أفغانستان تخطو نحو التطبيع الاقتصادي مع استئناف الرحلات التجارية

حرير _ تُواصل حركة طالبان بسط سلطتها في أفغانستان والتوجّه نحو التطبيع الاقتصادي، مع توقّع استئناف الرحلات التجاريّة إلى مطار كابل، وذلك بعد عشرين عامًا على هجمات 11 أيلول/سبتمبر التي أدّت إلى إطاحة النظام.

وغيّرت هذه الهجمات التي نفّذها تنظيم القاعدة تاريخ أفغانستان. وقرّرت واشنطن بعدها غزو البلاد لإطاحة طالبان من السلطة، بعدما اتّهمتها بإيواء قادة من تنظيم القاعدة.

استمرّت هذه الحقبة طوال عقدين وانتهت في 15 آب/أغسطس، مع عودة طالبان إلى السلطة بعد الانسحاب العسكري الأميركي.

وانتشرت شائعات في الأيّام الأخيرة عن احتمال تولّي حكومة طالبان الجديدة مهامها رسميًا السبت، لكن لم يصدر أيّ إعلان بعد الظهر في هذا الصدد.

وقال محمد الزواد الموظّف في مصرف لوكالة فرانس برس “إنّه يوم لأميركا وليس أفغانستان”. بالنسبة إليه، اعتداءات 11 أيلول/سبتمبر “لا علاقة لها بأفغانستان، لكنّها جعلتنا نُعاني”.

واتُخذت خطوة نحو التطبيع الاقتصادي السبت، بإعلان الخطوط الجوّية الباكستانيّة استئناف رحلاتها التجاريّة الاثنين، من إسلام أباد إلى كابل، إثر توقّفها بعد 15 آب/أغسطس.

وقال متحدّث باسم الشركة الباكستانيّة لفرانس برس “في هذه المرحلة، تلقّينا 73 طلبًا” من ركّاب مهتمّين. وهذا أمر مشجّع للغاية”.

وأضاف أنه تلقّى طلبات كثيرة من منظّمات إنسانيّة غير حكوميّة وصحافيّين راغبين في التوجّه إلى كابل.

وكانت رحلة دوليّة أولى غير تجاريّة لإجلاء الركّاب من كابل إلى قطر أقلعت الخميس، تلتها الجمعة أخرى على متنها 158 راكبًا بينهم أميركيون وألمان وكنديون وفرنسيون وهولنديون وبلجيكيون ومن جزر موريشيوس.

في نهاية آب/أغسطس، كان مطار كابل مسرحًا لمشاهد فوضى، مع وجود آلاف الأفغان الخائفين من عودة طالبان أو الباحثين عن حياة أفضل في الخارج، محاولين بأيّ ثمن الصعود إلى إحدى رحلات الجسر الجوّي الذي نظّمته الولايات المتحدة ودول أخرى.

وأجلي أكثر من 123 ألف شخص، معظمهم أفغان، في إطار هذه العمليّة التي تخلّلها في 26 آب/أغسطس اعتداء أسفر عن أكثر من 100 قتيل تبنّاه الفرع المحلّي لتنظيم داعش الارهابي.

ودافع الرئيس الأميركي جو بايدن السبت، على هامش المراسم التي أقيمت في الذكرى العشرين لهجمات 11 أيلول/سبتمبر، مجدّدًا عن قراره سحب قوّات بلاده من أفغانستان، قائلا إنّ الولايات المتحدة لا يمكنها “غزو” كل بلد توجد فيه “القاعدة”.

وقال لصحافيّين في شانكسفيل في بنسلفانيا، حيث تحطّمت إحدى الطائرات الأربع التي خطفها مسلحو القاعدة قبل 20 عامًا، “هل يمكن أن تعود القاعدة؟ نعم، لكنّني سأقول ذلك لكُم، لقد عادوا بالفعل في أماكن أخرى”.

وأضاف بايدن “ما هي الاستراتيجيّة؟ يجب أن نغزو كلّ الأماكن التي توجد فيها القاعدة ونترك قوّاتنا هناك؟ فلنكُن جادّين!”.

وكرّر الرئيس الأميركي الذي تعرّض لانتقادات شديدة بسبب الانسحاب الفوضوي من أفغانستان في 31 آب/أغسطس، أنّ محاولة توحيد الأفغان كانت خطأ.

ويعتبر بايدن أنّ الأميركيّين أنجزوا مهمّتهم عبر قتل أسامة بن لادن مؤسّس القاعدة وتحييد الشبكة المسلحة في قاعدتها الأفغانيّة.

وانتقد الرئيس السابق الجمهوري دونالد ترامب، من جهته، خليفته الديمقراطي بشدّة السبت، خارقًا بذلك جوّ الوحدة الوطنيّة الذي ساد فعاليّات الذكرى العشرين للهجمات.

واستنكر ترامب “عدم كفاءة” بايدن، مندّدًا بالانسحاب “الرهيب” من أفغانستان.

دعم النظام 

بعد أكثر من ثلاثة أسابيع على عودتها إلى السلطة، بدأت طالبان هذا الأسبوع كشف النقاب عن خططها، لا سيّما تقديم الحكومة الجديدة بقيادة عدد من كوادر الحركة المتشدّدين الذين كانوا في السلطة في عهدها الأوّل (1996-2001).

وتتكوّن الحكومة حصرًا من أعضاء الحركة الإسلاميّة، في غياب العنصر النسائي.

مقارنة بتسعينات القرن الماضي، اتّخذ الإسلاميّون خطوات إلى الأمام، مثل السماح للنساء بالدراسة في الجامعة، لكنّهم وضعوا قواعد صارمة لذلك، وبالتالي سيُفرض عليهنّ “ارتداء الحجاب والنقاب وكذلك حضور دروس في فصول غير مختلطة”.

كما أشار النظام الجديد إلى أنّه لن يُسمح للنساء بممارسة الكريكت والرياضة عمومًا.

أثارت هذه الإجراءات قلق جزء من المجتمع الدولي والسكّان الذين يتذكّرون وحشيّة نظام طالبان في التسعينات.

ونُظّمت تظاهرات نسائية عدّة للمطالبة خصوصًا بالحقّ في العمل بالخارج، وكذلك لمعارضي النظام في الأيّام الأخيرة في كابل وفي مدن رئيسيّة أخرى في البلاد. وفرّقت طالبان المحتجّين، بوحشيّة في بعض الأحيان.

في المقابل، تجمّعت بضع مئات من الأفغانيّات المنقّبات في مدرج بجامعة كابل السبت، تعبيرًا عن دعمهنّ نظام طالبان الجديد.

ولوّحت النساء اللواتي بلغ عددهن 300 امرأة، معظمهنّ بالنقاب الأسود، بأعلام طالبان وهن يستمعن إلى متحدّثات قدِمن للدفاع عن إجراءات النظام الجديد.

وانتقدت النساء كلّ اللواتي نزلن إلى الشارع في الأيام الماضية للمطالبة باحترام حقوقهنّ.

وقالت طالبة تدعى شبانة عمري لفرانس برس إنّها تؤيّد سياسة طالبان بأن ترتدي جميع النساء الحجاب.

واعتبرت أنّ “اللواتي لا يضعن الحجاب يُسئن إلينا جميعًا”.

ورأت سمية، من جهتها، أنّ الوضع تحسّن منذ عودة طالبان.

وقالت “لن نرى بعد الآن السافرات”، مضيفة “ستكون النساء بأمان. نحن ندعم حكومتنا بكل قوتنا”.

من جهتها، أكدت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونسكو) الجمعة أنّ أفغانستان تواجه خطر حدوث انتكاسة لمسار عقدين من المكاسب التعليمية للأطفال، خصوصًا الفتيات.

وأفادت الوكالة الأممية في بيان “يُتوقّع ارتفاع عدد النازحين في الداخل، ما يزيد خطر حدوث خسائر في التعليم في أوساط الأطفال (ما يعني) كارثة أجيال ستؤثّر سلبًا على التنمية المستدامة للبلاد لسنوات”.

أ ف ب

مقالات ذات صلة