المهنيون ينعون صناديقهم التقاعدية

أحمد حمد الحسبان

حرير- بعد قرار الهيئة العامة لنقابة الصحفيين بتصفية صندوق تقاعدهم في العام 2019، والهيئة العامة لنقابة الجيولوجيين اتخاذ قرار مماثل في شهر أيار الماضي، والهيئة العامة لنقابة المهندسين” بمن حضر” إعادة هيكلة صندوقهم التقاعدي العام الماضي، بدا واضحا أن أزمة الصناديق النقابية بشكل عام، والتقاعدية بشكل خاص قد دخلت حالة الخطر الشديد، وأن بعض حالاتها تستعصي على الجراحة وتستدعي إعلان الوفاة.

غير أن إعلان الوفاة لا يمكن أن يكون متأخرا جدا، والسبب أن الرواتب التقاعدية أصبحت من الحقوق المكتسبة، حيث رهن أعضاء النقابة مستقبلهم بما سيحصلون عليه من تقاعد يساعدهم على أمور معيشتهم ويوفر لهم جزءا يسيرا من تكاليف المعيشة المرتفعة في ظل تقاعداتهم المتدنية أصلا. وفي الوقت نفسه يتجاوب مع أهداف النقابة التي يفترض أن تكون تجمعا مصلحيا لمنتسبيها، وضمانا لهم في شيخوختهم.

فالنقابات التي تخلت عن أنظمتها التقاعدية اكتشف أعضاء هيئاتها العامة الخلل مبكرا وقبل استحقاق أي من أعضائها للراتب التقاعدي، وتعاملت مع الموقف بما يستحق. فالكثير من صناديق التقاعد تعتمد على اقتطاعات بمبالغ بسيطة، تودع في البنوك بفوائد بسيطة، بعيدا عن الاستثمار الناجح الذي يحقق عوائد مجزية ترفع من موجودات الصندوق وتوفر السيولة اللازمة للتقاعد. أما القلة التي توسعت في الاستثمار فقد اكتفت بتجارة الأراضي وبعض الأسهم لكنها حققت خسائر كبيرة وبخاصة خلال موجة الكورونا.

اللافت هنا أن معظم إدارات تلك الصناديق لا تقوم بإجراء دراسات اكتوارية تبين الكفاءة المالية للصناديق لفترات طويلة. ومعظمها تتوسع في نفقاتها الإدارية، وتقوم بتوظيف أشخاص على حساب الصناديق برواتب مرتفعة وبامتيازات من بينها” الثالث عشر والرابع عشر” وغيرها. ونذكر جيدا كيف رفضت تلك النقابات سؤالا حكوميا حول واقع تلك الصناديق وما أجري من دراسات اكتوارية لضمان حقوق المشتركين التي وصلت إلى مئات الملايين من الدنانير. وتمسكت النقابات باتهام الحكومات المتعاقبة بالتدخل في شؤونها.

غير أن أي إجراءات جراحية أو إعلان وفاة تبقى محكومة بإجراءات قانونية يتولاها أصحاب الشأن من الهيئة العامة، بعيدا عن الاجتهادات الشخصية من لجنة نقابية أو حتى من مجلس نقابة كما حدث في نقابة المهندسين الزراعيين التي يتهمها بعض أعضائها بتجاوز القانون في استنباط حل لمشكلة صندوقهم التقاعدي على حساب المتقاعدين أنفسهم.

فبين يدي رسالة تحمل ثمانين توقيعا لمهندسين زراعيين على شكوى مفادها قيام نقابتهم بخصم خمسين دينارا من الراتب التقاعدي المخصص للمتقاعدين منهم. وبحسب الرسالة التي تلقيتها من المهندسة والإعلامية المعروفة سمر العزيزي، مرفقة بتواقيع العشرات من أعضاء النقابة، يقولون إنهم قاموا بتسليمها إلى مجلس النقابة، فإن القرار اتخذ على مستوى لجنة نقابية، ودون استشارة الأعضاء المعنيين، والاكتفاء بنشره على صفحة التواصل الخاصة بالنقابة ليصبح نافذا بالحال، ويتراجع مقدار الراتب التقاعدي لمستحقيه إلى مبلغ بسيط جدا.

بلغة الأرقام يحصل قدامى المتقاعدين قبل الخصم على راتب تقاعدي مقداره 70 دينارا فقط والجدد 180 دينارا. أما بعد الخصم فيصبح راتب المتقاعد القديم 20 دينارا والجديد 135 دينارا فقط .

وبحسب الرسالة فإن مبالغ الاقتطاع التي بدأت منذ شهر كانون الأول الماضي، سيتم تحويلها إلى ما يسمى” صندوق الامانات”، الذي لا يعلمون عنه شيئا، والذي لا يوجد أي نص قانوني يتيح للنقابة اتخاذ مثل ذلك الاجراء.

وبحسب ما نقله الموقعون على الرسالة تصر النقابة على موقفها، وترفض التراجع عن قرارها وسط مغلومات تؤشر على ان جميع النقابات المهنية ماضية على نفس الخط، ما يهدد الحقوق المكتسبة للمهنيين وواقعهم المعيشي.

فمن يحمي تلك الحقوق؟

مقالات ذات صلة