قانون الدولة القومية.. د. رحيل محمد غرايبة

الكيان الصهيوني يؤكد في كل وقت وفي كل محطة زمنية أن هذا الكيان يمثل خطراً على الانسانية وخطراً على الوجود البشري وخطراً على الإقليم، وخطراً على القانون الدولي، وخطراً على الأعراف المستقرة لدى شعوب العالم، وتأتي الخطورة من جهة اخرى من خلال شرعنة الباطل وقوننة الظلم من جهة، ومن خلال تواطؤ الدول العظمى وعلى رأسها الولايات المتحدة، وتطويع المؤسسات الدولية من أجل السكوت على ممارساتها العدوانية الظالمة.

فهذا الكيان قام ومازال يقوم على الاستيلاء على أرض الغير بالقوة، فهو يصادر الأرض من أصحابها ويهدم المنازل ويشردهم في العراء، ويريد أن يشرعن هذا العمل العدواني بقانون يسمح « لليهودي « ديانة أن يستولي على أرض غير اليهودي، وأن يأخذ منزله بحجة أن « الدولة « تقوم على خدمة يهود العالم وتوطينهم تحت قانون الدولة القومية.
الخطر على الانسانية يأتي من خلال إصدار تشريعات وقوانين تعترف بإنسانية اليهودي ولا تعترف بإنسانية الفلسطيني، بمعنى أن حقوق الانسان تعني حقوق الانسان اليهودي فقط، وليس الانسان بصفته الآدمية، وعندما يشرعون قانوناً للامن فيقصد بالأمن أمن « الفرد اليهودي « ولا يعني ابدا حق الأمن لكل انسان، وهذا ينطبق على كل الحقوق التي تقررها مواثيق حقوق الانسان، مثل حق الحياة، وحق الكرامة، وحق التنقل وحق التملك وحق التعبير عن الرأي، فهذا كله بنص قانون القومية يقصد بها حقوق الانسان الذي يحمل العقيدة اليهودية على وجه الحصر.
هذه الدولة تقوم على الاساس الديني وبكل صراحة ووضوح، وعبر التشريعات والقوانين الظالمة، ومع ذلك هناك تواطؤ أمريكي وتواطؤ غربي عموماً وتخاذل دول الشرق دون أي استنكار، بينما ترفع عقيرة الاستنكار ضد كل من يحاول إقامة كيان ديني أو على أسس دينية.
هذه الدولة تقوم على أسس الفصل العنصري بكل وضوح وعبر منظومة تشريعية متكاملة، ومنظومة سياسية شاملة، ومع ذلك لاتستطيع مؤسسات الأمم المتحدة ولايستطيع مجلس الأمن أن يستنكر هذا الفصل العنصري المستنكر لدى العقل الانساني الجمعي، ولدى المنطق التشريعي الدولي.
هذه الدولة تبيح عبر تشريعاتها الظالمة اعتقال الأطفال وسجنهم وتعذيبهم، وتيح لجنودها قتل المدنيين واعتقال النساء، وضربهن وخلع ملابسهن، وتتيح لجنودها الرد على طفل يرمي حجراً على دبابة بالرمي بالرصاص الحي والاعدام الميداني، وكل من يشتبه به دون سؤال أو محاكمة أو تحقيق.
هذه الدولة تتيح لجنودها الاعتداء على المساجد وتدنيس دور العبادة، واغلاقها ومنع الأذان، عبر قوانين وتشريعات نافذة بكل صلف، ودون صدور اي اتهام بانتهاك الحريات الدينية، أو أي اتهام بالتعصب الديني الأعمى.
هذه الدولة تتيح لنفسها الرد على طائرة ورقية لطفل بطائرة اف (16) والضرب بالصواريخ لمن يطلق بالونات في الهواء لأنها تثير الرعب في أوساط المستوطنين الصهاينة في الارض الفلسطينية و يصدر ذلك بكل صراحة على لسان رئيس وزراء الكيان الصهيوني أمام كل وسائل الاعلام العالمية وتتيح لنفسها قتل المتظاهرين المدنيين دون استنكار أو شجب من أحد.
هذه الدولة تشرعن لنفسها ضم الأراضي المحتلة المعترف باحتلالها في كل تشريعات العالم، وتتيح لنفسها اقامة المستوطنات فيها لأناس يتم استقدامهم من أوروبا وبعض دول العالم دون دون تعرضهم لظلم أو بطش من أحد، ويتم اقتلاع أصحاب الأرض من أرضهم، دون استنكار أو شجب أو اتهام بالإرهاب.
هذه الدولة تتيح لنفسها ضم مقدسات الأخرين ونزعها من أصحابها أمام أنظار العالم الحديث والقديم وتتيح لنفسها الحفر تحتها وهز اركانها وزعزعة بنيانها وتتيح لنفسها تغيير هوية المكان المحتل، وتغيير الأسماء واستبدالها، والعبث بالتاريخ والجغرافيا.
هذه الدولة تفرض عقيدتها ( بالهولوكوست ) على العالم، ومن ينكر عقيدتها أو ينتقدها يتعرض للعقوبة بحكم القانون في كثير من دول العالم، ويدفع الفلسطينيون ثمن ( الهولوكوست ) لمدة قرن من الزمن دون أن يكون لهم علاقة بالمسألة لا من قريب ولا من بعيد.
هذه الدولة تمارس الاحتلال في القرن الواحد والعشرين على نحو لم يتم ممارسته من قبل أي أمة أو شعب في التاريخ، فهو احتلال استيطاني ديني عنصري استعلائي قومي تاريخي جغرافي، يقوم على تزوير الحقائق وتضليل الرأي العام العالمي وفرض ذلك بالقوة الغاشمة. لكن في الختام يتحمل المسؤولية كل عربي أو مسلم يقر بالخضوع لهذا الظلم ويعترف به ويسهل له ويبرر خضوعه بأي شكل من اشكال التبرير.

مقالات ذات صلة