صورتنا في مرآة حكومة «الرزاز»..!..حسين الرواشدة
بعد أن وضعت ثقة البرلمان «أثقالها» على حكومة الدكتور الرزاز، ننتظر ثقة الناس التي هي الاهم، والى ان نرى النتيجة يمكن أن نقول اننا امام ثلاث بوابات: بوابة الأمل، وبوابة اليأس وبوابة استنهاض الهمة، فمن أية بوابة ستدخلنا الحكومة في المرحلة القادمة؟
قبل ان اجيب لدي ملاحظة وهي ان ترسيم المرحلة القادمة سيكون بيد «ارادة الدولة» بكل مؤسساتها وسلطاتها، وليس بيد الحكومة فقط، صحيح ان الحكومة بموجب الدستور تتحمل مسؤولية ادارة الشأن العام، لكن الصحيح ايضا هو ان معادلاتنا السياسية الني نعرفها والتركة الثقيلة التي ورثتها الحكومة من تجارب مرة سابقة لن تترك مجالا للرزاز ان يتحرك كما يفكر ويريد اذا لم تتوافر ارادة عامة (لا نقول هنا مساعدة صديق ) لانجاز المرحلة الجديدة التي انتزعتها حراكات الناس في رمضان وبشرت بها الحكومة الجديدة.
بالعودة الى البوابات الثلاثة، البعض ما زال يعتقد أن ثمة مؤشرات تدفعنا الى التعلق بالأمل، حتى لو كان «بصيصا»، فالحكومة مهما كانت التحفظات على تشكيلتها لم تباشر اعمالها بعد، وربما استطاعت في المدة القصيرة الماضية ان تغير جزءا من الصورة، كما انها تحاول ان تشتغل في دائرة المتاح والمقدور عليه، ربما لم يكن ذلك بحجم طموح الناس، لكنه لم يخرج عن «توقعاتهم»، لكن مجرد اصرار الرئيس على «تغيير «الصورة والانصات للناس والتواضع عند التعامل معهم، يفترض ان يمنحنا فرصة للتفكير في اليوم التالي.
زد على ذلك ان «الامل» – كما يرى هؤلاء – مطلوب، فنحن امام واقع جديد فيه حكومة خرجت من مخاض شعبي وصفه الرئيس بـ «طفح الكيل « في اشارة الى نفاد صبر الناس ووصول قطارهم الى سكة «الندامة»، وبالتالي يتوجب ان نضع هذا الواقع الجديد في الاعتبار وان نتعامل معه ونقيمه قبل ان نصدر الاحكام عليه، وان ندفع باتجاه تغيير النهج بعد تغيير الصورة وتحفيز الحكومة على تحسين ادائها وعدم الوقوع في «بؤس» التجارب الحكومية السابقة.
آخرون من طبقة «اليائسين» يعتقدون ان هذه الحكومة ستدخلنا الى بوابة «اليأس»، فهي لم تستطع ان تقنع اقرب الناس اليها في البرلمان ( دعاة الدولة المدنية) لمنحها الثقة، ولم تتحرر من عقدة الوعود الفضفاضة ثم انها أشغلت مجتمعنا في انقسامات جديدة بعد ان طرحت « العقد الاجتماعي الجديد « عنوانا لبرنامجها، كما انها باشرت اعمالها برفع الضريبة على الكهرباء، وخرجت بقرارات وتصريحات اربكت الشارع (رفع اسعار الكهرباء وقصة الامن وفواتير المياه مثلا) مما يعكس ارتباكها، يرى هؤلاء ايضا انه لا فائدة من محاولات تجميل الصورة، ولا جدوى من «البحث» عن بدائل ما دام ان «الخل أخو الخردل»، فهذه الحكومة لن تختلف عن غيرها من الحكومات التي سبقتها.
اما أصحاب وجهة نظر «البوابة الثالثة» من خلال دفع الناس الى «استعادة الهمة» فيرون ان «الحمل « على الحكومة ثقيل، وان الطريق امام الاصلاح ما زال في بدايته، وان لدينا فرصة جديدة مع هذه الحكومة وبالتالي يجب ان نتعامل معها بمنطق «تسليف « الثقة على الاقل، فليس من المعقول ان نرفض الواقع البائس ونطالب بتغييره او اصلاحه، وحين تأتي حكومة تعدنا بذلك نتنكر لها ونتخلف عن مساعدتها ونطلق على اقدامها الرصاص.
حين تسأل هؤلاء الذين يعتقدون ان مجتمعنا يحتاج لمزيد من «الفاعلية» لكي يغير الصورة بالاعتماد على نفسه، ولكي يخرج من «المحنة» التي وضعته فيها مناخات سلبية تراكمت من عقود : ما العمل، يجيبون: لا بد من استنهاض همة المجتمع، ولا بد من استمرار الناس في المطالبة بالاصلاح الشامل، وحين تسألهم: ما علاقة الحكومة الجديدة «باستعادة الهمة» يجيبون: لقد فتحت عيون الناس امام «وصفة» الاصلاح القديمة وكشفت اخطاءها، كما انها صارحتهم بالواقع ولم تنكره، ووعدتهم بتغييره ايضا، فبدل ان يترسخ داخلهم الاحساس بالاحباط وبلا جدوى الحركة يجب ان تحثهم على الخروج من الصمت والحيرة، وان تحيي داخلهم الرغبة في «التغيير» والحرص على العمل مهما كانت الظروف محبطة والطرق مسدودة.
لا أدري – بالطبع – من اي الابواب الثلاثة سيدخل مجتمعنا في الايام القادمة؟ هل سيستسلم للواقع ويتعلق بآماله أم انه سينحاز الى «اليائسين» أم انه سيختار طريق «احياء الهمة» واستنهاض الروح؟
أخشى ما أخشاه ان ننظر الى صورتنا في مرآة «الحكومة « وان ندقق في خيوطها وخرائطها والتباساتها، ثم نغمض عيوننا ونستسلم «لنوم» عميق مكلل بالاحباط، أو ندخل الى «كهف» جديد..
لكن تبقى الاجابة الاخيرة (او جزء منها) لدى الرئيس الرزاز.