اللامركزية في الأردن… د.محمود الحبيس

يدرك اي باحث في التخطيط التنموي ان المجتمعات المحلية بحاجة ماسة الى القيام بمشاريع تنموية فاعلة بمنهجية انسانية كنتاج وأسلوب علمي في معالجة مشاكل وقضايا اي مجتمع والتعامل معها بواقعية وحيادية وإيجاد الحلول لها والملائمة لظروفها وإمكاناتها لهو البداية الفعلية والصحيحة لعملية استخدام التخطيط، فبالتخطيط تطورت الامم ونهضت المعجزة الماليزية وتقدمت كوريا، وانتقلت تركيا الى التقدم، واعادة بناء اوروبا بعد الحرب العالمية الثانية….الخ.

سابقا، انحصر مهام إعداد وتنفيذ الخطط التنموية في هيئات ومؤسسات رسمية، ودون الحد الادنى من المشاركة الشعبية في صنع القرارات التنموية، فقد جاءت الخطة التنموية الثلاثية والخطط الخمسية المتعاقبة في فترة السبعينات والثمانينات من القرن القرن الماضي في ايجاد المدارس والمستشفيات والمراكز الصحية وتعبيد الطرق والتوسع بالاستصلاح الزراعي والنهضة الصناعية وتطور الخدمات والمرافق العامة ونال القطاعات المختلفة تحسن وتطور…الخ.. وأثبتت تجارب التنمية انها عالجت قضايا الفقر والسعي لتقليل الفوارق المكانية في شقيها الاقتصادي والاجتماعي، وفهمت عملية التخطيط التنموي انها الانجح لإشباع الحاجات الإنسانية سواء المادية أو غير المادية مثل المساواة، الحرية، العدالة….فكان التخطيط من أعلى (القرار المركزي) وحيث لهذا النظام ايجابياته فله سلبياته..

جاء نظام الادارة اللامركزية الذي يعطي فيه حق المشاركة بأتخاذ القرارات للسكان المحليين دون أن يلغي حق الجهة المركزية بأتخاذ القرار ضمن مبدأ توزيع سلطات صنع القراروالصلاحيات، وهو اسلوب أكثر فاعلية وكفاءة، واقترن بتوفر الارادة السياسية بالتخلي عن جزء من صلاحياتها بأعادة تنظيم الحكم اللامركزي…والسؤال: هل نجحت ابعاد اللامركزية ؟ماذا عن توزيع الصلاحيات ؟ ماذا تقول موازنة وزارة المالية لتمكين الوحدات اللامركزية؟..

اللامركزية ضرورية ومهمة وبخاصة اننا لمسنا تركز كبير للسلطة والقوة التي اختطفتها النخب الساعية لتحقيق مصالحها فقط دون الاهتمام بالشرائح السكانية في المجتمعات المحلية، مما يسمح لتلك النخب ان تستعين باللامركزية في مصالحها والتي بالتاكيد ليست معنية بمصالح الفقراء والمجتمعات المحلية…

اللامركزية بحاجة الى توفير الدعم المالي والفني لتنمية روح المبادرة للسكان، وهو في ضوء موازنة خاوية بعيدة المنال…اذ ان مكاسب التنمية هي اولوية اللامركزية فكيف سيكون لها القدرة بما يخدم رغبات وحاجات السكان، واخشى ان مدى فاعلية المشاركة الشعبية ستكون سلبا في انتخابات قادمة، عندئذ، نعود لما ذكر سابقا : هل لدى الحكومة الموازنة المالية كي تنجح في اللامركزية؟

الحديث الان يدور عن تخفيض عدد اعضاء مجلس النواب ليتوافق مع طروحات قانون اللامركزية.. فإن أي تقييم بحاجة الى فلترة بالقرار…هل نستمر او نتوقف؟ وهل نجحت اللامركزية؟..

واقع الموازنة المالية ومؤشرات المستقبل واستمرار عجز الموازنة لدعم نجاح اللامركزية يتطلب المراجعة التحليلية بعيدا عن تكبير الاهداف الوردية..المطلوب ان تكون مراجعة لقوانين الحكم المحلي..أو تعمل الحكومة على تأمين شروط النجاح والاهم وجود موازنة للقيام بمشاريع تنموية..على الا يفهم ان بناء اوتوسعة مدرسة او مركز صحي او اعادة صيانة الطريق…الخ هذا هو عمل اللامركزية فهناك مشاريع تنموية تستفيد منها المجتمعات المحلية…اذ ان توسعة المدرسة هو اختصاص مدير المدرسة ومدير التربية مثلا…

اللامركزية بحاجة لاعادة قراءة المشهد من الجهات الرسمية.

مقالات ذات صلة