
تأثير حرب غزة على الاقتصاد العالمي
رامي خريسات
حرير- تأتي الحرب الشرسة على غزه لتجثم على رأس الاضطرابات العالمية وفوق تداعيات الغزو الروسي لأوكرانيا والتي يمكن أن تدفع أسواق السلع الأساسية العالمية إلى مياه مجهولة، وفقا لأحدث تقرير لآفاق أسواق السلع الأساسية الصادر عن البنك الدولي.
سوف تصبح آفاق أسعار السلع الأساسية أكثر قتامة بسرعة إذا تصاعد الصراع في ظل ثلاثة سيناريوهات للمخاطر استنادا إلى المعلومات التاريخية منذ السبعينيات. في السيناريو «المخفف للحرب « ستنخفض إمدادات النفط العالمية ما بين 500 ألف إلى 2 مليون برميل يوميًا – أي ما يعادل تقريبًا الانخفاض الذي شهدته الحرب الأهلية الليبية في عام 2011، وبموجب هذا السيناريو، سيرتفع سعر النفط في البداية بين 3 % و13 % مقارنة بمتوسط الربع الحالي، ليتراوح بين 93 و102 دولار للبرميل.
في السيناريو « المتوسط» – أي ما يعادل تقريبًا حرب العراق في عام 2003 – سيتم تقليص إمدادات النفط العالمية ما بين 3 إلى 5 ملايين برميل يوميًا. وهذا من شأنه أن يدفع أسعار النفط إلى الارتفاع بنسبة 21 % إلى 35 % في البداية، إلى ما بين 109 دولارات و121 دولاراً للبرميل. وفي سيناريو «الاضطراب الكبير» – المشابه للحظر النفطي العربي في عام 1973 – سينكمش إمدادات النفط العالمية بمقدار 6 ملايين إلى 8 ملايين برميل يوميًا. وهذا من شأنه أن يدفع الأسعار للارتفاع بنسبة 56 % إلى 75 % في البداية، إلى ما يتراوح بين 140 و157 دولارًا للبرميل.
من الواضح اننا نحن نعيش من ناحية سعر البرميل في السناريو المخفف للأسعار وهو المرشح بالاستمرار لأن تصاعد الصراع غير وارد في ظل ان العدو الإسرائيلي مستفرد بغزة وأهلها، ولو تصاعد الصراع فإن الاقتصاد العالمي سيواجه صدمة طاقة مزدوجة، لأن ارتفاع أسعار النفط يعني حتما ارتفاع أسعار المواد الغذائية مما يضيف قيودا واعباء على البلدان خاصة المعتمدة على تصدير المواد الغذائية مما سيضطرها لوضع قيود تصديرية.
آثار العدوان حتى الآن محصورة اقتصادياً ومتفاقمة انسانياً، فقد عززت البلدان في جميع أنحاء العالم دفاعاتها ضد صدمات النفط، حيث انخفضت كمية النفط اللازمة لتوليد دولار واحد من الناتج المحلي الإجمالي بأكثر من النصف منذ عام 1970. ولدى الكثير منها قاعدة أكثر تنوعا من مصدري النفط وموارد طاقة موسعة، بما في ذلك مصادر الطاقة المتجددة، وقد أنشأت بعض البلدان احتياطيات نفطية استراتيجية، ووضعت ترتيبات لتنسيق العرض.
صناع السياسات يجب أن يظلوا في حالة تأهب، حيث يصدر الذهب تحذيراً التوقعات المستقبلية فقد ارتفعت أسعاره نحو 8 % منذ بداية الصراع وهو صاحب الارتباط الفريد مع المخاوف الجيوسياسية الذي يرتفع في فترات الصراع وعدم اليقين، مما يشير في كثير من الأحيان إلى تآكل ثقة المستثمرين.
لا ننسى بجانب كل ما سبق إن استمرار امد ارتفاع أسعار الفائدة وارد، والذي كانت تأمل البنوك المركزية من خلاله ترويض التضخم سيزيد من صعوبة حصول الحكومات والشركات على الائتمان وسيقربها من التخلف عن السداد، الذي يستوجب إعادة هيكلة لديون قائمة مما يجعل الصورة اكثر قتامة.
الخلاصة، الحرب التي يجب ان تتوقف، تصاعدها معناه تراجع الامن الغذائي العالمي، وتفاقم التضخم، وتعني ان الأدوات النقدية والمالية التقليدية مثل تعديل أسعار الفائدة أو الإنفاق الحكومي أقل فعالية.



