السلام عليك يا راعي الخير

 

حرير_السلام على غريسا وأنت تعبر “بحلالك ” مروجها وموارسها، فما زالت تنبت بيادرها خيرا وما زالت مروجها تنتج طيبا ، يا حفيد فارس الكرم والجود “بركة المصطفى المعلا” ، فقد مرّ على هذه الدروب ، وصنع مجدا من طيب وقهوة وقصائد ، وصعد بحوافر خيله هذه التلال ، وأسرج عليها نصرة للمظاليم ، وترك بيته مشرعا للضيوف والمحتاجين والسمّار ، وسيفه نارا على الظالمين والإقطاعيين .
تعال أعبر ” بمعزك وجديانك ” هذه المراعي ، فلم تعد هناك من يحتملها إلا أنت ، وفاضت مياه آبارها التي حفروها أهلك يوما على البساتين ، فتدلت قطوف العنب على الدوالي ، ونضج التين على عوده ، كانت هذه المروج تموج بالقمح، واليوم لا قمح ولا تين ولا عنب وكثير من الغضب والعتب .
اليوم يا عم أصبحت قرانا مدنا ، وصلتنا المدنية والكهرباء والإنترنت ، لم يعد “لحلالك ” مكان معها ، وإبتلع الحجر الأبيض والقرميد والإسمنت كل المراعي وأماكن “السراحة ” ، لم يعد يحمي هذه الموارس إلا الزيتون ، يكافح وحيدا ويقاتل ليعيش حارسا للتلال .
إمض وحافظ على رؤوس غنمك ، فقد غادرنا الخير والبركة منذ تركناها ، وتركنا الأرض وركبنا السيارات الحديثة ، ذهب الحراث يبحث عن وظيفة في مصنع ، وإنتظرنا الراتب كل شهر ، ووسعنا المضافات ولكن بلا ضيوف ، فضاقت الصدور ، وتاهت البوصلة والسطور .
يا راعي الخير وفيّ وجع من وجعك ، ومن وجع القرى المنسية من الحكومات ، إمضِ وإعبر الطريق فلست وحدك ، فأنت من بقية أهل “الحلال” المتعبين ،حرّاس البلاد وسادتها ، وآخر ما تبقّى لنا من الطيبة والقناعة والرزق الحلال ، وبقيّة وطن نشدّ عليه بالنواجذ ، وبقيّة أهلنا الطيبين القابضين على جمر الوطن .
د محمد عبدالكريم الزيود

مقالات ذات صلة