الهولوكوست … وكيف تتقمص الضحية شخصية جلادها

كتب حاتم الكسواني

في رحلة لوفد عمالي أردني شاركت بها  الى بولندا  كمرافق إعلامي تم ترتيب  زيارة لنا  لموقع الهولوكست { المحرقة } حيث يقال بان يهود بولندا أُحرِقوا بها…. عشرات الأفران المعدنية بنقالات سحابة يوضع الجسم المنوى حرقه عليها ويتم ادخاله للفرن المغطى… عشرات الواجهات الزجاجية المعروض فيها خصل شعر مقصوصة يدعى بانها لمن تم حرقهم… عشرات الواجهات المكتظة بالجماجم… والملفت للإنتباه عشرات آلاف الزوار الأسرائيليين الذين أموا المكان بتنظيم من حكومة الكيان الغاصب وفق خطة صاغتها عقلية مريضة محتقنة  تهدف إلى إذكاء مشاعر الحقد و العنصرية   وإبقائها حية في نفوسهم .

مجموعات تتجول في المكان رافعة  الأعلام الإسرائيلية وهم يركضون و ينشدون ويصرخون ويملئونه ضجيجا ،  بينما مرشدنا البولندي يحرص على ان لانلتقي  معهم وجه لوجه .

استغربت من حرص الكيان الإسرائيلي على إبقاء مشاعر الألم والحقد والتأزم مشتعلة في صدور مواطنيهم بدلا من العمل على إبراء نفوسهم منها ، فالحقد يجر حقدا … وهذا ما يفسر كل الجرائم التي يرتكبونها بحق المواطنين الفلسطينيين دون أن يرف لهم جفن .

وهذا مايفسر عقيدة العدو الصهيوني المريض القائمة على القتل والتدمير دون تمييز ، تماما كالثور الهائج الذي يدمر كل شيء يقع في طريقه .

لكن المفارقة المحيرة تتمثل في كيفية استبدال الكيان الصهيوني عدوه الحقيقي النازي بابناء الشعب الفلسطيني ليوجه إليهم سهام حقده وساديته وإحتقانه.

الواقع أن نظريات علم النفس السلوكي تؤكد بأن الضحية غالبا ما تحاكي أساليب وممارسات جلادها ، وهذا ما تأكد لي عندما شاهدت فيديو لفلسطيني يروي شاهدته عن احداث عام 1948 حيث روى كيف دخل الصهاينة إلى فرن فلسطيني وقاموا بالقوة بإلقاء ابن صاحب الفرن أمامه إلى بيت النار ثم اتبوعه بصاحب الفرن ولكم أن تتخيلو الالم والرعب والخوف الذي اصابهما أثناء  عملية محاولة صاحب الفرن وولده الإفلات منهم ، والخروج من بيت النار وماعانوه أثناء حرقهم أحياء .

هم ساديون لم يبرأوا من معاناتهم بفعل إصرار قادتهم ومنظري مشروعهم الإستعماري الإحلالي إبقاء أوار حقدهم مشتعلا في نفوسهم .

وعليه فإنني أرى أن الأمتين العربية والإسلامية اخطأتا بالأمس البعيد والقريب ،  واليوم في تشخيص حقيقة خطر وجود هذا الكيان المريض بين ظهرانينا ، لانه كيان يعتمل في أعماق نفسه عقدة المجرم الحاقد الذي يؤمن بسلوك القتل والإبادة الجماعية ، ويعادي بلا عقل ولا وعي ، ومن خوفه وجبنه وامراضه المزمنة يسقط ما أقترف ضده من عنصرية وعنف على الغير  فيرتكب مجازر تلو مجازر  .. ذلك كان في عام 48 ، وفي كل حروبه معنا مرورا بابشع جرائم العصر “صبرا وشتيلا “… وسيبقى يقترف مجازره ضد أبناء شعبنا  مالم نجتثه من جذوره لانه يشكل خطرا داهما على أجيالنا بما يحمله من قناعات وخطط واستراتيجيات يعمل وفقها للتوسع في بلادنا و بممارسة  التصفية العنصرية والإبادة الجماعية  لأبنائنا واجيالنا .

وقبل أن نعود لقصة زيارتنا لموقع الهولوكست البولندي نسجل عتبا على فقر مخرجات مؤتمر قمة الرياض العربي الإسلامي الذي لم يرقى لتقدير أدنى مستويات الخطر الذي يشكله هولوكوست غزة .. ولا الخطر الذي يواجهه أبناء غزة اليوم ،  ولا إنعكاساته على أبناء الأمتين العربية والإسلامية والعلاقة بين القادة وشعوبهم غدا .

ونعود لقصتنا عن زيارتنا لموقع الهولوكست حيث قلت لدليلنا في الموقع الذي حرص على عدم مواجهة جموع الزائرين اليهود الصهاينة وجها لوجه:

هم الذين يجب ان يهربوا من مواجهتنا فنحن الذين تمارس علينا نازيتهم وهم الذين احتلوا بلادنا ويقتلون اطفالنا ونسائنا وجميع فئات شعبنا .

انكم تذكون حقدهم وتطرفهم بزيارتهم لهذا المكان ليعودا به علينا قتلا وتدميرا .. نحن لم نحرقهم ولا قتلناهم .. ولكن انتقامهم تم تجييره عن النازي الذي نكل بهم الينا .

هز رأسه موافقا وخرجنا الى باحات يبدو منها تماثيل بالحجم العملاق جدا تحيط بكنيسة مجاورة وتمثل مراحل تعذيب اليهود لسيدنا المسيح وجرجرته وتثبيته على صليبه الخشبي ورفعه مصلوبا مدميا بصورة يندى لها التاريخ .

قلت : ماهذا التناقض وما الهدف … يذكرونهم بمحرقتهم وعن بعد يذكرونهم بإجرامهم ضد نبي الله .
قلت لدليلنا البولندي وانا اشير للتماثيل أهكذا فعلوا بولدنا يسوع .
قال مستغربا هل انت الله.. حسب معتقده.
قلت انا ابن  فلسطين  ويسوع منا وهو ابن مريم البتول العمرانيه… فهو ولدنا وهم الآن ينكلون في فلسطين بأهله وربعه وعشيرته. ويقتلون اطفاله ونسائه وشيوخه .

أنهم النازيون الجدد الذين تقمصوا أخلاق جلادهم بأبشع ما فيها .

مقالات ذات صلة