عن جمعة حمادٍ.. الكلمة التي تكتب التاريخ …. بلال حسن التل

رحم الله الحاج جمعة حماد، فهاهو يعلم الناس بعد مماته، كما علمهم في حياته، فبعد مماته بسنوات صدرت مذكراته التي كان قد عنونها ب(رحلة طالب علم)، وهو عنوان قمة في التواضع، من رجل له سيرة مثل سيرة جمعة حماد، وثقافة مثل ثقافته، واستاذية مثل استاذية حمعةحماد في الصحافة والسياسة والجهاد.
جمعة حماد الذي حفظ في صباه بعض كتب طه حسين غيبا، وهضم كتب عباس محمود العقاد، ومصطفى صادق الرافعي، وادمن مبكرا على قراءة مجلة الرسالة لأحمد حسن الزيات وماادراك مالرسالة ومن الزيات، ومعها ادمن على قراءة مجلتي الثقافة لأحمد زكي والكاتب المصري، لطه حسين.

وجمعة حماد الذي كتب في صحف فلسطين والجهاد والدفاع، ومجلة الغد، والذي شارك في تأسيس جريدتي المنار و الدستور، ومجلة الافق الجديد، والجوردن تايمز، بعدما انقذ جريدة الرأي.

وجمعة حماد صاحب مجمرعة الكتب الفكرية والساسية والروائية، مثل عرب ويهود في ساحة الصراع، وشارات على طريق العمل الإسلامي، ورحلة الضياع، وبدوي في أوروبا، ناهيك عن الاف المقالات في شتى المو ضوعات، بالرغم من ذلك كله، فان هذا الكبير جمعة حماد لم يجد غضاضة بأن يسمي مذكراته (رحلة طالب علم)، فاين من هذا التواضع غرور بعض إدعياء الصحافة، ممن يزعمون انهم صناع تاريخ، وانهم انقذوا قادة،واشاروا على زعماء، واين من هذا التواضع ممارسات بعض إدعياء الصحافة ممن ينصبون أنفسهم قضاة يصدرون الأحكام جزافا على الناس.

وجمعة حماد الذي سعت اليه ارفع المناصب، فصار امينا عاما للاتحاد الوطني الأردني، مشروع الدولة الأردنية المبكر لتنظيم الاردنيين و جهودهم في إطار حزبي قوي، وجمعة حماد الذي سعت اليه العينية والوزارة، ولم يسعى لهما، فقد عاش ومات وهو يعتز بأنه صحفي، وان موقع رئيس التحرير اكبر من كل المواقع، لأن الكلمة هي التي تكتب تاريخ الأفراد والجماعات، وقد كان جمعة حماد يؤمن بأن كلمته الحرة قادرة على خدمة وطنه وشعبه أكثر من كل شاغلي المناصب، الذين كانوا يتوددون للصحفي الحر، قبل أن ينقلب الحال، فيصير إدعياء الصحافة يلهثون وراء المناصب، ويتمسحون باذيال شاغلي المناصب، وصارت مقالات بعضهم فواتير مدفوعة الأجر، فهانوا وهانت الكلمة ورخصت الصحافة.

هذه الصور وغيرها تداعت إلى خاطري وانا اقراء مذكرات الراحل جمعة حماد، رحلة طالب علم.
لقدعرفت الحاج وهو احب الالقاب لقلب جمعة حماد، وانا بعد صبي، حينما كان ياتي من القدس إلى اربد ليتفقد أوضاع جريدة المنار، وتوزيعها في اربد، فكان لابد من ان يمر بمنزلنا فقد كان صديقا لوالدي، لم تنتهي صداقتهما، فقد فارقا الحياة وهما عليها، وفيان لها، وعرفته عندما نشر لي في جريدة الدستور اول مقال وانا بعد طالب بالمرحلة الاعدادية، ثم عرفته عن قرب اكثرعندما احترفت الصحافة مبكرا، وصرت اقراء بتمعن مقالاته التي كان ينشرها في جريدة اللواء، التي أصدرها ابي واتسعت لمقالات كبار الكتاب كسعد جمعة وجمعة حماد، وحسني عايش وغيرهم كثير. ممن غذت مقالاتهم ثقافتي.

مناسبة هذا الحديث هو فراغي من قراءة مذكرات الراحل جمعة حماد (رحلة طالب علم) التي تؤكد لك قرأتها انك تقرأ لكاتب ينطلق من رؤية حضارية ، ترتكز على فهم عميق للاسلام، رؤية تعكسها خلاصات وعبر ودروس في مقالاته، التي كان يكتب الكثير منها بأسلوب أدبي رفيع، فيه الكثير من التشبيهات البليغة، التي تساهم بوصول الرسالة إلى متلقيها، فقد كانت الصحافة عند الحاج جمعة حماد رسالة، وهو ماستتأكد منه عندما تقرأ كتاب رحلة طالب علم.

مقالات ذات صلة