خمس أساطير عن البيتزا.. منشؤها وسر شعبيتها
تقول الكاتبة كارول هيلستوسكي إن أصنافا من البيتزا كانت منتشرة منذ قرون عدة، وإنها كانت مشهورة بين الطبقات العاملة بنابولي في إيطاليا في القرن الثامن عشر، وإنها ظلت الطبق المحلي حتى بعد الحرب العالمية الثانية، حيث انتشرت شعبيتها في جميع أنحاء العالم.
وتوضح الكاتبة في مقال بصحيفة واشنطن بوست الأميركية أنه لم يهتم بالبيتزا –بوصفها طعام الفقراء- سوى عدد قليل من المؤرخين حتى وقت قريب جدا، مما يعني عدم وجود أرشيف لتاريخها مملوء بتفاصيل بداياتها أو التطورات الهامة المتعلقة بها.
لذا فهناك اتفاق قليل على خرافات وأساطير مهمة تحيط بهذا الطعام المحبوب، الذي “يبدو أننا نحب أن نتحدث عنه بقدر ما نحبه”. ومن بين هذه الخرافات:
جنود وبيتزا
أولا: الجنود الأميركيون العائدون من الحرب هم من ساهموا في نشر شعبيتها في الولايات المتحدة.
فحتى العام 1945 قليل من الأميركيين سمع عن شيء اسمه البيتزا، ولكن بعد عقد من الزمان كانت المقالات الصحفية تروج لها على أنها اتجاه غذائي جديد يجتاح الأمة.
وعزت وسائل الإعلام شعبية البيتزا المتزايدة في الولايات المتحدة إلى الجنود الذين جربوها في إيطاليا خلال الحرب العالمية الثانية، وتزدهر هذه القصة على الإنترنت.
وربما كان الأميركيون بمن فيهم الجنود قد أخذوا عينات من البيتزا من إيطاليا في السنوات التي أعقبت الحرب، ولكن ما أكلوه كان يشبه القليل من أنواع البيتزا المصنوعة في الولايات المتحدة في الخمسينيات، والتي تم وصفها في صحيفة نيويورك تايمز في 1956 بأنها عبارة عن فطائر سميكة بأصناف مختلفة.
ثانيا: تقول خرافة ثانية إن البيتزا أصبحت متوفرة في كل مكان بسبب المهاجرين الإيطاليين.
فبين عامي 1870 و 1970 غادر أكثر من 26 مليون إيطالي بلادهم بحثا عن عمل متجهين إلى أجزاء أخرى من أوروبا والأميركتين وبقية العالم.
وإن أي محاولة لشرح انتشار البيتزا تعود لهؤلاء المهاجرين الذين أدخلوا موادها الغذائية إلى بلدانهم الجديدة.
بيتزا ومهاجرون
إذ تشير الموسوعة البريطانية إلى أن البيتزا أصبحت شائعة بسبب العدد الهائل من المهاجرين الإيطاليين.
وتقول الكاتبة إن المهاجرين من نابولي الإيطالية ومن المناطق في جنوب إيطاليا أنشؤوا المخابز ومطاعم البيتزا التي غذّت المهاجرين الإيطاليين الآخرين في مدن مثل نيويورك وبوينس آيرس.
بيد أن البيتزا أصبحت بين عامي 1950 و1980 الطعام المفضل على المستوى العالمي بسبب مجموعة متنوعة من العوامل، وليس فقط بسبب المهاجرين الإيطاليين.
وتوضح الكاتبة أن البيتزا تتطلب حدا أدنى من الاستثمار وتكاليف منخفضة، مما يجعلها خيارا جذابا لرواد الأعمال المهاجرين من العديد من البلدان.
فقد انتشرت مطاعم البيتزا في سبعينيات القرن الماضي في شمالي شرقي الولايات المتحدة، والتي كان نصفها يديرها أميركيون من أصل يون
بيتزا وتقنية
كما مكنت التغييرات في التقنية من التحول الملحوظ في إعداد البيتزا وتسليمها، فقد ساهمت الأفران المصنوعة من الصلب ذات الرفوف الدوارة والجبن والطبقة المقطعة مسبقا وصناديق التوصيل المقطوعة مسبقا وثقافة السيارات في تسهيل صناعة التوصيل، مما أدى إلى تقديم البيتزا للمزيد من المستهلكين الذين يعيشون خارج المدن أو في حرم الجامعات أو القواعد العسكرية.
وبالإضافة إلى التسليم، فقد كان يجري إعداد البيتزا في المنازل لإطعام سكان الضواحي الأميركيين الجائعين، ومع اختراع مجموعة البيتزا في 1948 وظهور البيتزا المجمدة عام 1957، فقد تم إنشاء كل من هذه الابتكارات وتصنيعها وتوزيعها من جانب رجال الأعمال الإيطاليين وغير الإيطاليين الأميركيين.
ثالثا: سلاسل مطاعم البيتزا تسببت في دمارها.
لطالما شعر محبو البيتزا بخيبة أمل بشأن سلاسل التوصيل، إذ يشعرون بأن منافذ البيع مثل دومينو وبيتزا هت أفسدت الروح الخلاقة لصناعة البيتزا أثناء انتشارها على مستوى العالم.
ويقسم الموقع العالمي “مشابل” البيتزا إلى “بيتزا جيدة” وأخرى “رديئة .
بيتزا وعشاق
وتقول الكاتبة إنه يمكن لعشاق البيتزا أن ينتقدوا السلاسل الكبيرة لعدد من الأسباب، غير أنه من الصعب جعل القضية تحل محل الخيارات المحلية العالية الجودة مع فطائر عامة أو رديئة، أو أن تحل محل البيتزا المستقلة.
وتوضح أنه عندما يتم افتتاح مطعم بيتزا كبير في حي فإنه لا يؤدي بالضرورة إلى توقف المطاعم المحلية عن العمل.
رابعا: إن بيتزا مارغريتا كانت قد اخترعت للملوك الإيطاليين.
لا تزال تسمية بيتزا مارغريتا واحدة من أكثر الأساطير شهرة في تقاليد البيتزا، والتي تم ذكرها في التاريخ الإيطالي، بالإضافة إلى العديد من كتب تاريخ البوب ومواقع لا تعد ولا تحصى.
ويشكك بعض العلماء في وجود أي شعبية للبيتزا في القرن التاسع عشر في نابولي، ويقولون إن الباعة المتجولين كانوا يبيعونها إلى البحارة والجنود والعمال.
بيتزا مارغريتا
وثار جدل كبير بشأن ما أصبح يعرف ببيتزا ذات أهمية “وطنية”، وهي بيتزا مارغريتا المغطاة بطماطم سان مارزانو وجبن موزاريلا الجاموس وزيت الزيتون البكر والريحان.
وتقول الأسطورة إن الملك أومبرتو الأول والملكة مارغريتا زارا نابولي في 1889، وإنهما بعد أن سئما من المطبخ الفرنسي تم استدعاء رافاييل إسبوزيتو من مطعم بيتزا براندي لإعداد مجموعة متنوعة من البيتزا للملكة التي كانت تشعر بالضجر.
وتضيف الكاتبة أن البيتزا التي كانت مفضلة لدى الملكة هي “آلاء موزاريلا” التي صارت تعرف لاحقا باسم بيتزا مارغريتا.
لكن المؤرخين (بالإضافة إلى صانعي البيتزا الآخرين) يشككون في صحة هذه المعلومة، ويلقون بظلال من الشك على هذا الربط بين الملوك الإيطاليين والبيتزا.
خامسا: كل واحد يحب البيتزا.
تشهد العديد من المواقع الإلكترونية والكتب المخصصة للبيتزا على الاحترام المتواصل والحب لطبق البيتزا وتاريخها، وربما يكون كتاب جيف روبي وبيني بولاك “الجميع يحب البيتزا” أفضل ما لُخص حول هذه المسألة.
كما أن المطاعم والطهاة المحليين يرفعون صناعة البيتزا إلى مستوى الفن، وأن الأصناف البسيطة من بيتزا نابولي الآن تضمن وضعها كطعام إيطالي أصيل، ومع ذلك ظهرت البيتزا من أصول متواضعة كطعام للفقراء.
وتتساءل الكاتبة: هل نحن حقا نحب البيتزا أم إننا نأكلها لأنها متاحة وبأسعار معقولة؟
وتقول إن جاذبية البيتزا لا تمت بصلة إلى الذوق في كثير من الأحيان، بل إنها تعتمد على الذكريات الفردية والجماعية، وعلى الأساطير التي نخلقها عن البيتزا والحجج العديدة التي تحيط بالأغذية الرديئة.