لماذا نشعر بالقلق..؟.. حسين الرواشدة

حرير _ لدي خمسة أسباب على الأقل للقلق حول مصير الاصلاح في بلدنا،لا اتحدث فقط عن السياسة التي توقفت عجلتها لاسباب تبدو غير مفهومة وانما ايضا عن الاقتصاد الذي لم تسعفه كل حزم الضرائب بالتعافي او الخروج من «عنق الزجاجة» او من « غرفة الانعاش «كما كان يذكرنا بذلك معظم رؤساء الوزارات الذين مروا من الدوار الرابع.

 السبب الأول هو ان ما جرى على صعيد بناء الثقة في الشهور خلال الفترة الماضية (وصولا الى الحكومة الراهنة) ولدّ مزيدا من الفجوة.. وتراجع الثقة بين المواطن ومؤسساته، واعتقد ان أهم رافعة للاصلاح هي اعادة هذه الثقة، لا بمزيد من التصريحات والوعود، وانما بالأفعال والممارسات.
السبب الثاني للقلق يتعلق ببعض الممارسات الرسمية التي تتناقض بشكل لافت مع مرحلة الاصلاح التي يفترض اننا بدأنا بها، ولدى كل واحد منا عشرات الأمثلة على ان ما تمارسه بعض مؤسساتنا الوطنية الآن لا يمكن فهمه الا في سياق واحد وهو انها لا تفكر بموضوع الاصلاح ولا يهمها مصيره.
اما السبب الثالث فهو ان البطء في تحديد برنامج زمني محدد وواضح للاصلاح، يستند الى ضمانات حقيقية لا مجرد وعود ، ثم الرهان على عامل الزمن ، وهو رهان اصبح مكشوفا ، يبعث برسالة الى الشارع فحواها ان ما يجري ليس اكثر من محاولة لامتصاص احتجاجات الناس، وعبور المرحلة الى حين عودة الاوضاع الى ما كانت عليه.
السبب الرابع هو ان ما شهدناه في الاشهر الماضية  تحديدا ( بعد احتجاجات الدوار الرابع)  من سجالات وجدل حول موضوعات حساسة جدا، يعني امرين على الاقل: احدهما ان ثمة اخرين دخلوا على خط الاصلاح في الاردن، ولديهم اجندة تبدو مغشوشة وبالتالي فاننا امام حالة جديدة من خلط الاوراق يفترض ان ننتبه اليها ونتعامل معها بحذر، اما الامر الثاني فيتعلق بمحاولات تجري للربط بين الاصلاح كشأن داخلي وبين قضايا في الاقليم لها علاقة ببلدنا، وقد يفهم من محاولات الربط هذه تصفية خيارات محددة، او الضغط باتجاه اتخاذ مواقف تقترب او تتماهى مع الخرائط المعدة سلفا لترتيب الاوضاع في المنطقة.
يبقى السبب الخامس وهو  ان ما جرى منذ سبع سنوات  من حوارات ، حتى لو كانت شكلية ، انصبت في الأساس على التشريعات المتعلقة بالحياة السياسية. وعلى الرغم من أهميتها فانها تبقى مسألة فنية كان يمكن لمجلس النواب او للجنة من المختصين ان ينهضوا بها، فيما غاب الحوار الذي يمكن ان يؤسس لعملية الاصلاح وهو يتعلق هنا بحوار الناس أو المجتمع المعني بالقضية، وحول قضايا مركزية تشكل الأرضية المطلوبة لاية مرحلة انتقالية ومنها قضية المواطنة والهوية والمستقبل.
تحتاج هذه الاسباب بالطبع الى تفصيل اكثر ارجو ان تتوجه اليه نقاشاتنا العامة، لكن المهم الآن هو الخروج من دائرة الشك حول الاصلاح ومستحقاته، والجدل حول ماهيته ولونه، للدخول – على وجه السرعة – الى تنفيذه وحشد ما يلزم من توافقات وطنية عليه.. وهذا لن يتحقق بمجرد تحسين الصورة او بمنطق « فليحسن النطق ان لم تحسن الحال « وانما بتوافق  الجميع للجلوس على طاولة حوار حقيقي يفضي بالضرورة الى بناء مرحلة انتقال ديمقراطي مقنع، ويؤسس لمشروع دولة القانون والمؤسسات والمواطنة الحقة بحيث يطمئن الجميع الى مستقبلهم ويثقون بما انجزوا.. لانهم شركاء فيه.

مقالات ذات صلة