فليتّحد العالم ضدّ الإجرام الصهيوني.. أوقفوا مجزرة رفح

تقرير إخباري "حميد سعدون "

حرير – سيكون من الغباء الاعتقاد بأنّ مجرم الحرب – رئيس سلطة الاحتلال الصهيوني بنيامين نتنياهو – قد تصرّف بمفرده حين شرع في تنفيذ المخططات الصهيونية العدوانية باقتحام مدينة رفح، استكمالا للمجزرة المتواصلة على قطاع غزة وما رافقها من عمليات تهجير قسري شامل ضدّ الفلسطينيين.

وبعيدا عن تلك الفقرات والجمل الاعتراضية – في وسائل الإعلام – التي أشارت إلى أنّ محادثات عجوز البيت الأبيض الرئيس الأمريكي جو بايدن مع نتنياهو عبر الهاتف، شهدت خلافات متزايدة بين الجانبين حول ما يسمّى بلغة التلطيف “العملية العسكرية المحتملة في رفح”، فإنّ الواقع اليومي في غزة يثبت حقيقة واحدة مفادها أنّ الاحتلال الصهيوني – وبدعم كامل من بايدن – يواصل استكمال مشروع حرب الإبادة وأنّ مقدّمات العدوان على رفح تشير إلى أنّ المجزرة – في حال سمح العالم بتنفيذها – ستكون كارثية وبأقصى درجة من الدموية.

لقد أعطى بايدن الضوء الأخضر لنتنياهو للمضي قدما، في ارتكاب الكارثة، مع الحرص على استخدام عبارات من قبيل “يجب اتخاذ إجراءات احترازية إزاء المدنيين”، وهو مجرد خطاب مفرغ من معناه، ذلك أنّ الجيش الصهيوني العاجز عن مواجهة رجال المقاومة الفلسطينية، سيجد فرصته في رفح لإشباع شهوة الدماء لديه في منطقة مزدحمة بالسكان (1.4 مليون نسمة)، حيث يوجد 27 ألف فلسطيني بكل كيلومتر مربع في رفح.

تصاعد الدعوات لمنع اجتياح صهيوني ضدّ رفح

وتصاعدت أمس الاثنين الدعوات الإقليمية والدولية إلى وقف العدوان على رفح، ومنع عملية اجتياح بري توعّدت بها سلطة الاحتلال وتثير قلقا بالغا في أرجاء العالم، وقد جاء ذلك بعد استشهاد نحو 100 فلسطيني وإصابة العشرات، معظمهم نساء وأطفال، في قصف إسرائيلي عنيف على منازل ومساجد في رفح جنوبي قطاع غزة ليل الأحد.

واعتبرت حركة المقاومة الإسلامية “حماس”، الهجوم الصهيوني استمرارا لحرب الإبادة الجماعية ضدّ الشعب الفلسطيني، ودعت إلى تحرّك دولي عاجل لوقف العدوان، فيما استضاف الرئيس الأمريكي جو بايدن – يوم أمس – ملك الأردن عبد الله الثاني في واشنطن، حيث ناقش الاثنان ما يوصف بـ”القلق المتزايد بشأن عملية عسكرية (إسرائيلية)” محتملة في مدينة رفح، وكذلك جهود إعادة المحتجزين في غزة.

بوريل: علينا فعل شيء غير القلق

أوروبيا، قال مسؤول السياسة الخارجية والأمن بالاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، إنّ 1.7 مليون فلسطيني في مدينة رفح ليس لديهم مكان يلجؤون إليه، وإنه يجب أن يستمر الضغط على الكيان المحتل لمنعه من مهاجمة المدينة، وجاء ذلك في مؤتمر صحفي عقده أمس الاثنين قبيل مشاركته في الاجتماع غير الرسمي لوزراء التنمية في بلدان الاتحاد الأوروبي بالعاصمة البلجيكية بروكسل.

وأوضح بوريل أنّ الاجتماع سيتناول آخر التطورات المتعلّقة بالأزمة الإنسانية الحاصلة في قطاع غزة، الذي يتعرّض لحرب صهيونية مدمّرة، وأضاف “علينا فعل شيء غير الإعراب عن قلقنا، والكثير من الناس باتوا يقولون إنّ تصرفات الاحتلال غير متناسبة، وإنّ عدد القتلى بلغ حدا لا يطاق، حتى الرئيس الأمريكي جو بايدن قال ذلك”.

وبدوره، جدّد المدير العام لمنظمة الصحة العالمية، تيدروس أدهانوم غيبريسوس، أمس الاثنين، الدعوة إلى وقف لإطلاق النار في قطاع غزة، وعبّر عن قلقه بشكل خاص إزاء الهجمات الإسرائيلية على رفح، حيث فرّ معظم سكان القطاع.

وقال غيبريسوس، إنّ 15 فقط من أصل 36 مستشفى في غزة “لا تزال تعمل جزئيا أو بالحد الأدنى” من طاقتها، وإنّ العاملين في مجال الإغاثة يبذلون قصارى جهدهم في ظلّ ظروف لا يمكن تصوّرها، وقالت الأمم المتحدة إنّ أكثر من 85 % من سكان قطاع غزة نزحوا، وإنّ القطاع يواجه مجاعة حيث يعاني واحد من كل 5 أطفال دون سن الخامسة من سوء تغذية حاد.

وقد حذّرت منظمة أطباء بلا حدود، أمس الاثنين، من أنّ هجوم الاحتلال البري المحتمل على مدينة رفح جنوب قطاع غزة، سيكون كارثيا، ويجب وقفه في المنطقة المكتظة بمئات آلاف النازحين الذين لجؤوا إليها للنجاة من القصف العنيف في بقية مناطق القطاع.

وقالت رئيسة المنظمة، ميني نيكولاي، في سلسلة منشورات على منصة إكس، “الهجوم البري الإسرائيلي المعلن على رفح سيكون كارثيا، ويجب ألا يستمر”، وسط تحذيرات دولية من إبادة قد تنتج عن استهداف المدينة المكتظة بالنازحين.

وحذّرت نيكولاي “مع استمرار القصف الجوي للمنطقة، يواجه الآن أكثر من مليون شخص، يعيش العديد منهم في خيام وملاجئ مؤقتة، تصعيدا كبيرا في هذه المذبحة المستمرة”.

وشهدت رفح ليل الأحد إلى الاثنين هجومات دامية راح ضحيتها عشرات القتلى والجرحى إثر غارات إسرائيلية عنيفة، واشتباكات بين المقاومين الفلسطينيين والجيش الإسرائيلي شمال غرب المدينة المكتظة بالنازحين، في تجاهل إسرائيلي واضح للتحذيرات الدولية.

وقوبلت الهجمات الشرسة على رفح بتنديد وإدانة فلسطينيين، وسط تحذيرات من استخدامها أسلوبا للتهجير القسري للفلسطينيين خارج قطاع غزة، خاصة مع الإعلان الإسرائيلي عن الاستعداد لاجتياح المدينة المكتظة بمئات آلاف النازحين.

وكانت جامعة الدول العربية، قد حذّرت يوم السبت، من التبعات الخطيرة لقيام الاحتلال الصهيوني باستهداف مدينة رفح جنوب قطاع غزة، مطالبة بتحرك دولي للحيلولة دون وقوع كارثة تزيد من تصعيد الأوضاع في المنطقة، وقالت الجامعة على لسان أمينها العام أحمد أبو الغيط: “إنّ دفع مئات الآلاف للنزوح من قطاع غزة هو انتهاك للقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني، فضلا عما يمثله من إشعال خطير للموقف في المنطقة”.

وأكّد أبو الغيط – في بيان – أنّه على العالم أن ينتبه لخطورة الممارسة الصهيونية “المدفوعة بأجندة يمينية متطرفة تريد إفراغ القطاع من سكانه، وتحقيق تطهير عرقي متكامل الأركان يجب ألا يكون له مكان في هذا العصر”، مشدّدا على أنّ نوايا الاحتلال بفرض واقع النزوح على مئات الآلاف من الفلسطينيين الذين لجأوا إلى رفح كملاذ أخير من الهجمات العشوائية على المدنيين، هي خطة مكشوفة ومرفوضة على طول الخط وتنطوي على تهديدات خطيرة للاستقرار الإقليمي، وأوضح أنّ مسؤولين في الكيان الصهيوني لم يخفوا نوايا التهجير والترحيل للسكان، بل وإعادة المستوطنات إلى قطاع غزة، بما يجعل التحرّك الدولي في هذه المرحلة ضرورة للحيلولة دون وقوع كارثة تزيد من تصعيد الأوضاع واشتعالها على مستوى الإقليم.

منظمة “أكشن إيد” تحذّر

من جانبها، حذّرت منظمة “أكشن إيد” الدولية من أنّ الهجمات على محافظة رفح سيكون له عواقب وخيمة، وسط مخاوف من اجتياح بري لرفح التي تضم الآن أكثر من نصف سكان قطاع غزة.

وقالت “إكشن إيد” في بيان لها، إنّ الغارات الجوية التي تزايدت في منطقة رفح الواقعة أقصى جنوب القطاع المحاصر، ستوقع بلا شك عددا كبيرا من الضحايا، مشيرة إلى أنّ المنطقة تستضيف الآن أكثر من 1.4 مليون شخص، أي أكثر من خمسة أضعاف عدد سكانها المعتاد، مما تجعل توزيع المساعدات أكثر صعوبة.

وأضافت المنظمة أنّه لم يعد هناك مكان يمكن للناس في غزة اللجوء أو الهروب إليه، حيث تم إجبار أكثر من 85 % من سكانه البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة على مغادرة منازلهم خلال الأشهر الأربعة الماضية، كما نزح العديد منهم عدة مرات.

وقد أدى التدفق الهائل للأشخاص الذين يصلون إلى رفح إلى فرض ضغوط هائلة على البنية التحتية والموارد، إلا أنّ الناس ما زالوا يتوافدون بالآلاف، كما أشارت إلى أنّ الاكتظاظ شديد حيث تملأ الخيام كل المساحات المتاحة، بعضها يتسع لما يصل إلى 12 شخصا، في حين تكتظ الملاجئ غير الصحية بالآلاف من الأشخاص بشكل متزايد.

وأوضحت المنظمة، أنّ كل شخص في غزة يعاني الآن من الجوع ولا يحصل الناس إلا على 1.5 إلى 2 لتر من المياه غير الصالحة للشرب يوميا لتلبية جميع احتياجاتهم، ما يجعل الناس أكثر عرضة للأمراض والالتهابات التي تنتشر بسرعة بين السكان في ظلّ عدم وجود ما يكفي من الطعام والملابس الدافئة الضرورية للوقاية من الطقس البارد والمطر.

الوضع خرج نطاق السيطرة

وقالت مسؤولة التواصل والمناصرة في منظمة “آكشن إيد” فلسطين، رهام الجعفري، “نشعر بقلق بالغ إزاء التقارير التي تفيد بوجود اجتياح بري محتمل في رفح وزيادة الغارات الجوية على المنطقة، الأمر الذي سيكون له آثارا كارثية”.

وحتى لا يخرج الوضع عن نطاق السيطرة، طالبت ذات المسؤولة بوقف فوري ودائم لإطلاق النار والسماح بدخول ما يكفي من المساعدات المنقذة للحياة إلى المنطقة، وأكد المتحدث باسم اللجنة الدولية للصليب الأحمر في غزة، الدكتور هشام مهنا، تدهور الأوضاع في مدينة رفح، جنوبي غزة جراء الهجمات الصهيونية، في ظل تكدّس أكثر من 1.5 نازح فلسطيني.

وقال مهنا، في تصريح إعلامي أمس الاثنين، بأنّ “النازحين في رفح أصبحوا منعزلين بشكل كامل عن الوصول إلى الخدمات الأساسية التي تمكّنهم البقاء على قيد الحياة كالغذاء والدواء وخدمات الصرف الصحي والمياه الصالحة للاستخدام الآدمي، مع تفشي العديد من الفيروسات الفتاكة من بينها كورونا والأنفلونزا والتهاب الكبد الوبائي، وسط صعوبة الوصول إلى الرعاية الصحية، مما يجعل الوضع الإنساني والصحي في تدهور مستمر، وذلك بسبب الهجمات الصهيونية المستمرة على غزة”.

وحذر المسؤول الدولي من شنّ الكيان الصهيوني “أي عملية برية على الأرض أو تصاعد الهجمات على مدينة رفح خاصة في ظلّ انعدام أي أماكن آمنة في قطاع غزة”، مستنكرا “بشدة” القصف الصهيوني ليل الأحد على رفح والذي أسفر عن سقوط العشرات من بينهم نساء وأطفال.

وأشار المتحدث باسم اللجنة الدولية للصليب الأحمر في غزة، إلى محدودية القدرة الاستيعابية لمستشفيات خان يونس، في ظلّ نفاذ مخزون الأدوية والمستلزمات الطبية وصعوبة الدخول إليها بسبب الحصار الصهيوني المفروض عليها، نافيا في الوقت ذاته المعلومات التي أفادت بإبلاغ الكيان الصهيوني اللجنة الدولية للصليب الأحمر بإجلاء المدنيين من رفح إلى خان يونس قبل بدء الاجتياح البري.

مقالات ذات صلة