المخاطبة الدينية وزوال إسرائيل… حاتم الكسوانى

إن المتتبع للذين يفسرون الخطاب الديني حول مصير الإحتلال الصهيوني لفلسطين يخرج بأن كيان الإحتلال زائل بوعد إلاهي لا محالة.
ويسترشد علماء الدين ” المخاطبون” بسورة الإسراء التي تؤكد بأن بني إسرائيل سيعلون في الدنيا مرتين الأولى مضت وانتهت بسبب السبي البابلي الذي قام به القائد البابلي نبوخذ نصر.
أما العلو الثاني فإن بني إسرائيل يعيشونه في أيامنا هذه.
”  وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إسْرائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيرًا (4) فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولَاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُوا خِلَالَ الدِّيَارِ وَكَانَ وَعْدًا مَفْعُولًا (5) ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْنَاكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيرًا (6) إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآَخِرَةِ لِيَسُئُواْ وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُواْ الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا (7) عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يَرْحَمَكُمْ وَإِنْ عُدْتُمْ عُدْنَا وَجَعَلْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ حَصِيرًا ” صدق الله العظيم.
وحسب نص الآيات فإن قوما سيهزمون بني إسرائيل وسيدخلون المسجد كما دخلوه اول مرة، لكن المخاطبون  من مفسري الآيات  لا يحددون من هم القوم او الأقوام الذين سيهزمون بني إسرائيل ويتركون الأمر قدريا مرهونا بالوعد الإلاهي .

أيضا لا تحدد الآيات ولا من يفسرونها زمن هذا الزوال، فهل يعقل أن ننتظر  إلى زمن غير منظور لحين تحقق الوعد الإلاهي.

وإذا إنتظرنا فاين ستكون اليد الصهيونية قد وصلت في وطن عربي مفكك واهن تنهشه الأمم من كل أطرافه وتهيأ الظروف لبنى إسرائيل أن يتمددوا بإحتلالاتهم كلما إزدادوا عددا وعدة.

لكن ديننا يخبرنا بأن لا نصر يتحقق دون إعداد العدة له بدليل الآية القرآنية  60 من  سورة الأنفال ( واعدوا لهم ماستطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم وآخرين من دونهم لا تعلمونهم الله يعلمهم وما تنفقوا من شيء في سبيل الله يوف إليكم وأنتم لا تظلمون) صدق الله العظيم.
إذن النصر مشروط بإعداد العدة له وبغير ذلك لن يتحقق بل إن الركون للوعد الإلاهي وحده دون الإعداد لتحقيقه سيجعلنا متراخين قدريين لا نرهب أحدا ، ولان القرآن الكريم قد نزل إلينا نحن العرب ومن ثم من آمنوا برسالة الإسلام السماوية من باقي الأمم فنحن المخاطبون بكل ما جاء فيه ونحن من يقع على عاتقهم دخول المسجد محررين له مرة ثانية ” وإن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم”  محمد : 7  .
و إذا لم نفعل فيصح فينا  ماذهب إليه المفكر الإسلامي نجم الدين أربكان عندما تسائل
” هل ينتظر العرب طير الأبابيل لكي تنقذها؟ هل ينتظر مليار ونصف المليار من المسلمين هذه الطيور، لكي تأتي للقضاء على ثمانية ملايين إسرائيلي، فتحرقهم وتسلم القدس لأهلها وتعيدها إلى عروبتها؟
إذا كان هذا ما ينتظره العرب المسلمون فهذا لن يحدث؛ لأن القدس العربية، قضيةً ومدينةً وتاريخا لن يتم إنقاذها إلا بلحمةٍ عربيةٍ دولية، تبدأ بأهل القدس، حيث عليهم الدخول في معركة البقاء.
ومن المسلمات التي يتفق عليها الجميع بأن إحتلالا كالإحتلال الإسرائيلي القائم حاليا بلا كلفة بشرية او مادية إحتلال يطول فإذا لم تتداعى الأمة وفي مقدمتهم اهل الأرض المحتلة لجعل كلفة الإحتلال باهظة فإنه سيمضي بمخططاته في إستنزاف مقدرات الأمة وتهجير أهل الأرض وإحلال بني إسرائيل محلهم .
وعليه فلابد من ترشيد خطاب ” المخاطبون  الدينيون ” فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية والأرض المقدسة، فأنت عندما تشاهد درسا دينيا يؤكد زوال إسرائيل بضربة قدرية هكذا فإن المتلقي مسلما كان أو عربيا لن يتعب نفسه بالتفكير والبحث عن الوسيلة التي ستؤدي إلى ذلك، ولن يعتقد بانه هو المعنى الأول والأخير بتنفيذ الوعد الإلاهي.
فالخطاب الديني يجب أن يحرض الأمة على أن تعد  وتستعد  لأننا عندما ننظر لشمولية الصورة نتسائل من هم الذين سينهون وجود دولة تملك ترسانة نووية معززة بترسانة من الأسلحة المتطورة ومدعومة من قوى البغي وإستعمار أرض العرب الأوربي والأمريكي وتستطيع  هي وأعوانها بكبسة زر واحد إنهاء وجود دولنا المفككة فقيرة العدة والعتاد والإستعداد .
( ولا يغير الله مابقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم )

الرعد  :11

 

 

 

 

 

 

مقالات ذات صلة