هدوء حذر

محمد سلامه

درعا البلد..عقدة تتحلل بالضغط تارة وبالقصف أخرى، والنظام وحلفاؤه مصرون على عودتها كاملة تحت السيادة وبلا عصابات واسلحة،وكل ما جرى من تفاهمات ونقضها ووقف لاطلاق النار ونسفه، وسحب للاسلحة الثقيلة وقبول الخفيفة، ومغادرة القيادات الخطرة والابقاء على الآخرين..كل هذا يتم في أجواء من الهدوء الحذر ألذي يسبق العاصفة (اي اجتياح البلد وحسم الوضع ميدانيا).
مناشدات الأهالي وتدخلات الوسيط الروسي،ومحاولات بعض قادة المسلحين تثبيت الوضع القائم وتحويله إلى دائم سوف تفشل، لأن القرار النهائي هو للجيش السوري ولقيادته السياسية،فالخاصرة الأضعف أمنيا وسياسيا قبل التوجه إلى إدلب وريفها هي درعا البلد، وكل التقديرات تشير إلى أن انهيار الهدوء الحذر وجميع التفاهمات هي مسألة وقت ليس أكثر،وقيادات بالمعارضات تعرف ذلك، وبعضها يتسلل خلسة في رحلة خروج إلى الشمال،ووفق التسريبات الروسية فإن شروط النظام والجيش السوري تتركز على إعادة درعا البلد وما حولها بهدوء وبأقل الخسائر وإنهاء مشكلة الجنوب كله أولوية أمنية وسياسية.
المعارضات المسلحة وبعض قيادات المجاميع المسلحة تحاول شراء الوقت،وتحتمي بالمدنيين، وترى في الروسي ليس وسيطا،ومجبرة على التعاطي مع المبادرات التي تعرض عليها، وواضح أنها تعيش أيامها الأخيرة في درعا البلد، والسؤال الكبير..على ماذا تراهن؟!.
الحرب بالمستوى السياسي حسمت لصالح النظام السوري منذ سنوات، وبالمستوى الأمني باتت تميل لصالحه، والتحالفات الإقليمية والدولية تتعاطى مع النظام، ولهذا فإن الرهانات التي تحاول تسويقها قيادات المعارضات على المدنيين وعلى ذاتها تمثل اكذوبة لا تنطلي على أحد، فقبل أيام أصدرت بيانا تهدد فيه كل من يخرج من بيته (موجه للمدنيين المحاصرين) وتناست فشلها في المواجهات الأخيرة وقبولها تسليم الأسلحة الثقيلة وخروج بعض قياداتها باسلحتهم الفردية، والاستسلام لدخول الشرطة الروسية وقبولها إنزال علمها ورفع علم النظام السوري،ولم يبق سوى أن تقبل بتسليم انفسها وأن تقبل بمحاكمة عادلة وتنتهي القصة..فعلى ماذا تراهن وتسوق لفكرة الهدوء الحذر على أنه هدوء دائم لصالح بقائها؟!.
درعا البلد..باتت في قبضة النظام سياسيا واقتصاديا، وبقضبة الروس والجيش السوري أمنيا، والهدوء الحذر لن يطول طالما بقي مسلحا واحدا خارج عن الدولة والنظام السوري، ودرعا وما حولها بات محاصرا ويعيش رحلة الانكسار الأمني والسياسي والاعلامي في جواره وخارجها، وعودة الجنوب السوري كله سياسيا وامنيا واقتصاديا يحتاج إلى قرار حاسم واقرار من قيادات المعارضات المسلحة بانتهاء رحلة الهدوء الحذر وتسليم مقاليد الأمور كلها للدولة السورية ليسود الهدوء الدائم المنطقة وجوارها وتنتهي رحلات عذابات اللجوء للمدنيين.
السؤال..الى متى المراوغة والهروب يا معارضات مسلحة.. الم يحن الوقت ليسود الهدوء الدائم بدل الهدوء الحذر؟!.

 

مقالات ذات صلة