الغنوشي: مستعدون لأي تنازل من أجل إعادة الديمقراطية

حرير _ دعا رئيس حزب النهضة التونسي ذي المرجعية الإسلامية، راشد الغنوشي، الخميس، إلى حوار وطني في البلاد، وأبدى في مقابلة مع وكالة فرانس برس استعداد حزبه لـ”أي تنازلات من أجل إعادة الديمقراطية”، بعد ثلاثة أيام على إعلان الرئيس التونسي، قيس سعيّد، توليه السلطة التنفيذية وتجميد البرلمان.

لكنه نبّه في الوقت نفسه إلى أنه إن لم يكن هناك اتفاق حول الحكومة القادمة، “سندعو الشارع للدفاع عن ديمقراطيته”.

وأعلن سعيّد، الأحد، تدابير استثنائية قضت بتجميد أعمال البرلمان لثلاثين يوما، وإعفاء رئيس الحكومة، هشام المشيشي، من مهامه وتولي السلطة التنفيذية بنفسه. وندد حزب النهضة بالقرارات الرئاسية واصفا إياها بـ”الانقلاب على الثورة والدستور”.

وقال الغنوشي لوكالة فرانس برس إنه منذ صدور القرارات، “ليس هناك حديث مع السيد رئيس الجمهورية ولا مع أعوانه”، مضيفا “لكن نرى أنه ينبغي أن يكون هناك حوار وطني من أجل كيف تكون لتونس حكومة”.

وأضاف “مستعدون لأي تنازل، إذا كانت هناك عودة للديمقراطية (..) الدستور أهم من تمسكنا بالسلطة”.

لكنه قال “إن لم يتم الاتفاق على عودة البرلمان وتكوين حكومة وعرضها على البرلمان، الشارع التونسي سيتحرك لا شك، وسندعو الشارع التونسي للدفاع عن ديمقراطيته وأن يفرض رفع الأقفال على البرلمان”.

“لا شرعية”

وأضاف “لا شرعية لحكومة لا تمر بالبرلمان”.

وحصلت مواجهات محدودة، الإثنين، أمام البرلمان التونسي بين معترضين وقوات من الجيش انتشرت في منطقة باردو بالعاصمة، ومنعت أحدا من دخول المقر، بمن فيهم الغنوشي الذي يترأس البرلمان والذي أمضى 12 ساعة في المكان احتجاجا.

وقال الغنوشي، الخميس، إنه “كانت هناك خشية من أن يكون هناك صدام مع الجيش وكان عشرات الآلاف يزحفون للعاصمة من أنصار النهضة”، مشيرا إلى أنه طلب منهم العودة أدراجهم.

وأضاف “هذا لا يعني أننا سنسكت على الانقلاب. نحن سنقاوم الانقلاب بالوسائل السلمية”، متابعا “نحن ماضون في الوسائل السلمية والحوار والتفاوض وضغط الشارع وضغط المنظمات والمفكرين والضغط الداخلي والخارجي من أجل استعادة الديمقراطية”.

وقال “هذا هدفنا الوحيد”.

وتابع القيادي الإسلامي الذي كان معارضا لنظامي الحبيب بورقيبة وزين العابدين بن علي لسنوات طويلة، بينما يتمتع حزبه بالنفوذ الأكبر في السلطة منذ عشر سنوات، “قلت من اللحظة الأولى إن هذا انقلاب على الدستور وعلى الثورة والشعب التونسي لأنه مخالف الدستور (..) إنه انقلاب على الدستور بوسائل دستورية متعسفة”، معتبرا ذلك “خطأ جسيما”.

واستند سعيّد، الأستاذ السابق في القانون الدستوري، في قراراته الأخيرة إلى الفصل 80 في دستور 2014. واستفاد من النقمة الشعبية على أداء الحكومة والبرلمان اللذين عجزا عن حل الأزمة الاقتصادية الخانقة التي تعيشها البلاد منذ سنوات، كما فشلا في إدارة أزمة كوفيد-19.

وبدا الغنوشي في المقابلة براغماتيا، كما أظهرت ممارسته السياسية خلال السنوات الماضية.

وقال “هناك محاولات لتحميل سلبيات المرحلة للنهضة. لكن خلال السنوات العشر الماضية، كانت هناك عناصر إيجابية، فتونس كانت الاستثناء الذي حافظ على شعلة الحرية في منطقة كلها دكتاتورية وتعرضت تونس للتآمر على ديمقراطيتها من طرف الأنظمة التي تخاف الديمقراطية التونسية”.

لكنه أقر بأنه “كانت هناك أخطاء في المجالين الاقتصادي والاجتماعي، والنهضة تتحمل جزءا من المسؤولية”.

“أصبح المحكمة الدستورية”

وتُعتبر تونس، مهد “الربيع العربي”، البلد الوحيد الناجي من التداعيات السلبية للثورات الشعبية التي استحالت في دول أخرى نزاعات دامية أو قمعا جديدا. لكن حكامها لم يتمكنوا من إيجاد أي حل للمشاكل التي لعبت دورا كبيرا في تفجير ثورة 2011.

وقال الغنوشي “الانقلاب الذي حصل لم ينهِ التجربة التونسية ولم ينهِ الربيع العربي”.

وأضاف “الأحزاب السياسية أخطأت خلال الست سنوات السابقة ولم تنجح في إقامة المحكمة الدستورية لتكون حكما بين السلطات”، معتبرا أن “الرئيس التونسي استغل غياب المحكمة الدستورية ليحتكر تفسير الدستور وليصبح هو المحكمة الدستورية”.

وتسبب توتر العلاقات منذ أشهر طويلة بين رئاسة الجمهورية وحزب النهضة بشلل في عمل الحكومة وفوضى في السلطات العامة.

ويخشى محللون اليوم أن تؤثر الأزمة سلبا على الديمقراطية الناشئة، بينما تترقب البلاد الخطوات الرئاسية المقبلة.

وقال الغنوشي “أنا متفائل بمستقبل الديمقراطية في تونس، والانقلاب سيفشل”.

مقالات ذات صلة