قلبي على درعا…أحمد حسن الزعبي

هذه الأرض شقيقة تلك الأرض ،نفس اللون والعشب ورموش السنابل والارتسام ، هما مثل الشفتين عند الابتسام..تنفردان عند الفرح معاً وتنقبضان لحظة الحزن معاً..الرمثا ودرعا “قلب” واحد فرّقه سلك شائك..

كلما حلّق الطيران فوق درعا خلف الهضاب القليلة طار حمام الرمثا مذعوراً يرفرف قرب سماء الأخوة ، يغادر أسطح المنازل ،يحلق نحو السهول ليرمق حال “الدراعنة” هناك، هل الأمهات الحورانيات بخير؟ هل أصحاب البيادر والتعاليل الصيفية بخير؟ هل الجرارات ما زالت تمضي بطريقها الى الحقول ، و”اخياش” التبن تنتظر عودة “الرجّادين” لينقلوها الى خزين الدار؟.. كلما وقع انفجار على مقربة من صدري ، فرّ حمام الحيّ مذعوراً الى السماء ليدعو الله ان يحفظ درعا وأطفال درعا وبيوت درعا وأغاني درعا التي كانت تشجينا ذات سلام…وكلما شنّت غارة أو سقط “برميل” على نوى او شيخ مسكين..صعدتُ سطح البيت أناجي رؤوس الهضاب الترابية ، اوشوش كروم الزيتون الحزينة، أمشّط بنظري البيوت البسيطة التي هجرها أهلها وغادروا نحو اللا شيء يبحثون عن أمنا أو خيمة أو عباءة يرميها الله عليهم فيحميهم..على سطح البيت أرى مآذن خضراء وقت الغروب ،ودخان يحمل نفسه بين الجبال ،وضربات قصف أسرع من ضربات القلب ، فأرجو الله باتساع المدى ان يحفظ أطفال درعا وأهلها ان يحفظ بيادر القمح ،وقناطر الجامع العمري، والشوارع المسكونة بالناس الطيبين البسطاء ..
سلام من الرمثا إلى درعا..سلام الى حواريكم ، إلى أمهاتكم اللاتي يشبهن امهاتنا بالثوب و”الشنبر” ، سلام على الــ” ch” التي ننطقها بفخر في كلامنا ، بالــ” أني” التي لا نغيّرها ولا نزوّرها ولا نخفيها خجلاً أو خوفاً..سلام على حروفنا التي لا تلين وحروبنا التي لا تنتهي ، سلام على القمح شقيق القمح وعلى الجرح شقيق الجرح ، سلام على “الشبيية والمجوز والدبكة”..سلام على الوفاء والرجولة والحورانية التي لا تتغير..سلام على درعا الحبيبة القريبة ، سلام على صبركم وطهركم.. سلام على حوران التي تشبه أمي.. وسيأتي يوم أيها الأحبة..نعقد فيها “حبلاً مودّعاً” من المثلث الى المحطة..نغني فيه للفرح وللانتصار وللأوطان الموجوعة فينا..
سلام على درعا..

مقالات ذات صلة