من يوميات صراع بين مخالب الكورونا

حرير – اليوم هو الأربعاء الثامن عشر من آذار.. مابين بريق أجهزة الحواسيب واشعاعات أجهزة التصوير تلمع أعين الصبايا.. إسراء طبيبة الأشعه تعرض لي صور المرضى أما عبدالعزيز الطبيب اليمني الذي التحق معنا ليتخصصص في حقل الأشعه فهو يخفي خلف تلك البسمات بحيرات من دموع الحزن فاليمن تعيس والكورونا تعبث بنا.. أما ابراهيم الغشيان الطبيب اليمني الآخر فهو أشدنا هلعا وخوفا.. صرخت في َوجهه وهو يتذمر من قصة تعقيم الاجهزه.. الأجهزه معقمه فلا تكثر من البربره.. شعرت باني قسوة عليه ولكن من واجبي ان ازرع الثقه في عائلتي الثانيه.. أشخاص يحضرون إلى قسم الأشعه.. فرنسيين وعرب.. الكمامات تخفي انوفهم ونصف وجوهم… كانوا يتبخترون وملامحهم كرجال الفضاء حين نزلوا على إحدى الكواكب.. وحين تدور حول جهاز المراقبه فإن جهاز التصوير الطبقي يدور بسرعة خاطفه حول صدورهم وهم مستسلمون لتلك الاضواء المنبعثه ليظهر ذلك الفيروس اللعين معششا في صدورهم.. هاهو يظهر على شكل ندفات كبيره من الثلج وأحياناً على شكل كرات من القطن الأبيض الناعم.. كنت انظر في عيون الصبايا والحيرة والهلع يقاسم الابتسامات.. عرين الكركيه والدكتوره معالي حفيدة عبده موسى طبيبات مجتهدات ينتظرن دورهن الليلة في المناوبه.. ليلة البارحة اتصلت معي الدكتوره المناوبه سكينه الشرع عن حالة شاب مطعون في العنق ويجب أن التحق في القسم لتقييم وضع الشرايين والاورده ونحن في منتصف الليل.. أما مناوبة الليله فقد تركت في المساء زهراء العراقية والتي أصبحت أردنيه بعد أن تزوجها طبيب أردني.. تركتهن خلف تلك الأبواب الرصاصيه في قسم معزول بين تلك الاجهزه المرعبه وحين غادرتهن شعرت بأني احمل حقائب السفر واودع بناتي..لا أحد يعلم أن تلك الصبايا بعمر الورود وقد تخصصن بهذا المجال انهن يملكن عزيمة أقوى الرجال ولكن في كل ليلة أشعر بمعاناتهن وهن يسهرن الليل بطوله ليعدن في عاشرة صباح اليوم التالي وقد تركن الاولاد والازواج.. هذه حالنا بوجود ضيفنا الكورونا او بضيافة غيره من اوجاع البشر.. وعلى كل حال فقد تركت فينا الكورونا دفء العائلة المترابطه وأنا أشعر بالسعاده والاطمئنان بين بناتي واولادي من أطباء وفنييي الأشعة والذين هم جنود المشاه ومن يتقدمون الصفوف.

د العبد العكايلة – كبير استشاريي الأشعة في وزارة الصحة

مقالات ذات صلة