نديم ولعبة المنافسة مع الغرب .. د. محمود الرجبي

فوز الـمَغْرِب أظهر أن جزءًا من الغرب لا يتقبل المنافسة عِنْدَمَا يوقن هزيمته على يد منافسيه.
أكرر لست من المهتمين بالرياضة، وَلَكِن ما حَصَلَ مَع الـمَغْرِب عِنْدَ فوزه عَلَى إسبانيا، وأمس فِي فوزه ضِدَّ البرتغال، وردود الفِعْل فِي بَعْض المواقع العَالَمِيَّة الناطقة بِاللغَةِ الإنجليزية، يجعلنا نتوقف قليلًا، لنعيد التفكير بِبَعْضِ الاعتقادات الَّتِي رسخت فِي عقولنا حَول الغرب.
فِي البِدايَة لَنْ أتعامل مَع الغرب ككتلة وَاحِدَة، وهَذَا خطأ عقلي، وَلَكِنَّنِي سأتعامل مَع البَعْض مِنْهُم، ممن يعتقد أن التقدم، والتطور، وَالنَّصْر يَجِبُ أن يَكُون بَعَيدًا عَن الأمَم الأخرى، وَلَوْ كانَ الأمر لَهُ عَلاقَة بالرياضة.
الصدمة الأولى الَّتِي أصابتنا فِي العالم العربي عِنْدَمَا طالبت جهات عديدة فِي الولايات المتحدة الأمريكية قبل سنوات، بوقف تَطْبِيق التيك توك الصيني الَّذِي بدأ – فِي ذلِكَ الوَقْت يكتسح العالم-، ثمَّ القيام بإجراءات عديدة من أجل إيقاف نمو المارد الصيني الَّذِي بدأ يتفوق عَلَى الولايات المتحدة والغرب فِي جوانب عديدة، تَحْتَ حجج غَرِيبَة.
وبدأت التساؤلات الحائرة: الغرب دائمًا يَتَحَدَّث عَن التنافسية، وإزالة الحدود، والعولمة، وتقبل الآخر وغيرها من الإسطوانات الَّتِي تحتاج كلها إلى إعادة نظر، فَلِمَاذَا بدأ الآنَ يغير موقفه بعْد ظُهُوُر لاعب آخر مُخْتَلِف عَنْهُ؟ هَلْ كانَ يَتَحَدَّث عَن تِلْكَ القيم – خاصة التنافس- لأنه يدرك ألا أحد فِي العالم يتنافس مَعهُ؟ بمعنى آخر وبالبلدي مثل (نديم) الْوَلَد الضخم الَّذِي كانَ يَعِيْش فِي حارات الزَّرْقاء، وكانَ يُرِيد من الجَمِيع مُمَارَسَة لُعْبَة المصارعة لأنه يستحيل عَقلًا أن يغلبه أحد، وَعِنْدَمَا أتى سمير الأقوى مِنْهُ بدأ يبحث عَن لُعْبَة أخْرَى يتفوق فِيهِا، ويهرب من المنافسة، ويُهَاجِمُ سَميرًا ويلصق بِهِ عدة اتهامات ما أنزل الله بِهَا من سلطان.
وهَذَا ما يَحْصل فِعلًا، فَعِنْدَمَا بدأت الدُّوَل تتطور، وتحصل عَلَى التكنولوجيا، بدأت الحرب العكسية، القائمة عَلَى رفض المنافسة، وعِنْدَمَا بدأت قطر – مثلًا – بتنظيم بُطُولة كأس العالم، بدأ الهجوم الإعْلامِي عَلَيْهَا، وَكانَ يُمْكِنُ لأيّ محلل بسيط أن يدرك أن هُنَاكَ جهات عديدة فِي الغرب لا تُريد لأي دَوْلَة عَرَبِيَّة أوْ مسلمة أن تنجح بتنظيم حدث مثل هَذَا، وبدأت آلاتهم بِوَضْع العربة أمام الحصان، مَرَّة متذرعين بمنع قطر رفع شعارات المثلية، وتارة أخْرَى بحقوق العُمَّال، وغيرها من الحجج.
خدعونا فقالوا تقبل الآخر، المنافسة الحُرَّة، السُّوق الحُرَّة، التوقف عَن دعم السلع، والمنتجات، إزالة الحدود أمام البضائع، ليظهر لَنَا فِي النِّهايَة أنهم يدعمون الحرية عِنْدَمَا تأتي بنتائج لصالحهم، وَيُريدونَ اقتصاد السُّوق، حِيِنَمَا يكونون الأقدر عَلَى المنافسة، وَيَحْصل العكس تَمامًا عِنْدَمَا تأتي الأمور بِمَا لا تشتهي سفنهم، والله يرحمك يَا نديم يَا فتى الزَّرْقاء الضخم فَقَد كُنْت تعرف أصول الُّلعْبة السياسية الدَّوَلِيَّة وأنْت مُجَرَّد طِفْل ضخم سمين لا يَجِد سوى حارات الزَّرْقاء ليلعب بِهَا. وَاليَوْم يومك يَا “شو يان بونغ”، وألف مبارك لسفير العُروبَة فِي كأس العالم الـمَغْرِب العزيز عَلَى قلب كل عربي.
مَحْمُودٌ أبُو فَرْوَةَ الرَّجَبِيُّ

مقالات ذات صلة