ربيع المرأة الايرانية..الواقع والمآلات…رؤية تحليلية

ا.د حسين محادين

حرير- استنادا لاطروحات #علم_اجتماع_السياسة، لا يستقيم التحليل العميق والواعي حقاً لما يحدث في #المجتمع_الايراني، ان اكتُفيّ -لغايات الرصد والتحليل الموضوعي هنا- بالاستناد الى القول المُتسرع الذي يزعم، ان #ثورة_النساء_الايرانيات المستمرة للآن في عديد المدن الايرانية وعلى مدار الايام الماضية، قد انفجرت فجأة بالنسبة للمراقبين نتيجة لمقتل مرأة كردية ايرانية من قِبل شرطة الاخلاق والتي إرتأت أن تعاقبها حد الموت نتيجة لإرتدائها زياً غير لائق ولا يتماشى مع قيم واخلاق دولة الفقيه في الجمهورية كما نُشر في الكثير وسائل الاعلام المختلفة.

من الواضح ان ثورة النساء الايرانيات كأساس هذه الأيام قد شكلت بدورها ايضا بداية شعبية لتعديل المزاج العام المتوتر اصلا بصورة لافته من حيث ظهور دعم العديد من الرجال لهن وبشكل متنام هذا اولا.

اما ثانيا فأن هذه الثورة إنما يجب ان تُقرأ علميا كذلك انطلاقا من مصاحبات ونتائج الحصار الغربي/الامريكي المفروض على ايران الشيعية الاعتقادية بمجيء المهدي المنقذ والمُصرة على تصدير نموذجها الثوري في آن بنظر خصومها.

ودون إن نغفل في ذات الوقت ،عن أن هذا الحصار القائم على الجمهورية الايرانية منذ سنوات، قد أربك بدوره رؤها الفكرية والسلوكية المضطربة مع دول الاقليم والعالم، فهذه الدولة ذات المشروع الاممي الديني والدنيوي معا بقناعة حكامها ومؤيدها مازالت تزاوج بين ولاية الفقه المقدسة ومتطلبات المراوغات السياسية الوضعية والمتقلبة حسب المصالح بين الدول في ظل سيادة القطب الواحد للآن ، وهذا تحدِ طاغِ ومستمر لها بنية وسلوكات راهنة محتملة.

( 3)

ترابطا مع كل ما سبق، فهناك الضغوط الاقتصادية والاجتماعية والحياتية الكبيرة المصاحبة للحصار العالمي عليها ،إضافة الى طبيعة المواقف الفاترة/الصراعية لدول الجوار عموما بالضد منها كجمهورية سياسية عضوا في المنظومة الدولية ومن ايدلوجيتها الفكرية الطامحة للتصدير،

وبالتالي يمكن الاستنتاج هنا، أن هذه المعطيات والمفاعيل المتساندة الأثر والتأثير من ناحيتي قوتها وترابطهما معا قد قلصت بدورها هوامش ومساحة الحريات الخاصة والعامة التي ضيقت على المواطنيين نفسيا وسلوكيا ورفعت بالتالي من عناوين الاحتقانات المتبادلة بين الدولة المواطنين معا.

( 4)

وعليه ، هذه العوامل متفاعلة قد شكلت جذورا فاعلة في اشتعال شرر الثورة النسائية الحالية بعد ان تداخلت العوامل الداخلية مثل، الاحتقان، الحصار، انخفاض سعر العملة، الادوار المكلفة والباهضة ماليا وسياسيا وعسكريا لدعم اذرع ايران في سوريا واليمن والعراق على حساب حياة ومستوى معيشة المواطن الايراني مع تحول المجتمع نحو عسكرة حياته منذ سنوات استعدادا واستنفارا حياتيا ضاغطا على المدنيين بانتظار مواجهة التحديات المُنتظرة منذ سنوات، او حتى احتمالات وقوع هجمات خارجية على الجمهورية الايرانية بزعم تدمير برنامجها النووي ما ادى الى توتر المزاج الجمعي والشعبي الايراني كعامل مضاف قاد الى هذه الثورة النسائية ربما، خصوصا بعد تنامي تصريحات بعض المحافظين العسكرين في بعض المحافظات الايرانية بوجود انقسامات بين رجال الحكومة والدين حول الكيفية الأضمن لاخماد هذه الثورة.

(5)

رغم حجب الحكومة لبث الانترنت كي لا تتسع او تنتشر عدوى الثورة كما حصل اثناء الربيع العربي مثلاً, الا أن الملاحظ المتابع يجد ان هناك شركات اتصالات امريكية قد خصصت وبثت قنوات انترنت فضائية موازية لشبكة الانترنت الايرانية الوطنية ليتسنى للإيرانيين جميعا في التفاعل اللحظي عبر البث المباشر لثورتهن مع كل العالم متجاوزين بهذا العمل القرار الحكومي القاضي بحجب شبكة الاتصالات العنكبوتية.

(6)

التساؤل الواخز والأخير هنا، ماذا بعد هذه الثورة النسائية غير المتوقعة غالبا، اجتهد قائلا هنا،

ايّ كانت مآلات هذه الثورة النسائية الولودة بالمعاني والاحتمالات.. ورد الفعل العسكري الساعي لاخمادها ، الا انها ليست بعيدة عن محاكاة الربيع العربي منذ البدء بشكل ما ،إذ لاحظتُ كباحث ان دور المرأة ابان الربيع العربي سنة 2011 وما بعدها من نتائج تغييرية في كل من ثورات:- اليمن ومصر والجزائر وتونس قد كان واضحا كدعم احتجاجي مساند للثوار المبادرين في تلك الاقطار حينها بصورة ضمنية، ولكن المربك لاي محلل هو معرفته ان دور المرأة في الربيع العربي لم يصل مثلا، الى معاني ووقائع ميدانية حاسمة وتشي بالريادة والمبادرة الأميز كما هو الحال في قيادة النساء لهذه الثورة في ايران حالياً…وهذه حالة فريدة في تاريخ ثورات الشعوب تاريخيا بالتأكيد،ومن هنا تأتي:-

. فرادتها كثورة آخذة في التوسع على الارجح .

. صعوبة معرفتنا كراصدين ومحليلين لمآلاتها راهنا وفي المستقبل المنظور .

.معرفة عمق واتجاهات التماه مع افكارها وصِداماتها في ظل سيادة وانتشار ثقافة الصورة والفيديوهات المباشرة وذات الاثر والتأثير الطاغيين على المتلقين والمُقلدين حكما من الشعوب الاخرى اذا ما حدث مثل هذه الانتفاضة/الثورة النسوية بالتدرج في اي من دول الاقليم او حتى العالم …تساؤلات مفتوحة على المالآت النهائية المحتملة لهذه الثورة غير الناعمة حاليا والتي غيرت ضمنا الانطباعات التاريخية السائدة بيننا ، تحديدا عند إندلاع اي من ثورات الشعوب والتي يتوقع عادة ان يقودها ويكون وقودها الرجال في العالم عموما وليس النساء..أوليست هذه مفارقة صادمة أخرى يجدر بنا ذكرها هنا عن ثورة النساء في ايران..؟

.خصوصا وان مادة هذه الثورة هن الشابات والشباب في الجامعات التي اغلق بعضها ويمثلون كل مكونات المجتمع الايراني، حيث استهدفت الثورة وبصورة مباشرة السلطة الدينية في مدينتي قم ومشهد اللتان شهدتا صِدامات بين الاطراف لاول مرة منذ ما يزيد على اربعة عقود.

. قسم علم الاجتماع -جامعة مؤتة.

مقالات ذات صلة