كيف دمّرت «إسرائيل» قطاع التعليم في غزة؟

حرير – «حان الوقت لتعلّم شيء ما عن «إسرائيل». نحن هنا لنبقى. لن نذهب إلى أي مكان. لن نتحمل إرهابكم، وهم سيبدؤون بتعلّم اللغة العبرية في هذه المدرسة قريبًا». هذه الكلمات رددها أحد «المتطوعين» الأجانب في جيش الاحتلال الإسرائيلي، من داخل إحدى مدارس غزة، في تماهٍ مع الخطاب الإسرائيلي الذي يصف المؤسسات التعليمية في غزة بأنها «بؤر لتعليم وإنتاج الإرهاب». وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، قد أعلن منذ شهر تقريبًا أن أحد شروط الاحتلال لإنهاء العدوان على غزة هو منح السلطة عليها لجهة «لا تعلّم الإرهاب». ليس هذا الخطاب جديدًا على الاحتلال، فقد كرره في الحروب التي شنّها على قطاع غزة منذ بدء الحصار، مستهدفًا المؤسسات التعليمية فيها جميعها.

وفي الحرب الدائرة اليوم، ينتهج الاحتلال الإسرائيلي سياسة التدمير، فلم يستثنِ الجامعات والمدارس من استهدافاته المباشرة، وألحق الأضرار بـ90% من كل هذه المدارس، إذ تضررت قرابة 300 مدرسة وجامعة بشكل جزئي، وتوقفت 95 أخرى عن الخدمة تمامًا، بحسب بيانات المكتب الإعلامي الحكومي حتى اللحظة. وبحسب وزارة التربية والتعليم الفلسطينية فقد تحولت 133 مدرسة حكومية لمركز إيواء. وفي الأيام الأولى للحرب لجأ أكثر من 130 ألف غزيّ إلى 83 مدرسة تابعة للأونروا وحدها، والتي لم تسلم مدارسها من القصف الاسرائيلي المستمر، وكانت الحكومة الإسرائيلية هاجمتها سابقًا لكونها «تمجّد الإرهاب والتحريض على «إسرائيل»» عبر مساقاتها.

حوّلت القوات البرية للاحتلال بعض المدارس، التي لم تُدمّر بشكل كامل، إلى مناطق عسكرية يتموضع فيها الجنود، أو نقاط اشتباك، أو مسرحًا لتصوير مشاهد إطلاق الرصاص على الجدران، بعد أن كانت مساحات آمنة يتعلم ويلعب فيها آلاف الأطفال. ارتكب طيران الاحتلال المجازر بحق عدد من تلك المدارس التي تؤوي آلاف النازحين، إضافة إلى جرائم استخدام المدارس والجامعات لأغراض عسكرية، بما في ذلك ما لا يقل عن 18 حادثة استخدام عسكري لمنشآت الأونروا؛ واستغلالها كمراكز احتجاز واستجواب. كما ارتكب جيش الاحتلال مجازر إعدام أعداد من المدنيين النازحين على مرأى أهاليهم داخل هذه المدارس، وعُثر على جثامين 15 شهيدًا متحللة وقد أعدمتهم قوات الاحتلال في إحدى المدارس في مخيم جباليا. كما تحولت بعض الباحات المدرسية إلى مقابر. كل هذه مشاهد حوّلت مدارس غزة إلى بيوت رعب في ذاكرة الأطفال والطلبة النازحين.

حصار وحروب متعاقبة على قطاع التعليم

كان يُفترض بأكثر من 600 ألف طالب مدرسي أن يلتحق بالعام الدراسي الحالي في غزة، منهم حوالي 60 ألفًا من طلبة المرحلة الثانوية، إضافة إلى 87 ألف طالب جامعة وكلية تقريبًا، كلهم حرموا من العام الدراسي، إذ إنهم بعد أكثر من 100 يوم من الحرب، فقدوا فصلهم الدراسي الأول وما تزال الحرب مستمرة مخلّفة دمارًا لم يسبق لأهل غزة أن شهدوه يومًا. ويقول مدير العلاقات العامة في المكتب الإعلامي الحكومي غزة، محمود الفرا، إن العام الدراسي الحالي قد توقف، رغم عدم صدور بيانٍ رسمي عن الجهات المختصة، إلا أن قراءة الواقع وحجم الضرر الذي لحق بالقطاع يشيران إلى هذه النتيجة، وهذه تعدّ ضربة عنيفة توجّه إلى تعليم مستنزف بالأساس.

أنقاض مدرسة دمرها الاحتلال في مدينة غزة، في الثامن من تشرين الأول 2023. تصوير بشار طالب. أ ب أ.

يشير منسق قطاع التعليم في شبكة المنظمات الأهلية في غزة، أحمد عاشور، إلى أن التعليم في غزة قبل الحرب لم يكن بأفضل حالاته نتيجة الحصار الذي فرضه الاحتلال على غزة، إضافة إلى عدد من الحروب التي واجهت القطاع والتي أثرت على التعليم بالمحصلة، مرورًا بجائحة كورونا التي بقيت آثارها على القطاع مدّة ثلاث سنوات، نتج عنها فاقد تعليمي كبير جدًا لدى الأطفال كما يقول. وتوضّح مسؤولة الإعلام في اليونيسيف، ميرا ناصر، أن مشكلة التعليم في غزة هي مشكلة قديمة متجددة، فقد واجه الجيل الحالي من الطلبة عدّة تصعيدات على قطاع غزة وعانى بالأساس من تحديات كانت تواجه التعليم قبل الحرب الحالية كأعداد المدارس التي لم تكن تكفي لعدد الطلبة في سن التعليم، ما كان يجبر المدارس لأن تعمل بنظام الشفتات الصباحية والمسائية لاستيعاب هذا الكم الهائل من الطلبة. إضافة إلى ذلك توضح أن الجائحة حرمت أعدادًا كبيرة من الطلبة من استمرارية تعليمهم بسبب نظام التعليم عن بعد، وذلك لأن عددًا لا بأس به من العائلات تعاني من عدم وجود أجهزة ذكية أو شبكة إنترنت جيدة، ما سبب ضعفًا لدى كثير من الطلبة.

أمّا التعليم الجامعي فليس بأفضل حالًا، إذ وبسبب الحصار الإسرائيلي المستمر منذ 17 عامًا تواجه الجامعات في غزة مشاكل أخرى مثل تقادم الأجهزة أو غيابها التام. وتواجه أيضًا مشاكل تشغيلية ترتبط بشكل رئيسي بانقطاع التيار الكهربائي الذي يستمر ما بين أربع إلى ثماني ساعات يوميًا. ويؤدي ذلك إلى إلغاء الدورات التدريبية والعمل المخبري، فضلًا عن العروض التوضيحية التي يتم التحكم فيها بواسطة الكمبيوتر. تقول سارة، وهي طالبة جامعية في السنة الرابعة لتخصص طب الأسنان في جامعة الأزهر، إنها في سنتها الجامعية الأولى تجاوزت فترة التعليم الإلكتروني أثناء الجائحة بصعوبة، إذ إنه وبسبب انقطاع الكهرباء، واعتمادهم على طاقة الخلايا الشمسية التي لم تكن تفي بالغرض دومًا، فقد فوتت عددًا من امتحاناتها الجامعية، ما جعلها تعتقد أنهم في غزة ليسوا مستعدّين للتعليم عن بعد وأنه كان سببًا في تراجع الطلبة، بالإمكانيات المتواضعة للقطاع وبشبكة الإنترنت من الجيل الثاني، حيث تمنع «إسرائيل» إدخال الأجهزة اللازمة لبناء شبكات الجيل الثالث في غزة، ما خلق فجوة رقمية كبيرة في التعليم قبل الحرب.

المشكلة الأكبر التي تواجه جامعات غزة هي استهدافها في حروب «إسرائيل» المتكررة ضد غزة، فخلال حرب 2008-2009، هدم سلاح الجو الإسرائيلي ستة مبان جامعية، منها مبنيان تابعان للجامعة الإسلامية. بین عامي 2009 و2012 تم توثيق مئات الھجمات على التعليم، بما في ذلك قتل وإصابة الطلاب والمعلمین، وتدمیر المدارس خلال الحرب. أما في 2014، وفي حربها الأطول على غزة من بين كل الحروب السابقة، فقد أدى القصف لمدّة 51 يومًا على القطاع إلى تضرر 244 مدرسة، منها 70 مدرسة تابعة لوكالة الأونروا، و174 مدرسة حكومية، وتسببت الصواريخ الإسرائيلية بتدمير 26 مدرسة منها بشكل شبه كلي. كما ألحقت أضرارًا جسيمة بـ12 مؤسسة للتعليم العالي، كان أبرزها استهداف مبنى إدارة الجامعة الإسلامية الذي زعم الاحتلال أنها كانت مركزًا عملياتيًا عسكريًا لحركة حماس. وتأثر قطاع التعليم وحده في تلك الحرب بقيمة بلغت أكثر من 33 مليون دولار.

فلسطينيون يتفقدون الأنقاض بالقرب من مدرسة تابعة للأونروا في رفح حيث يحتمي النازحون بعد قصف الاحتلال منزلًا مجاورًا، في كانون الأول 2023. تصوير محمد عابد. أ ف ب

وفي حرب 2018، قصفت الطائرات الإسرائيلية مباني جامعة الأزهر، وألحقت أضرارًا بكلية طب الأسنان بما فيها من عيادات ومختبرات، وكليتي التربية والآداب والعلوم الإنسانية، وكلية الاقتصاد والعلوم الإدارية بتصعيد معتاد من قبل الاحتلال. وبعد تأثر القطاع بالفعل بعد جائحة كورونا، شنت «إسرائيل» عام 2021 عدوانها الرابع على القطاع خلال 13 عامًا بعد الحصار، وقد استمرت المعركة 11 يومًا ما تسبب بتعطيل سير العملية التعليمية، بعد أن استهدف الاحتلال ما لا يقل عن 54 منشأة تعليمية وروضة أطفال. وقتل 66 طفلًا وأصاب مئات منهم بجروح.

خلال الحرب الحالية، وثّق المرصد الأورومتوسطي، استشهاد 94 أستاذًا جامعيًا، توزعوا ما بين 17 شخصية يحملون درجة البروفيسور، و59 يحملون درجة الدكتوراه، و18 يحملون درجة الماجستير.

يقول الفرا إن الحرب على غزة في 2014 كانت من أكثر الحروب قسوة وتأثيرًا على التعليم من بين كل الحروب التي سبقتها، إلا أنه لم يسبق للحرب الحالية مثيل في تاريخ غزة، موضحًا أن قطاع التعليم يتأثر بالقطاعات الأخرى بالضرورة، وكل القطاعات المتداخلة مُدمرة بحسب قوله، فلا يوجد كهرباء ولا ماء ولا قطاع صحي ولا مسكن آمن لكل هؤلاء الطلبة، كما يقول إن حجم الدمار الذي حلّ بالبنية التحتية غير معهود.

إضافةً لانهيار البنية التحتية، فقدْ استشهد 130 من المعلمين والإداريين في المدارس في غزة، فيما بلغ عدد الجرحى منهم 403 جريحًا وجريحة، واستشهد ما يقارب أربعة آلاف طالب وطالبة، بحسب صادق خضور المتحدث باسم وزارة التربية والتعليم الفلسطينية، الذي يوضح أن كل هذه الخسائر التي تعرّض لها الطلبة، إضافة إلى خسارتهم منازلهم وأفرادًا من عائلاتهم، تسبب لهم صدمات نفسية عنيفة يصعب تجاهلها عند الحديث عن عودتهم مستقبلًا للتعليم. ورغم أن القطاع واجه لحظات مؤلمة في السابق إلا أن حجم الاستهداف الحالي يعدّ الأفظع، كما يشير إلى أن واحدة من المسائل التي ستواجه الطلبة بعد انتهاء الحرب هي أن أعدادًا هائلة منهم أصبحت لديهم إعاقات جسدية، وكانت اليونيسيف أفادت أن ألف طفل في غزة فقدوا إحدى ساقيهم أو كليهما منذ بداية الهجمات الإسرائيلية حتى اللحظة، ما سيشكل عائقًا كبيرًا عند عودتهم للتعليم.

مخاوف طلبة الجامعات

قبل الحرب بيوم واحد، كانت سارة في الفصل الدراسي الأول من السنة الرابعة في عيادات الأسنان التابعة لجامعة الأزهر، وكانت اجتمعت وزملاءها بمدرسهم للاتفاق على تمديد مدّة الفترة الدراسية إن استطاعوا. بعد الحرب، توقفت الدراسة وبدأ الاحتلال بقصف مباني الجامعات، مستهلًا عملياته بالجامعة الإسلامية، ثم استهدف جامعة تلو الأخرى، ليصل إلى مباني جامعة الأزهر. كانت سارة نزحت وأهلها إلى إحدى مدن محافظة الوسطى، وسمعت عن تدمير العيادات الجديدة اللي وفرتها الجامعة لطلبة طب الأسنان، كما دمّر المبنى الأساسي للجامعة، حيث أوراق الطلبة وسجلاتهم. هنا تيقنت سارة أن إكمال عامها الدراسي الأخير قد توقف. «من ناحية بقول إنه الجامعات بدها سنتين لترجع إذا مش أكثر، ومن جانب ثاني بقول هيني زيي زي باقي الطلاب نستنى الحلول اللي رح يطرحوها بعد الحرب (..) ومن ناحية بحكي لسا بدي أفكر بحياتي وهل رح أظل عايشة لتخلص الحرب؟».

تستيقظ سارة أحيانًا على أصوات القصف في المكان الذي نزحوا إليه، وتفكر أن عليهم النزوح إلى مكان آخر. ورغم أنها تحاول ما أمكن تجنب التفكير بمستقبلها التعليمي إلا أن بالها يظل مشغولًا بالتفكير إن كانت ستجد وثائق تثبت أنها أكملت ثلاثة أعوام دراسية، أم ستضطر لإعادة الدراسة كلها، خصوصًا أنها حتى الآن لم تسمع أخبارًا عن الجامعة وما سيحل بطلبتها، كما أن المواقع الإلكترونية للجامعات في غزة متعطلة وهو ما يزيد مخاوفها.

يقول الفرا إن أغلب المباني الجامعية في غزة دمرت بشكل مباشر ومتعمّد، بهدف تدمير العملية التعليمية. ويقول إن طلاب الجامعات يعانون من المجهول، حتى إن انتهت الحرب، سيكون انهيار البنية التحتية للجامعات عائقًا حقيقيًا أمام عودتهم للمقاعد الدراسية في مختلف تخصصاتهم، وذلك لأن كل تخصص جامعي له خصوصيته عن المدارس، فهناك الشق التطبيقي الذي يجب أن يجتازه الطلبة خصوصًا في سنواتهم الأخيرة، سواء كانوا في تخصصات طبية أو هندسية أو غيرها، وهناك محددات لوجستية ينبغي توافرها لبعض التخصصات كالمختبرات مثلًا التي لا يمكن حلّها بالتعليم عن بعد إن كان ممكنًا أصلًا.

مبنى الجامعة الإسلامية المدمر في مدينة غزة، في 26 تشرين الثاني 2023. تصوير عمر القطّا. أ ف ب.

في جامعة الأزهر أيضًا، كان صبحي طالبًا في سنته الثالثة من تخصص هندسة الميكاترونيكس، وكان يخطط لإنهاء تخصصه بأربعة أعوام بدلًا من خمسة، ثم البحث عن منح لإكمال الماجستير في الخارج، وينوي العودة بعدها إلى غزة لافتتاح مشروع لمهندسي الميكاترونيكس يبحث في المشاكل الهندسية بالقطاع الإنتاجي والكهربائي في غزة ويقدم حلولًا وابتكارات هندسية جديدة تتلاءم مع واقعهم وإمكانياتهم.

لم يصدّق صبحي خبر استهداف جامعته إلا عندما شاهد أحد الفيديوهات المنتشرة على الإنترنت «كان زي حجر كبير ووقع ع راسي، يعني حلمي ومجهودي ومخططاتي كلها راحت هيك برمشة عين». وشاءت الأقدار أن يعود إلى جامعته مجددًا، لكن نازحًا هذه المرة. يقول إن الاحتلال استهدف الجامعة بالمدافع وحطّم مرافقها ومختبراتها وقاعاتها الدراسية واستخدم ساحة الجامعة المركزية مكانًا لتجمع الدبابات. ثم طلب منهم التوجه إلى الجامعات غرب غزة لاستخدامها مأوى: «لما وصلنا لهناك وجدنا دمار وخراب كتير بكافة المرافق والبنى التحتية، فاضطرينا نبني خيم فوق ركام الجامعات ونعيش فيهم وأنا حاليًا عايش بخيمة داخل جامعتي».

بعد أن رأى صبحي الدمار الذي أصاب جامعته، يعتقد أنه لا يوجد ما يمكن أن يرمم مرافقها بل تحتاج إعادة بناء، ويبدو له أنها تحتاج وقتًا طويلًا أيضًا. سمع صبحي من بعض المسؤولين في جامعته أنه إن تمت إعادة الإعمار، فسوف تستغرق عودتهم للتعليم حوالي ثلاث إلى أربع سنوات لعودة البنى التحتية للتعليم. يعتقد أنه إن استطاع السفر للخارج لإكمال تعليمه فليست هناك طريقة يستطيع من خلالها أن يثبت أنه قطع عددًا كبيرًا من الساعات في غزة.

أزمة التعليم بين الحرب والحصار

يقول الفرا، إن العدوان على القطاع استهدف كافة المرافق الأساسية في غزة وتوقفت كل الخدمات الإنسانية والأساسية. مشيرًا إلى أن استمرار الحرب وحجم التدمير الكبير على المرافق التعليمية يشلّ التفكير بعودة التعليم مع عدم وجود آليات محددة لانتظام العملية حتى بعد انتهاء الحرب. وبحسب خضور، المتحدث باسم وزارة التربية والتعليم في غزة، فقد أصبحت المدارس المتبقية دون أضرار كبيرة، مساكن بديلة للنازحين الذين فقد معظمهم منزله تحت القصف، وليس لديهم بديل عن هذا المأوى حتى بعد انتهاء الحرب، ما يجعل الحديث عن سيناريوهات عودة التعليم صعبًا للغاية بحسب تعبيره.

بالنسبة لوزارة التربية والتعليم الفلسطينية، ورغم أنها تقف على إحصائيات يومية للأضرار التي لحقت بقطاع التعليم، إلا أن خضور يؤكد أن أي خطّة لعودة التعليم تتطلب مرحلة استكشاف لحجم الأضرار الحقيقية في ظل صعوبة الوصول لبعض المناطق ووجود من هم تحت الركام وعدم انتهاء الحرب، لذلك فإنه يرى أن الأولوية القصوى لوقف إطلاق النار، ويقول إن الوزارة تتباحث مع عدد من شركائها بهدف إسناد الموجودين في مراكز الإيواء من الطلبة أو ذويهم لأن أولويتهم مرتبطة بالإغاثة أكثر من التعليم.

تقول ميرا ناصر إن هنالك خطّة تتكون من إجراءات استجابة أوّلية، تنظمها اليونيسف وشركاؤها، تسعى عبرها للبحث عن أماكن آمنة في القطاع يمكنهم من خلالها ضمان استمرارية التعليم، بإنشاء أماكن علمية مؤقتة كالخيام، أو أجزاء من المدارس المستخدمة كمراكز إيواء. أمّا الجزء التالي من الخطة فيقوم على إعادة بناء المنشآت التعليمية وإعادة تأهيل وترميم ما يمكن تأهيله، لكن، رغم ذلك، تقول ناصر إن التحدي الأكبر الذي سيواجهونه هو أنه وحتى قبل الحرب فإن عدد المدارس لم يكن كافيًا.

نازحون في مدرسة تابعة للأونروا في مدينة غزة، في تشرين الأول الماضي. تصوير مجدي فتحي. أ ب أ.

كما توضّح ناصر أن إعادة الإعمار تحتاج إلى تمويلٍ كافٍ للاحتياجات التي خلقتها الحرب، وأن مشكلة تمويل قطاع التعليم متعلقة بشكل مباشر بتمويل القطاعات الأخرى؛ أي أنه لا يمكن أن تحدث إعادة إعمار للتعليم وحده بمعزل عن إعمار كامل للقطاع، وبمعزل عن وقف إطلاق النار العاجل والمستمر قبل أي شيء آخر. وتوضح أن مسألة عودة التعليم عن بعد تشكل تحديًا آخرًا بسبب مشاكل الاتصال التي يعاني منها القطاع حاليًا.

من جهة أخرى، وضح خضور أن مسألة عودة التعليم ليست مرتبطة فقط بترميم وإعادة إعمار البنية التحتية، «الموضوع مش بس إعطاء الطالب كتاب بمجرد انتهاء العدوان»، ويشير إلى أن حجم الضرر النفسي الذي لحق بالطلبة ينبغي أن يكون واحدًا من أهم الجوانب التي ستغطيها أي خطة سيتم تشكليها بعد انتهاء الحرب.

أما الفرا فيختلف مع أي توجه يتعلق ببناء مدارس مؤقتة، حيث يرى أن الأولوية هي لتوفير مساكن مؤقتة للنازحين الذين فقدوا منازلهم ويسكنون اليوم في المدارس بشكل مكتظ، تحديدًا مع عدم موافقة الاحتلال بعد على عودة النازحين لمنازلهم، فلا يمكن إيجاد حلول مؤقتة لتعليم أطفال بلا مساكن بحسب قوله. ويقول عاشور، منسق قطاع التعليم في شبكة المنظمات الأهلية، إن الحديث عن عودة الحياة التعليمية بعد انتهاء الحرب، دون وجود حل سياسي، يضمن فك الحصار وفتح المعابر، وإزالة القيود على الموارد التي تصب في إعادة الإعمار سيكون شبه مستحيل. ويوضح أن انتهاء الحرب دون فك الحصار سيبقي على أزمة التعليم لسنوات طويلة دون حل.

– حبر – 7iber

مقالات ذات صلة