حالة البلاد.. فهد الخيطان

قبل أسابيع أطلق المجلس الاقتصادي الاجتماعي تقريره السنوي “حالة البلاد”، وهو وثيقة نادرة يعدها خبراء في مختلف مجالات الاختصاص لمراجعة الاستراتيجيات والخطط والأهداف المعلنة للحكومات بمختلف القطاعات، والخروج بتوصيات قابلة للتنفيذ، تساهم في تحسين مستوى الخدمات المقدمة للمواطنين.

لم يكتف المجلس الذي يرأسه الدكتور مصطفى حمارنة بإصدار التقرير، بل نظم سلسلة من جلسات العمل لتدارس محاور التقرير في مجالات الصحة والنقل والبيئة والزراعة والتعليم، بمشاركة المسؤولين الحكوميين والخبراء في مسعى من المجلس لتحويل التوصيات والاقتراحات إلى أجندة عمل.
تأسس “الاقتصادي الاجتماعي” قبل 11 سنة، وتكفل بالمهمة حينها وزير الخارجية الأسبق عبدالاله الخطيب. وعهدت للمجلس مهمة أساسية وهي تقديم الاستشارة للحكومة ومساعدتها على صنع السياسات بمختلف القطاعات.
كان هذا ما ينقص الحكومات الأردنية دوما، وبدا أن المجلس مرشح للعب دور مؤثر في هذا الميدان، وأطلق في ذلك الوقت دراسة غاية في الأهمية عن الطبقة الوسطى في الأردن أشرف على اعداها الخبير الاقتصادي والوزير السابق إبراهيم سيف.
مع مرور الوقت لم تعد الحكومات تكترث بوجود المجلس ودوره وتقاريره وتراجعت مكانته إلى حد المطالبة بإلغائه بعد أن غدا في نظر البعض عبئا على الخزينة.
بعد تولي الدكتور الحمارنة رئاسته استعاد المجلس حيويته، وبدأ يفرض حضوره في المشهد رغم حالة اللامبالاة من طرف المسؤولين. وقد أظهر عدد قليل من الوزراء اهتماما بدور المجلس وتفاعلوا مع مبادراته وانصتوا لتوصياته.
حدث هذا التحول في زمن حكومة الدكتور هاني الملقي، وبدفع من جهات عليا في الدولة، كانت تدرك على الدوام الحاجة للاستعانة ببيوت الخبرة الوطنية ومراكز الدراسات في صناعة السياسات.
وخلال الأشهر الماضية نشط المجلس على أكثر من صعيد وبادر إلى مواكبة النقاشات الوطنية حول قضايا حيوية كقانون ضريبة الدخل، وتقديم اقتراحات وأفكار لصانعي القرار، وتقييم السياسات المتبعة في أكثر من قطاع، بما يساهم في إنجاز برامج الاصلاح المطروحة.
لا نعلم إلى أى مدى استفادت الحكومة السابقة من توصيات المجلس، لكن الظاهر من المخرجات والنتائج وما آلت إليه الأمور، أنها كانت تقرأ من كتاب آخر.
ليس هناك حكومة أفضل من حكومة الدكتور عمر الرزاز لبناء شراكة حقيقية مع المجلس الاقتصادي الأجتماعي. الرزاز رجل سياسات من طراز رفيع، اشتغل في هذا الميدان سنوات طويلة، ويعرف حق المعرفة مدى الأهمية التي توليها حكومات الدول المتقدمة لدور مراكز الدراسات والاستشارات المتخصصة عند رسم السياسات.
والدكتور الرزاز على صلة وثيقة بالمجلس قبل توليه رئاسة الحكومة، وربما يكون شارك فيما مضى بجلساته النقاشية وتقاريره الدورية.
وما قدمه المجلس أخيرا من مساهمات في باب تقويم وتطوير أداء قطاعات حيوية في البلاد، يصلح لأن يكون أحد المراجع الأساسية لإعادة بناء استراتيجيات الحكومة وخططها لإصلاح أحوال البلاد، خاصة وأننا بصدد مؤسسة رسمية تتبع حكما للحكومة، وليست جهة استشارية أجنبية تكبد الخزينة نفقات كبيرة مقابل دراسات وأبحاث متخصصة.

 

مقالات ذات صلة