الأردن و”ما بعد الغوطة”!…د محمد أبو رمان

 

الأردن و”ما بعد الغوطة”!…د محمد أبو رمان

 

 

يدرك المسؤولون الأردنيون أنّ هنالك تحديّاً حقيقياً يواجه اتفاق خفض التصعيد والتوتر في محافظة درعا، يتمثّل في الأزمة المتنامية بين الولايات المتحدة وروسيا، وهما القوتان اللتان أنتجتا بتنسيق أردني وفعالية كبيرة وقف إطلاق النار في درعا، الذي أصبح يمثّل نموذجاً استثنائياً في سورية.
خلال الأسبوع الماضي، عقدت اجتماعات في عمّان حضرتها أطراف محلية سورية ودولية وإقليمية لمناقشة التحديات التي قد تنجم عن العملية العسكرية التي يقوم بها النظام السوري بدعم كبير من الروس في الغوطة الشرقية، فعقد اجتماع لما يعرف بغرفة عمان للمراقبة، التي تضم هذه الأطراف الدولية، لمتابعة التنسيق العسكري حول الوضع في درعا، كما ذكرت أخبار أنّ قيادات من الجيش الحرّ دعيت إلى الأردن لمناقشة التطورات المتوقعة.
كما أنّ هنالك محاولات أردنية لترتيب اجتماع ثلاثي آخر، على مستوى سياسي، مع الأميركيين والروس، لإدامة التواصل بين الدولتين مع الأردن من أجل ضمان استمرارية اتفاق خفض التصعيد في درعا، وعدم المساس به.
في المجمل، هنالك غرف عمليات أردنية، على أكثر من مستوى؛ دبلوماسي، عسكري، أمني، تتابع حالياً مجريات الوضع في الغوطة، والسيناريوهات المتوقعة فيما يخص محافظة درعا، من أجل الإبقاء على تحييدها في الصراع الحالي.
القناعة الأردنية تتمثّل في أنّ المنطقة التالية، بعد الغوطة الشرقية، ستكون أجزاء من محافظة درعا، لأنّ النظام السوري ومعه فيلق القدس حريصان على استعادة تلك المناطق والوصول إلى الحدود الأردنية، واستثمار التحول في ميزان القوى الحالي، والتوتر القائم بين الأميركيين والروس، ما انعكس على الغوطة، ومن المحتمل أن يتأثر به اتفاق درعا.
إذاً ما كان يعد إنجازا أردنيا مهما وكبيرا، عبر اتفاق خفض التصعيد، في العام الماضي، وقبلها التفاهمات الأردنية- الروسية، التي أدت إلى هدنة عسكرية سبقت جميع المناطق الأخرى في سورية، هذا الإنجاز أصبح اليوم مهدّداً مع التوتر الأميركي-الروسي ومع التطورات في الغوطة الشرقية، فضلاً عن أنّ الآمال التي عُقدت سابقاً على نجاح مسار الآستانة العسكري، يمكن أن تعزز فرص الحل السياسي، وإعمار سورية، كل تلك التوقعات باتت في مهب التوتر الأميركي-الروسي الراهن.
ما هي الأخطار والتحديات المترتبة على عملية ممكنة في درعا، في حال تمّ الإجهاز على المقاومة المسلحة في الغوطة الشرقية؟ تكمن في أربعة أخطار كبرى؛ الأول موجة نزوح ولاجئين جديدة من درعا باتجاه الحدود الأردنية، والثاني انتقال المواجهات المسلّحة إلى الحدود الأردنية، بعد أن يتم حصار المعارضة المسلحة السورية هناك، والثالث تفكك الجبهة الجنوبية والجيش الحرّ وانتقال الأفراد وربما التنظيمات إلى تأييد القاعدة، وربما خلايا داعش، في حال لم يكن هنالك تدخل إقليمي لإنقاذهم، والرابع، في حال نجح النظام السوري في استعادة درعا، فإنّ الميليشيات المؤيدة لإيران ذات الطابع الطائفي، ستكون على حدودنا الشمالية، وهي عملياً ممسكة بجزء من حدودنا الشرقية!
ما العمل؟ ما هي الخيارات الأردنية لمواجهة مثل هذا السيناريو؟ بالضرورة الجهود الأردنية اليوم متمركزة في مستوى دبلوماسي سواء مع الروس أو الأميركيين من أجل التأكّد من حماية اتفاق درعا. لكن ماذا لو وقع السيناريو السيئ وحدثت العملية؟ هل سيقوم الأردن بدعم الجبهة الجنوبية؟ ما هو الموقف الأميركي (والإسرائيلي)؟
سابقاً أعلن الأردن أنّ درعا هي خط أحمر، وعززت ديناميكيات العلاقة الأردنية-الروسية حالة مريحة نسبياً لنا في درعا، لكن اليوم هنالك تحدٍّ كبير يحاول الأردن مواجهته قبل أن يبدأ بتأكيد بنود اتفاق عمّان.

مقالات ذات صلة