لمن يهمه الأمر في وزارة الداخلية

ماهر أبو طير

حرير- هذه ليست أول مرة، إذ تكررت مرات كثيرة، وكل مرة بالصدفة، لكنها حدثت معي، قبل يومين، مجددا، والمشهد مفجع، لاعتبارات كثيرة، ولا تعرف لمن توجه اللوم هنا حصرا أيها القوم.

توقفت عند محطة الوقود، عبأت السيارة بالبنزين بما جاد الله علي من دنانير كثيرة أو قليلة. لا يهم. وحين دفعت للشقيق العربي في المحطة، أعاد لي بقية المبلغ، واضطر أن يقوم بإخراج ماله من جيبه، لإعطائي باقي المبلغ، فخرجت بين يديه عشرات بطاقات الأحوال المدنية، رزمة فيها بطاقات من شتى المشاتل والمنابت والأصول والأنساب، لكن يجمعهم جميعا احتجاز هوياتهم الرسمية، هنا يتوحدون في جيب الشقيق العربي، رعاكم الله، بعينه التي لا تنام.

سألت الشقيق عن هذا، فحدثني عن قصص يقوم فيها أصحاب السيارات، بتعبئة خزانات الوقود، ولا يدفعون إما لكونهم يدعون أنهم نسوا مالهم في البيوت أو المكاتب، وإما لأن بطاقات الفيزا التي تخصهم لم تعمل فجأة لسبب أو آخر، وإما لكون البعض يقول إنه بلا مال وبحاجة للوقود وسيعود بالمبلغ، ويحجز هويته لدى محطة الوقود، ضمانة وتأكيدا على أنهم سيعيدون المبلغ، والكل يقدم رقم هاتفه، دليلا على الصدقية، وأنه جاد، لولا الظرف المستجد والطارئ.

حسنا. سألته هل يعودون لك بالمال ويستردون هوياتهم، أجابني بكل ثقة أن أكثر من تسعين بالمائة لا يعودون، برغم مرور الأيام والأسابيع والشهور، وأن هذا ليس حاله هو وحده، بل حال أغلب عمال محطات الوقود الذين لديهم هويات رسمية، لأعداد مهولة من المواطنين، برغم التواصل معهم لاحقا، وحضهم على استرداد هوياتهم، ودفع ما عليهم من حقوق.

فكرت في القصة مطولا، وإذا ما كانت دليل فقر أو حاجة، أم نصبا واحتيالا، وقدرة سهلة على إخراج هوية بدل فاقد، خصوصا، أن هوية الأحوال وهي وثيقة رسمية، مهمة جدا في الأردن، وبدونها لا تمشي مترا في أي مكان، وحين يقول لك عامل المحطة أن المبالغ تتراوح بين خمسة دنانير وخمسين دينارا، تدرك أن هناك فرقا بين حالة وحالة، من حيث الدوافع في حجز الهوية.

 

مقالات ذات صلة