السيناريوهات المتوقعة في المنطقة

د. عبد الرزاق الدليمي

في معرض محاولاتي إيجاد تفسيرات منطقية لما يحدث في منطقتنا.. وقع بيدي محضر موثق لأحد اجتماعات لجان الاستماع لمجلس النواب في أميركا في عام 2008، وخلاصة ما خرجت به من استقراء عميق لكل النقاشات وما طرح من آراء للخبراء والمتخصصين في المجالات الاستراتيجية المختلفة أن الولايات المتحدة وحلفائها في الغرب لم ينطلقوا في احتلالهم لأفغانستان والعراق من أهداف بناء الدولة أو لنشر الديمقراطية كما زعموا ولم يكن ليهمهم مصالح الشعبين العربي أو الأفغاني، بل وحتى عملاءهم والخونة الذين ساروا في ركابهم، وغيرهم من المغفلين الذين تم تحريضهم على القتال دفاعاً عن الاحتلال الأمريكي الغربي لأفغانستان، لم ينظر إليهم إلا كأدوات ميكانيكية تنفيذية ما يلبثوا أن يتركوا كمخلفات حرب تنال نصيبها من الذل والهوان واللعنة، وهذا ما حدث عندما حاولوا إيهام حكومة كرزاي وما بعدها وأنهم سيحولون مدن أفغانستان إلى لوس أنجلوس.

إذن فالأهداف الحقيقية للاحتلال استندت على رغبة وقناعة في آن معاً لإعادة صياغة الصيرورة الاجتماعية والفكرية والأخلاقية للبلدان المحتلة بما يمنعها من بلوغ أي من أهداف النمو والنهوض وترسخ لديها كل عوامل الضعف والفتن لضمان قصورها في تنفيذ أي دور وطني أو إقليمي، وفضلاً عن هذا كله، تبقى المصالح الاقتصادية الحيوية تشكل قواماً رئيسياً من أهداف الاحتلال. أن نتاج الاحتلال للبلدين أثبت حقيقة أن الاستعمار الأمريكي والبريطاني والفرنسي وغيرهم لا يجيدون غير أفعال الدمار والخراب والقتل ونشر الفوضى والفساد والتخلف بكل عناوينه، فالمحتل يبرع في الإعمار في بلاده ويتقن التدمير في البلدان الاخرى وهذا ما يحرص عليه بشدة.

لذلك نتوقع أن تشهد الأسابيع وربما الأشهر القادمة متغيرات ليست داخل أفغانستان بل في كل أجزاء مختلفة من المنطقة وتحديداً بعد أن أقدمت الولايات المتحدة الأمريكية على تنفيذ إضافات أخرى في سيناريوهات خططها للمنطقة الملتهبة؟.

ونظراً لأن الضرورات تبيح المحذورات فإن أغلب الظن، ستقوم أمريكا اليوم وغداً مضطرة إلى الابتعاد عن شعوبنا وأن تكف شرها عنهم، وربما هي بحاجة لأن تتعظ وتكتفي بما أزهقته من أرواح الأمريكيين ومن حلفائها في الناتو في حروب تدميرية. فقد خسروا في العراق وحده عشرات الآلاف من جنودهم، ومئات آلاف الجرحى والمعوقين بدنياً وعقلياً، عدا التريليونات من الدولارات التي كان يمكن أن توظف لتحسين أوضاع المواطنين والبنى التحتية المتداعية داخل المدن الأمريكية، ناهيك عن سرقة بعض المسؤولين الأمريكيين لمئات المليارات من أموال وخيرات شعوبنا، خصوصاً وأن ما اشتملت عليه أسباب الحرب إضافة إلى ما تم ذكره آنفاً هو تبييض الأموال والربح من تجارة المخدرات وتنشيط شركات إنتاج السلاح والأدوية في العالم وإلخ، وكل ذلك كان بدعاوى مزيفة ومبررات كاذبة تم ترويجها لاحتلال الشعوب بصيغة انتقائية مثل مسرحية أحداث سبتمبر وإلصاقها بأفغانستان، وأكاذيب ربط العراق بالقاعدة والزعم بامتلاكه الأسلحة النووية والبيولوجية، مع ملاحظة أن أمريكا وكل حلفائها يقفون متفرجين أمام صنيعتهم دولة الملالي في طهران التي أعلنتها جهاراً ومراراً أنها أنتجت أو ستنتج السلاح النووي وغيره.

مقالات ذات صلة