
إطلاق جيل جديد من الصناعيين الشباب
موسى الساكت
حرير- أعلن وزير الصناعة المصري عن طرح 386 وحدة صناعية جاهزة للتسليم الفوري موزعة على 12 مجمعًا صناعيًا في عدد من المحافظات، موجهة خصيصًا لرواد الأعمال والمستثمرين الصغار.
هذه الخطوة المبتكرة والمهمة تمثل رؤية عملية لدعم التصنيع المحلي وتسهيل دخول الشباب إلى القطاع الصناعي دون التعرض لتعقيدات التراخيص أو أعباء إنشاء المصانع من الصفر.
اللافت في التجربة المصرية أنها لم تكتفِ بتوفير البنية التحتية، بل قدمت منظومة متكاملة تتضمن تسهيلات تمويلية من البنوك، وخدمات لوجستية واستشارية، وربطًا مباشرًا بالمناطق الصناعية الكبرى. هذا النهج يُعد نموذجًا واقعيًا لسياسات التنمية الصناعية الحديثة التي تركز على تمكين رواد الأعمال الصناعيين وتوفير بيئة جاهزة للإنتاج بدلًا من الاكتفاء بالدعم المالي أو التشريعي.
من زاوية أردنية، يمكن القول إن نقل هذه التجربة إلى المملكة سيكون له أثر بالغ في تحفيز القطاع الصناعي، خصوصًا في المحافظات. لدينا في الأردن طاقات شبابية مؤهلة، وأراضٍ صناعية مهيأة، ولكن ما نفتقر إليه غالبًا هو التكامل المؤسسي والبنية التحتية الجاهزة التي تختصر الوقت والكلفة على المستثمر الصغير.
يمكن للأردن أن يتبنى نموذج “المجمع الصناعي الجاهز” ضمن رؤية شمولية مع ضرورة التعاون مع صناديق التمويل مثل بنك المدن والقرى، والمدن الصناعية. يتم من خلالها طرح وحدات صناعية صغيرة ومتوسطة بمساحات مختلفة، مرفقة بخدمات الكهرباء والمياه والاتصالات والتراخيص المسبقة.
هذه المبادرة يمكن أن تكون مدخلًا لتفعيل سياسة اللامركزية الصناعية، بحيث تُنشأ مجمعات في الكرك والطفيلة والمفرق وإربد، ما يسهم في خلق فرص عمل محلية، ويقلل الضغط على العاصمة، ويعزز مفهوم “الصناعة من أجل التنمية المناطقية”.
إن ما قامت به مصر نموذج يستحق الدراسة ويبرهن أن تحفيز الصناعة لا يحتاج إلى معجزات، بل إلى مبادرات واقعية ومتكاملة. وإذا استطعنا في الأردن تبني نموذج مشابه مع لمسة أردنية تراعي خصوصية السوق المحلي، فسنكون أمام فرصة حقيقية لإطلاق جيل جديد من الصناعيين الشباب القادرين على المنافسة إقليميًا ودوليًا.