الى اين يرحل المبدعون.. ؟..عبد الحميد محادين انموذجا..

ا.د حسين محادين

حرير- (1)

تُرى؛ هل تغيب؛ أم تأخذ قِسطا من الراحة؛ اجساد، وارواح، الادباء القلقة على الدوام, وهي تسعى على سطح هذه البسيطة ، تغفو ام تذبل بانتقالها من ضفة الحياة الدنيا التي يتوق ويحارب فيها المبدعون سعيا نحو العدالة وتقليل غموض الحياة نفسها قبل أن يرحلوا الى ضفة الغيب الاخرى تحت الارض ونحو عنوان غامض لديهم غالبا، لأنه تعبير وفعل مهيب ،موغل في التأويل والتناصات،اذ عُرٌف أو أتُفق على تسميته وعنونته معا بالموت الذي يتساوى فيه جسدياً للمرة الوحيدة تحت التراب كل من:-

الساذج والمبدع، العالم والجاهل؛ الفقير والثريّ، الحاكم والمحكوم، الاجساد وظلالها حتى ان الالوان تتخلى عن اختلافاتها ؛ترى هل ينطبق الحال ربما على المبدعين وما أبدعون…؟.

( 2)

رحل المُعلم المغالب/ الشاعر الاديب والناقد الاكاديمي د. عبد الحميد سالم محادين من مواليد الأردن- الكرك 1939 بعد ان استقر في مملكة البحرين الشقيقة منذ بداية ستينيات القرن الماضي وحامل لجنستها، اذ عمل معلما في مدرسة الهداية الخليفية التى رصد ووثق وفاء لها وللبحرين كتابا تأصيليا لمسيرة وتطور المسيرة التعليمية هناك. ثم انهى درجة الدكتوراة من معهد البحوث العربية في القاهرة باشراف الاكاديمي والناقد الابرز الدكتور صلاح فضل، ثم عمل كاديميا في جامعة البحرين التي اصبح فيها عميدا لشؤون الطلبة لبضع سنوات.

*الانسان والشاعر

توفي هذا الانسان الشاعر الاسبوع الماضي في البحرين وهو الذي جسد موقفه الاشهر من الشعر قائلا في رد على سؤال احد الصحفين العرب لماذا لم تطبع شعرك بديوان فرد بحسم الواثق قائلا “عندما اضيف شيئا جديدا للشعر العربي اطبع ديواني الاول”. ومن اشعاره ذات الانساني النبيل..

“..متجول أجمع الآهات من فوق الحناجر..اجمعها وأسافر كل باكِ هو أهلي”.

اما في الغزل فقال..قصيدة بعنوان موعد

“…لا تلوكي شفتيكِ ما التقينا الآن صدفة..موعد جئتُ اليه كما جئتِ اليه بلهفة… قد ركضنا العمر اطفالا اما للحب وقفة ….تافه من من ينكر العشق ومن يقتله أتفه”.

*ناقد لاذع..ووثق سيرته الذاتية..

عُرف عنه بانه ذا قراءات مسامية لافته للنصوص والاصدرات المميزة في الادب العربي التي تناولها تجذيرا واشهارات لاحقة ،حيث

صدر له العديد من الاصدارات النقدية ومنها مثلا وليس حصرا:-

-البنية السردية في روايات عبد الرحمن منيف.

جدلية الزمن والمكان في الرواية الخليجية.

-من مؤاب الى دلمون….حيث وثق الاديب الراحل ملامح رئيسة من جذور مسيرة معاناته بعناوينها الحياتية في طفولته، والمضايقات السياسية التي عاشها في نهاية خمسينيات القرن الماضي هو وجيله راصدا في الوقت ذاته الاحداث المهمة التي مر بها الاردن ناقلا مشاهدا من معايشته الشخصية مع بعضها مثل اغتيال رئيس الوزراء الراحل هزاع المجالي ، ليضىء بحساسية الشاعر تفاصيل انتقاله للعمل في البحرين بداية الستينيات من القرن الماضي.

مثقف واعلامي

ساهم الراحل في اعداد وكتابة العديد من البرامج الثقافية في البحرين، مثلما عمل عضوا في هيئات تحرير في الكثير من المجلات ومنها مجلة البحرين الثقافة، علاوة عل استضافته المدعمة لحضوره الثقافي عبر العديد من البرامج الشهيرة مثل خليك بالبيت مع الاديب اللبناني زاهي وهبة، كما استضافته المثقفة العربية كوثر البشراوي..والكثير من الحوارات عبر فضائية البحرين وغيرها،أذ خلف بعده الكثير من اسباب التميز واستدامة الحضور المفخرة كانموذج للمثقف الاردني كسفير عبر ضاد الامة الانسانية ونون الاردن والبحرين معا في وحدة الاخوة والمصير .

اخيرا…

اقول ان الحداد لا يليق بالمبدعين انما كانوا في بطيني الحياة على سطح الارض ام في باطنها اي ضفيتي الحياة؛ فهم حاضرون في ابداعهم واصدراتهم التي ستنتفع بها الاجيال..وإلا ما هو مصدر الخلود ودوام الحضور البهي لفلاسفة ومبدعون لم نعاصرهم لكنهم حاضرون وخالدون في وجدان الاجيال عبر قرون ..الم تكن مؤلفاتهم المدونة والمميزة بمضامينها التوعوية الباسقة هي سر بقائهم بيننا واستمرار إستحضارنا الراقي لهم كأعتراف نبيل منا بأهمية وتفرد إسهاماتهم في حياتهم وبعد إبحارهم الى الضفة الاخرى من الحياة الآخرة؟.

رحم الله “ابا ساسان”..والعزاء الناجز لزوجته وافراد اسرته ولكل رفاقه بوجع الضاد وخلودها.

مقالات ذات صلة