عناد … اللّي تخاف الخيل طاريه.. د. محمد عبدالكريم الزيود

الله يا عناد ماذا تركت لنا من فخر يا ابن دمي وابن عمي ، وابن الوجع الأردني الذي إقتسمناه ذات ضحى ، إستندْ وإنظرْ لهذه البلاد التي زرعناها يوما طيبا وشجاعة ، يا عناد ” يّللي تخاف الخيل طاريه” ، نذكركَ أنتَ وفتية من بني حسن ، وقطعتم القرى مع عيال “الزواهرة” قاصدين دروب العسكرية، يومها صهلتْ البنات بالزغاريد ، ” ولفي شاري الموت ولابس عسكري” ، كنت زاهيا بالبدلة الخاكي ، جنديا برتبة فارس، وعلى صدرك عُلّقت أوسمة كنجمات السماء ، وكوشم “السيّال ” على خدّ المزيونة ، وها أنا اليوم أقرأ وجهك يا عناد بعد سبعين عاما ، وجهك ما زال نديّا كوجه أبي وقت الصلاة ، واقفا شامخا كالرمح ، عيناك تشعّان حماسة ، وفيك سمرة كتراب موارس ” الكمشة ” ، حتى عروق يديكَ تضجّان بالأنفة كعروق الزيتون المزروع على روابي وأكتاف “بيرين “، تقبض بيديك النابضتين بالشجاعة على بندقيتك بكل طمأنينة الدنيا ، والأصبع على الزناد ، مخافة أن تسهى عيُنكَ قدر رفّة رمش .

تعال يا فتى وسأسندُ رأسي على رأسكَ ، تعال أصلح لك عقالكَ وقد مال زهوا للنشميات وهُنّ يعبرن دروب الهوى ، فلا تميل يابن بلادي فكتفك نحتاجه، فلا تميل حتى لو مالت الدنيا ، متى كان لنا وللوطن كتفا غير الجيش العربي ، تعال وإرفع عن جبينك هدب شماغك ، وقد نسجته أمّك كقصائد شعر ، شماغا أحمر كالدّم يحضن “الشعار” بين الحاجب والجبين .

يا عناد نذكرك ذات زمان أردني ، كان الجيش العربي حول القدس ، يحمونها بسيوفهم ، وكنت أنتَ تسند ظهرك على أسوارها ، تحرسها من خيبات الزمن وسوء النوايا ، وقد عرفتك طرقاتها وحاراتها وشبابيكها ومساجدها ، والقدس يا عناد مثل الخيل الأصيلة، تعرف فرسانها وتعرف وقع أقدامهم ،وصوت رصاصهم يوم نادى حابس المجالي يوم اللطرون ، فانتفضتم لها وكانت أرواحكم على كفوفكم وأنتم تحدون :

“جيناك يالقدس الشريف نفديك بدم رقابنا صهيوني وإرحل يا لعين هذي البلاد بلادنا ..”

فسلام عليك يا عناد ، سلام عليك حيثما ترقد ، سلام على الرفاق الشهداء الذين لم يخذلوا القدس وفلسطين ، سلام على زمن كنتم وستبقون أجمل ما فيه ، نقاءً وبهاءً وشجاعة وفروسية .

مقالات ذات صلة