تشويه سمعة الفلسطينيين لهذه الأسباب

ماهر أبو طير

حرير- حرب تشويه سمعة الفلسطينيين متواصلة في الدول الغربية، هذا على الرغم من تاريخ اسرائيل المتمثل بمئات المذابح التي تم ارتكابها بحق المدنيين طوال اكثر من 75 سنة، ومافعلته ايضا في حروبها، وبرغم ذلك بقيت في حالة حرب ولم تنم اسبوعا بهدوء.

هل الدم العربي والمسلم والفلسطيني رخيص الى هذه الدرجة التي يتم فيها التعامي عن كل حروب اسرائيل وقتلها لفلسطينيين وأردنيين ولبنانيين وسوريين ومصريين وغيرهم في ظروف مختلفة؟ ولماذا يكون مسموحا هنا سفك دماء المدنيين، دون اي ردود فعل محددة؟

الانطباع الابرز في العالم العربي، يقول ان الغرب منافق جدا، وله معايير مزدوجة، وانه حليف اسرائيل الذي أسسها، ويدافع عنها، وهذا يعزز مشاعر الكراهية في المنطقة، والنظرة الى الغرب، بشكل عام، والذي يسأل الخبراء والمحللين فيه عن سبب كراهية الجنوب للشمال، وثنائية التحالف الاعمى بين الغرب واسرائيل، مكلفة امنيا على دول الغرب، وتحولها الى هدف هش وحساس من جانب كثيرين، وهو ما لا تحتمله دول الغرب اصلا، ولا تريده.

في كل الاحوال فإن هذه القراءة تريد بعد هذه التوطئة ان تشير الى امرين، اولهما ان هذه ليست حرب غزة فقط، بل هي حرب فلسطين في جبهة غزة، والفرق بين التعبيرين كبير، لاننا اذا واصلنا التورط بمصطلحات “حرب غزة” وعزلها عن كل قصة فلسطين، نكون قد عزلنا القطاع، وفصلنا كل القضية الفلسطينية، عن سياق المشهد، وقدمنا نموذجا دمويا للقطاع واهله، وكأنهم وحدهم سبب المشاكل، فيما بقية الفلسطينيين ينعمون بدولتهم وببلادهم ومواردها.

والامر الثاني يرتبط بملف المسجد الاقصى تحديدا، إذ إن كل ردود الفعل على اسرائيل في ملف الاقصى، تنفجر عادة من غزة، مع الاشارة الى الانتفاضة الثانية التي جاءت بسبب دخول غير المأسوف عليه شارون الى المسجد الاقصى، والاشارة ايضا الى مواقف المقدسيين ودفاعهم في كل المحطات عن المسجد الاقصى، وهذا يعني ان ملف المسجد الاقصى ملف لا يمكن لإسرائيل ان تتوهم بقدرتها على ادارته، او التحكم فيه، او فرض اي سيناريوهات داخل الحرم القدسي، ولو جربت فسوف تكتشف بنفسها الكلفة في كل فلسطين التاريخية، وفي كل دول جوار فلسطين، وبما يمتد الى ما هو اوسع، خصوصا، بعد التحالف الغبي الذي ظهر فيه الغرب مؤيدا بشكل كامل لاسرائيل، دون اي ادانات اخلاقية لقصف المدنيين والمستشفيات والمساجد والكنائس والمدارس، والاطفال والنساء والمدنيين، بحيث تبددت كل شعارات حقوق الانسان التي يتنباها الغرب.

والادهى والامر، ان دول الغرب ادخلت نفسها في ذات حزمة اسرائيل، من حيث ردود الفعل القصيرة، والمتوسطة، وطويلة المدى، بما يهدد امنها من جانب جماعات كثيرة تريد تكريس العداوة مع دول الغرب، وترفض الاعتدال والانفتاح والتسامح والتفاهم وبناء الشراكات.

محاولات تشوية سمعة الفلسطينيين بكونهم عملاء وأجراء لدى تنظيمات عربية، وعواصم اقليمية، يراد منه تفسير عملية الهجوم على اسرائيل يوم السابع من تشرين الأول، بكونها تنفيذا لتعليمات من دول محددة، والقصد النهائي من هذا الكلام، ابطال شرعية دفاع الفلسطينيين عن المسجد الاقصى، وتقديمهم بصورة الاداة الاقليمية التي تستعملها اطراف لها مشاريعها.

وهذا كله استخفاف بأصل القصة، قصة قهر الفلسطينيين، واحتلال كل فلسطين، وذبح الابرياء، وتشريد الملايين، وسرقة الارض، وتهديد المسجد الاقصى، وانعدام اي حل سياسي، وهو خط اسرائيلي، يتواصل على مدى اكثر من سبعة عقود دون اي نتائج، ولو كانت اسرائيل تمثل “احتلالا عاقلا” لحسمت امرها بكون كل الدموية التي مارستها لم تمنحها استقرارا، بل باتت مجتمعا للحرب والقتل، بما يجعلنا نسأل عن مصيرها، وهو السؤال الذي يسأله ايضا الخبراء الاستراتيجيون في مجتمع الاحتلال، الذين حذروا مرارا في كل دراساتهم من زوال اسرائيل، وتفكيك بنيته الداخلية، وسقوط جاذبيته الدينية والليبرالية والاقتصادية لدى البعض.

اسرائيل برغم كل قوتها التدميرية، وتحالفاتها العالمية لم تتمكن على مدى عقود من ان تستقر اسبوعا واحدا، وعلى هذا فإن مصيرها النهائي واضح، طال الزمن ام قصر.

 

مقالات ذات صلة