
ثلاث خيبات في اسبوع واحد.. حسين الرواشدة
من حصاد هذا الأسبوع الأول من الشهر الثاني للعام الجديد تقع عينيك على ثلاثة اخبار تبدو “متنوعة” ، لكنها تنتظم في حلقة واحدة من مسلسل طويل عنوانه اكتشاف “الخيبات”.
الخبر الأول يتعلق بجرد حساب الغياب في مجلس النواب ، حيث أعلن مركز راصد ان احد النواب حاز على المرتبة الاولى بمعدل (15.7%) في مادة حضور الجلسات، فمن بين 38 جلسة عقدت طيلة العام الماضى سجل على دفتر الحضور 6 مرات فقط، اما الخبر الثاني فيتعلق بقرارات تعيين اصدرها مجلس الوزراء تقضي بتعيين اربعة مسؤولين في وظائف الدرجات العليا ، ليتبين لاحقا ان هؤلاء اقرباء لاربعة نواب .
يبقى الخبر الاخير وهو”الكارثة” التي تعرض لها سوق الذهب المعروف وسط العاصمة، حيث مضى اكثر من ثلاثة شهور على عمليات الحفريات العميقة فيه ولم تكتمل بعد ، مما عرض اصحاب المحلات لخسارات كبيرة نتيجة اغلاق هذا الشارع الحيوي ، وما زالت نداءاتهم لامانة عمان لكي تتحرك وتباشر العمل تتردد في الفضاء بلا استجابة.
في كل خبر من هذه الاخبار الثلاثة نكتشف “خيبة” جديدة تضاف الى سجل الخيبات التي اكتشفناها ” وبلعنا” تداعياتها في السنوات الماضية، فالنائب ( ومثله نواب اخرون) الذي اقسم على القيام بدوره في تمثيل الناس والدفاع عن همومهم وقضاياهم ، والهب مشاعرنا بمواعظ دينية وسياسية تحض على الامانة والاخلاص في العمل ، يفاجئنا بحضور اقل من متواضع لجلسات واعمال المجلس التي يفترض ان يلتزم بها ، ليس فقط لان ذلك من صميم واجبه السياسي وانما ايضا ليقدم لنا النموذج الديني الذي سمعناه منه على امتداد السنوات الماضية.
في الخبر الثاني ايضا نستدعي الخيبة ، حين نتذكر وعودا اطلقتها الحكومة منذ تشكيلها ، وخاصة في موضوع “التعيينات” بالوظائف العليا الشاغرة ، بان تكون على اعلى درجات الشفافية ، وبموجب معايير واضحة تعتمد الكفاءة كاساس للاختيار ، ونتذكر ايضا المبادرة التي اطلقها الرئيس الرزاز قبل اعوام ( وكنت احد الموقعين عليها) لالغاء ما تم من تعيينات خارج اطار نظام الخدمة المدنية في مجلس النواب ، ثم ها نحن نكتشف بان ما سمعناه ونسمعه يختلف تماما عما نراه في الواقع، الامر الذي استوجب تدخل جلالة الملك للايعاز للحكومة ان تراعي الكفاءة في اي تعيينات ، وان يكون الاختيار على اساس الكفاءة والعدالة وبموجب القانون فقط.
يبقى الخبر الاخير، فقد قدمت لنا امانة عمان ايضا “فصلا” جديدا في مسلسل خيبات فوضى الشوارع ومشاريع بنائها او اصلاحها ، منذ قصة الباص السريع وصولا الى الحفر ومناهل التصريف التي نشهدها تغرق شوارعنا مع كل شتاء، لكن قصة شارع سوق “الذهب” تبدو اكثر ايلاما ، اذ مضى على التجار الذين تقع محلاتهم التجارية في هذا الشارع المغلق نحو ثلاثة اشهر وهم ينتظرون اعادة تعبيده ، لا تسأل عن خساراتهم فهي اكبر من ان تحصى ، لكن بمقدورك ان تقارن ذلك مع تجارب في دول اخرى عديدة ، انجزت بناء جسور وطرقات على البحار في غضون شهور، فيما يحتاج شارع لدينا بطول كيلو متر واحد الى عام ربما حتى يعاد تعبيده(تزفيته : ادق).
لايوجد لدي مزيد من التعليق على هذه الاخبار ، يكفي فقط ان اشكر الملك الذي دعا الجميع الى تصحيح ما وقعوا فيه من اخطاء ، واقول : ان من حق الناس ان تشعر بالخيبة بعد ان كشفت هذه الوقائع وغيرها عن حقيقة ما فعلناه بانفسنا ، ليس الحكومات فقط ولا النواب ، وانما نحن جميعا ، سواء كنا مسؤولين في القطاع العام ، او حتى مواطنين ، لاننا ما زلنا صامتين لا نجرؤ ان نحاسب من يخطئ او نقول للمخطئين (اضعف الايمان ) : كفى…وفهمكم كفاية.