ماذا تبقى أمام النواب؟
جهاد المنسي
حرير- بعد إقرار الموازنة العامة للدولة عن السنة المالية 2024 من قبل مجلس النواب، واستعداد غرفة التشريع الثانية (الأعيان) لإقرارها والموافقة عليها، وكذلك موافقة مجلس النواب على تعديل المادة 49 من قانون الانتخاب المتعلقة بعتبة الفوز في الدوائر المحلية، حيث اشترط التعديل الجديد فوز 3 قوائم في الانتخابات المخصص لها 3 مقاعد فأكثر، فإن أجندة المجلس بدأت تتقلص رويدا رويدا، وتناقص عدد مشاريع القوانين المتبقية في أدراج المجلس.
عمليا، في ادراج المجلس النيابي الحالي على المستوى التشريعي عدد من مشاريع القوانين المركونة منذ فترة، ولكنها جميعا ليست قوانين مستعجلة، ويمكن إرجاءها لأوقات ومواعيد لاحقة، كما حصل مع مجالس سابقة، باستثناء مشاريع قوانين يمكن تقديمها واتخاذ قرار بشأنها، وابرزها مشروع القانون المعدل لقانون نقابة الاسنان مثلا، ومشاريع أخرى يمكن التعامل معها خلال الفترة المتبقية من عمر الدورة العادية الحالية التي يتوقع ان تكون الأخيرة من عمر المجلس، والتي تنتهي دستوريا في العاشر من نيسان (أبريل) المقبل، اي بعد نهاية شهر رمضان المبارك.
بطبيعة الحال يمكن ان ترسل الحكومة للنواب مشاريع قوانين خلال الفترة المتبقية، ويمكن للمجلس إقرارها، فهناك فسحة من الوقت لذلك، كما ان عمر المجلس دستوريا ينتهي في بدايات تشرين الثاني المقبل، بمعنى انه يمكن عقد دورة استثنائية لإقرار مشاريع قوانين قد ترى الحكومة حاجة لها مستقبلا.
أما على المستوى الرقابي فإن المجلس لديه الكثير من الأسئلة النيابية والردود الحكومية التي يمكن ادراجها على جداول اعمال المجلس في الفترة المقبلة، كما يمكن للمجلس عقد جلسات مناقشة عامة لأمور طارئة، فضلا على ان تقارير ديوان المحاسبة موجودة وشبه جاهزة للنقاش من قبل النواب، وتلك التقارير يمكن للمجلس الحالي ان يسجل سبقا، ويقوم بمناقشتها خلال الفترة المتبقية من عمر دورته العادية الحالية، لاسيما وان كل تقارير الديوان السابقة تمت مناقشتها من قبل اللجنة المالية، ولم يتبق سوى التقرير الأخير الذي يمكن للجنة مناقشته، وارساله للنواب لبحثها جميعا تحت القبة.
وفق المواقيت الدستورية فان المجلس النيابي الحالي امامه فسحة جيدة من الوقت، وهذا الوقت يمكنه من التعامل مع أي مستجدات او تعديلات على مستوى قانون الأحزاب مثلا او تعديلات دستورية ضرورية لا تتعدى مادة او مادتين؟ وهنا تعود للواجهة فكرة اجراء تعديل دستوري على المدة الزمنية التي يمكن منحها لإجراء الانتخابات النيابية بعد حل المجلس، حيث يمكن رفع المدة الزمنية لإجراء الانتخابات من أربعة اشهر كما في الدستور حاليا إلا ستة اشهر مثلا.
بطبيعة الحال، تلك الرؤية بشان التعديل الدستوري تبقى بمثابة حديث صالونات سياسية ولا يمكن الجزم ان كان قد توفرت لدى عقل الدولة نية التعديل ام لا، ولكنه حديث يدور في صالونات سياسية وخاصة في ظل عزم الدولة الإبقاء على المواقيت الدستورية فيما يتعلق بمدة مجلس النواب، وإجراء الانتخابات في مواعيدها، ولعل المقترح برفع المدة الزمنية بين حل مجلس النواب، واجراء الانتخابات أساسها منح فترة زمنية كافية للأحزاب والراغبين بالترشح، وخاصة في ظل تلبد الأجواء السياسية المحيطة وعدم وضوح الرؤية.
عمليا، وفق كل المعطيات الأولية، فان عقل الدولة لا يرغب حتى الآن، بتمديد مدة المجلس رغم ان التمديد فعل دستوري، وما تزال رؤية الدولة تدفع بالذهاب للحفاظ على المدد الدستورية في مواعيدها، وهذا لا يعني ابدا القطع الجازم في الرؤية المستقبلية للمجلس الحالي، وانما لا بد من التذكير ان كل الأمور والتطورات مرهونة بالمستجدات العامة داخليا، وعربيا، وفلسطينيا، وإقليميا، فالتطورات ستلعب دورا يقينا في الكثير من المواقيت المستقبلية.