا، فنحن مطالبون بالقيام بواجبنا تجاه وطننا الذي هو بيتنا، وأول واجب في أعناقنا قانونا وشرعا وإنسانية وحرية وكرامة وشرفا، هو واجب الدفاع عن وطننا من أي خطر، حتى لو كان الخطر ظاهرة من ظواهر الطبيعة، كالزلازل والبراكين والأعاصير والأمراض وغيرها، ولأن أول متطلبات الواجب أن نملك أسلحة دفاعية عن أراضينا وأجوائنا، ونبحث عن الحلفاء الذين يمكنهم مساعدتنا في هذا الشأن، فاحتراق أملاكنا أو خراب أوطاننا أو موت مواطنينا “لا قدّر الله”، لا يؤثر إلا علينا نحن، ويجب أن تتولى الحكومة مسؤولية وواجب الدفاع عن الأردن، وإن لم تنجح في مثل هذه المهمة فتغييرها ومحاكمتها يصبح مطلبا سياسيا ووطنيا مشروعا.

الحليف السياسي والعسكري، حتى لو كانت له أجندات ومخططات في المنطقة والعالم، فعلينا أن نحصل من خلف التحالف معه على احتياجاتنا الدفاعية الكفيلة بتأمين أراضينا، ومهما كان هذا الحليف سواء أمريكا أم إيران أم غيرها، فيجب أن يكون أول هدف وراء تحالفنا معه تأميننا بما يمكننا للدفاع عن أراضينا، و”سوق السياسة مفتوح”، يمكننا أن نشتري ما شئنا من بضاعته، حيث لن تنفعنا لا العواطف ولا “المراجل” حين يجد الجد، وتتعالى وتائر الصراعات الدولية، فهذا حقنا ومطلبنا إن كنا مواطنين أوفياء لوطننا وللدولة، وإن كنا حريصين على أرواحنا وممتلكاتنا الشخصية.

عشنا “صهرة” مع ألعاب نارية، لم تتجل خطورتها الفعلية إلا على الأردن، بناء على حقيقة موقعه الجغرافي الاستراتيجي من الصراعات الدولية الاستعمارية، وانتهت الحفلة حسب الاتفاق بين الأطراف المشاركة، لكننا اكتشفنا بل تأكدنا بأننا نحن الذين يقعون في عين العاصفة، حتى لو كانت حفلة واستعراضا بين دول أو كيانات سياسية وقوى ميليشيوية ما، وبناء على ما شاهدنا، يحق لنا مطالبة الحكومة والدولة بتأمين الأردن وقواته المسلحة بالدفاعات الجوية المناسبة، لتجنيبنا خطر الإحتفالات والتجارب العسكرية التي تحدث على تخوم حدود دولتنا أو في سمائها أو فوق وتحت ترابها.. وبعض السياسيين يرفعون شعار تحالفهم لو اقتضى الأمر “حتى مع الشيطان نفسه لحماية بلدانهم”، علما أن لدينا الكثير من التجارب والنتائج والحقائق، التي تدفعنا أن لا نؤمن في عالم السياسة سوى بما يمكننا تحقيقه، وأن لا نركن لا لعلاقات تاريخية أو حسن جوار، وأن لا نعوّل على مبادلتنا الإحترام بالإحترام، فقد تم ظلم الأردن “دوليا” مليون مرّة، وتم التغافل عن دوره وموقعه وحجم التحديات التي يواجهها، جراء اصطراع الأضداد حوله.

مقالات ذات صلة