تحذيرات من داخل الدولة هذه المرة

ماهر أبو طير

حرير- يخرج ثلاثة مسؤولين أردنيين كانوا في مواقع حساسة، ليبرقوا ببرقيات تحذير إلى الدولة، والمهم هنا أن ثلاثتهم لهم تاريخهم السياسي، ولا يمكن اعتبار تحذيراتهم مجرد تسجيل للمواقف.

التحذيرات التي تم إطلاقها توجب لاحقا تصورا أوسع مع شخصيات ثانية، تتقدم بمقترحات أوسع وأعمق وبشكل تفصيلي، في هذا التوقيت، لأننا أمام ملف حساس جدا، وإذا كان لكل واحد طريقته أو رأيه فإن الأبرز في كلامهم إصرارهم على خطورة التوقيت وكلفة التوقيت على الأردن.

يكتب رئيس الوزراء الأسبق طاهر المصري مقالا في موقع “عمون” الإخباري يتناول فيه تأثير تشكيل الحكومة الإسرائيلية على الأردن ويقول في بعض فقراته “في جوارنا الأردني المباشر، أنهت الانتخابات العامة الإسرائيلية الأخيرة بنتائجها العتيدة كلّ أشكال الهوامش والدبلوماسية التقليدية في الخطاب السياسي العربي، والأردنـي والفلسطيني منه على وجه الخصوص، وكل هذا سيضع الأردن بكلّ مستوياته في حالة تحد ومخاطر إستراتيجية غير مسبوقة، تفرض على المسؤولين طريقة أخرى وغير تقليدية من التفكير والتخطيط والأداء والتفاعل مع الأحوال المتفجرة فــي فلسطين المحتلة، حتى لــــو اقتضى ذلك تغييراً جذرياً فــي السياسات، فضلاً عن عدم الركون إلى حماية الحلفاء الغرب، فلم يعد أحد يحمي أحداً في زماننا، وهذا هو الوضع الذي يواجه الأردن وهو وضع خطير ومصيري وعلينا أن نعلم حجم المخاطر والتغيير الذي سنواجهه إذا لم نعـد أنفسنا، لقد سرقوا فلسطين منا فدعونا نحمي الأردن ونبقيه هادئا وآمنا”.

مقاله مطول ويستحق القراءة مثنى وثلاث ورباع، لما فيه من أفكار وإشارات موزعة بذكاء بين أسطر النص، بعضها قيل بشكل ناعم، وبعضها قيل بشكل مباشر لا يحتمل التأويل.

قبل المصري كان الدكتور ممدوح العبادي الذي كان نائبا لرئيس الوزراء، ونائبا لعدة دورات يقول في ندوة عامة في معهد الشرق الأوسط للإعلام والدراسات السياسية..” اليمين الإسرائيلي والائتلاف الحاكم لحكومة نتنياهو- بن غفير، يفرض حدودا فاصلة على الدولة الأردنية العميقة بكل المعاني والتفاصيل، إن الصدام قادم لا محالة بين الأردن وحكومة الاحتلال الإسرائيلي، محذرا من أن برنامج اليمين الإسرائيلي واضح الملامح، وأي سياسي أردني أو دوائر قرار لا تقرأ هذا البرنامج كما هو وبالنص تحاول التعامي عن الحقيقة، وحزب الليكود بعدما احتل القدس سيحاول إخضاع عمّان، بما يؤكد أهمية أن نبدأ بتحضير الأجيال الأردنية الحالية والمقبلة إلى هذه الحتمية التاريخية وهي حتمية الصدام لأن التهجير سيبدأ، ولأن الدولة الأردنية لا تملك ترفا إلا الدفاع عن مصالحها، ولا بد من إعادة التجنيد الإجباري وتسليح وتدريب الشعب الأردني برمته بما في ذلك النساء والرجال، لأن لحظة الصدام مع إسرائيل قادمة لا محالة”.

وسقف الكلام هنا مرتفع ويصل إلى حد تصور المواجهة العسكرية بسبب سيناريو الترحيل السكاني الذي قد تنفذه إسرائيل في الضفة الغربية أو القدس، خصوصا، مع الكلام الذي يتسرب عن مطالبات إسرائيلية بإعادة ضم الضفة الغربية إلى حدود كيان الاحتلال الحالي.

بينهما يخرج سمير حباشنة الذي كان نائبا ووصل إلى موقع حساس حين كان وزيرا للداخلية ويقول في تصريحات لصحيفة “الغد” كلاما لافتا…” لا بد من إعادة خدمة العلم، وتسليح الشباب الأردني بعد التغيرات والتبدلات في إدارة كيان الاحتلال بعد وصول اليمين المتطرف إلى السلطة، بقيادة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، والكيان الصهيوني يسعى حالياً لإعادة إحياء صفقة القرن، ولم يخرج الأردن من سياسات وعد بلفور في العقيدة الصهيونية، لذلك يجب إعادة الخدمة العسكرية وبشكل فوري للتنبه بما يجري في الكيان الصهيوني، بعد التبدلات الدراماتيكية لأعلى الهرم في الكيان الصهيوني، والتي من شأنها الإضرار واستهداف الأردن”.

وكلام الوزير المسيس أيضا كلام مهم، لأنه لا يبحث عن شعبويات أيضا، ويؤشر على ذات التقييم الذي نسمعه من شخصيات من عمق الدولة، وليس على هامشها، أو من خارج مؤسساتها.

هذه أول مرة تشتد فيه حدة التصريحات بهذه الطريقة من رجالات الدولة، وربما يكون واجبا أن يخرج هؤلاء مع غيرهم بورقة سياسات حول هذه المرحلة وكيفية التعامل معها، حتى لا تكون التحذيرات مجرد إبراء للذمة، فوق أن تاريخ هؤلاء السياسي لا يمكن التهوين منه بأي حال.

مقالات ذات صلة