لماذا يستكثرون على الفلسطينيين حقّ المقاومة والدعم الإيراني؟

الكاتب المغربي : خالد البوهالي

مقاومة الاحتلال حقّ مشروع تكفله الشرائع السماوية، كما الوضعية، والشعب الفلسطيني اختار سبيل المقاومة، لأنه المسلك الوحيد الذي تبقى له.

في الوقت الذي كان الشعب الفلسطيني يواجه العدوان الصهيوني المدجَّج بأحدث أنواع الأسلحة الأميركية بكل شجاعةٍ وإباءٍ، تعالت أصوات بعض النخب المثقفة في العالم الإسلامي، سواء عبر وسائل الإعلام أو في مواقع التواصل الاجتماعي، محذرةً من “استغلال إيران أحداث غزة لتمرير أجندتها في المنطقة”، ومحمّلة قوى المقاومة الفلسطينية مسؤولية ما يقع في فلسطين.

المثير للاستغراب حقاً أنّ هذه النخب ألقت باللائمة على الفصائل الفلسطينية، معتبرةً أنها مسؤولة عن التصعيد مع الكيان الصهيوني، وكان عليها أن تستعيض عن ذلك باللجوء إلى المجتمع الدولي، ووصل بها الأمر إلى اتهام قيادات المقاومة بسفك دماء الفلسطينيين لاستدرار عطف الرأي العام الدولي.

الأنكى من ذلك، أنَّهم استكثروا على المقاومة الفلسطينية حقّ الدفاع عن أرضها، إلى درجة أن بعض الكتّاب وصفوا حركة “حماس” بـ”الإرهابية”، وزعموا أنَّ المساعدة التي قدَّمتها إيران لها ولحركة “الجهاد الإسلامي” تهدف إلى تحقيق أجنداتها السياسية في المنطقة، بحسب تعبيرهم، ولكن إذا كان ثمة طرف يستحقّ توصيف الإرهاب، فهو هذا الكيان الصهيوني الغاصب الّذي خالف كلّ قواعد القانون الدولي الإنساني الذي يحرّم ضرب الأعيان المدنية وغير المشاركين في العمليات القتالية، واستهدف البيوت والمستشفيات وسيارات الإسعاف، ودمَّرها بمن فيها، من دون أن يرفّ له جفن، وهو يعتبر المواثيق والأعراف الدولية مجرّد كلام على ورق، لا يستحقّ الحبر الذي يُكتب به، كما جاء على لسان كبيرهم الإرهابي بن غوريون.

يشهد التّاريخ أنَّ ما من أمة في هذا العالم أهانتها الشرعية الدولية مثل الأمة الإسلاميّة والعربيّة، بعد أن قدَّمت لها صلوات التقديس وقرابين الرضا، وتغنّت بترانيم قراراتها، لكنها في نهاية المطاف ذُبحت على محراب معبدها، والأمثلة عديدة في هذا المجال.

أليس من حقّ حركات المقاومة الفلسطينية طلب الدعم من إيران؟ لقد دعمت الجمهورية الإسلامية الفلسطينيين بكلّ الوسائل المادية والعسكرية. هذا الأمر ليس جديداً، فهو يعود إلى سنين خلت. وبفضلها، استطاعت قوى المقاومة في غزة أن ترسم معادلة جديدة في الصراع مع الكيان العبري، وهو ما يحسب لها، ولا سيما بعد أن تخلى عن المقاومة من يُفترضُ بهم أن يدعموها، وخصوصاً بعد الاتفاقيات المُخزية التي تمّ توقيعها، من “كامب ديفيد”، إلى “أوسلو”، إلى “وادي عربة”، وهلمّ جراً.

ولو لم تُقدّم إيران دعمها للمقاومة، لرأينا هذه النخب تشحذ أقلامها بالنقد والانتقاد والانتقاص من المحور كله وتسفيهه، لخذلانه الفلسطينيين، بالادعاء أنَّ إيران لا تهمّها القضية الفلسطينية بقدر ما تهمّها مصالحها في المنطقة، من خلال جعل فلسطين مَطِيّةً للتمدّد في الشرق الأوسط، كما يزعمون.

إنّ المقاومة الفلسطينيّة تخوض معركة دفاعٍ عن النفس وحرب وجودٍ عنوانها “أن تكون أو لا تكون”، بعد أن اعتقد الكيان الصهيوني أنَّ مسلسل التطبيع الذي بدأه مع بعض الدول العربية، سيجعله يدفن القضية الفلسطينية إلى الأبد.

لقد حقَّقت المقاومة الفلسطينية أمرين مهمين؛ الأول تعرية ما تبقى من حقيقة الكيان الصهيوني أمام الرأي العام الدولي، بفضل استبسالها وصمودها الأسطوري، وتمريغهها وجهه في الوحل، والآخر هو التضامن والتآزر الذي عبَّر عنه فلسطينيو الخط الأخضر مع إخوانهم في الضفة الغربية وقطاع غزة، وذلك بشهادة المراقبين.

كنا نأمل من هذه النخبة في هذه الظروف الحرجة التي تعيشها فلسطين والأمة الإسلامية أن تضع الصراعات المذهبية والعقائدية والإيديولوجية الجوفاء، التي لن تزيد العالم الإسلامي والعربي إلا تشرذماً وشقاقاً، جانباً، وأن توجّه البوصلة نحو هذا الكيان الأرعن الذي يعيش أحلك أيامه.

ختاماً، إنَّ مقاومة الاحتلال حقّ مشروع تكفله الشرائع السماوية، كما الوضعية، والشعب الفلسطيني اختار سبيل المقاومة، لأنه المسلك الوحيد الذي تبقى له، فالصهاينة لا يفهمون سوى لغة القوة، وما أخذ بالقوة لا يُسترد إلا بالقوة.

– إن الآراء المذكورة في هذه  المقالة تمثل رأي كاتبها .

مقالات ذات صلة