تغيير في لغة الخطاب لا تغيير في التوجهات

حاتم الكسواني

بعد أن وصلت تقارير سفارات الدول الغربية والسفارات الأمريكية إلى إداراتها والتي أفادت بأن غضبا عارما يعتمل في صدور مواطني الدول العربية والإسلامية بسبب حرب الإبادة التي يشنها الكيان الصهيوني على أهل غزة ، سارعت إدارات هذه الدول بتغيير لغة خطابها المسموم بناء على توصية من سفاراتها بشكل يوحي بتغير مواقفها من هذه الحرب ،  ولكن دون إدانتها أو الطلب بوقفها ، الأمر الذي يشي برغبتها منح الكيان الصهيوني مزيدا من الوقت لتحقيق أهدافه القاضية بالقضاء على قوى المقاومة الإسلامية بغزة ، والتي لم يتمكن منها بعد أكثر من 90 يوما من هذه الحرب الظالمة سوى تحقيق مزيد من القتل للمدنيين العزل .

ومن مهازل ماتذهب إليه جوقة المسؤوليين الغربيين والامريكيين التحرك لمنع توسع الحرب بين الكيان الصهيوني والقوى المتحالفة مع حركة حماس إلى حرب إقليمية لإدراكها بان الكيان لا يستطيع ان يحقق إنتصارا في حرب مع عدة جبهات ، ولكنهم في نفس الوقت لا يعملون على الدعوة  لوقف الحرب على غزة تاركين  جيش الكيان الصهيوني للإستفراد بأهل غزة وقتلهم بلا هوادة بمجازر يومية يندى لها جبين الإنسانية جمعاء .

بالأمس أبدى أنتوني بلينكن وزير الخارجية الأمريكية حزنه على مشاهد الأطفال الذين يتم إنتشالهم أشلاءًا من تحت أنقاض المنازل التي دمرتها الطائرات الإسرائيلية ، كما أبدى تفهمه لمعنى فقد الاب لابنه كما شاهده في حالة وداع الصحفي وائل  الدحدوح لنجله  الصحفي الشهيد حمزة ولكن دون  أن يستنكر  ما اقدمت عليه قوى البغي الصهيوني في هاتين الحالتين اللتين  إستشهد بهما في  مخالفة منها لكل الأعراف والمواثيق الدولية ، حيث جسد بلينكن بذلك النفاق في لغة الخطاب الأمريكي التي تم إستحداثها في مخاطبتنا .

وبعد أكثر من تسعين يوما من حرب الإبادة على غزة يستمر النفاق الأمريكي  ولغة المراوغة والخداع حتى وصلت لأقوال تخالف الأفعال ، ففي الوقت الذي تقدم الولايات المتحدة الأمريكية للكيان الصهيوني المال والسلاح والعتاد القاتل تتواصل جولات مسؤوليها في منطقتنا وكل يدلي بتصريح مختلف عن تصريح زميله من الإدارة الأمريكية بشكل يذكرنا بإستراتيجية الجوقة التي ابتدعها جوبلز وزير دعاية هتلر حيث تشوش التصريحات المتباينة المشهد السياسي وتربك المتلقين من فهم مقاصدها بينما الحقيقة التي باتت واضحة كوضوح الشمس بأن الإدارة الأمريكية إن لم تكن قائدا لحرب الإبادة الممنهجة ضد إخواننا الفلسطينيين فهي شريك وظيفته تهيأة المسرح لاحداثها ، ولاعب يهدد بالتدخل ضد أي طرف يقرر مؤازرة الطرف الفلسطيني ، أو أنه  يتدخل لحماية الكيان الصهيوني من الانهيار والإندحار أمام ضربات المقاومة الغزاوية بترتيب هدن مؤقتة أو كما اليوم بالبدء بالترويج بأنها ستطلب من الكيان الغاشم بوقف عمليته الحربية على غزة .

وبعد ..فنحن نرى اليوم بأن قوى المقاومة الإسلامية بغزة ” القسام والجهاد الإسلامي ”  قد أرهقت جيش الكيان الصهيوني وحطمت معنوياته وكسرت شوكته ، كما أرهقت الإقتصاد الإسرائيلي وزعزعت تماسك المجتمع الإسرائيلي بين مغادر لدولة الكيان إلى حيث قدم إليها منه ، ونازح من مستعمرات الشمال والجنوب إلى وسط إسرائيل ومعارض لجدوى استمرار الحرب  ، ومطالب لعقد صفقة تبادل أسرى مع حماس و معارضة تتطالب برحيل نتنياهو في ظل صراع وخلاف بينه وبين مجلس الحرب فيها  … ناهيك عما تواجهه إسرائيل من صعوبات بسبب مناوشتها من قبل حزب الله على الجبهة اللبنانية  والحوثي في   اليمن  والمقاومة الإسلامية في العراق …. بمعنى آخر فإن إسرائيل ستكون بوضع يهدد وجودها لو فتحت عليها  كل الجبهات المحيطة بها ، ومن اجل ذلك جد ماجد على لغة النفاق في  الخطاب الأوربي الأمريكي الموجه لشعوب منطقتنا  …. تغيير في لغة الخطاب ولكن دون تغيير في التوجيهات.

 

مقالات ذات صلة