الأصدقاء يسألون عن الأردن..ماذا بعد؟
فهد الخيطان
أظهرت أطراف عربية ودولية اهتماما ملحوظا بالأحداث الأخيرة التي شهدها الأردن. وكان هذا الأمر متوقعا لسببين رئيسيين؛ الأول، أن الأردن وبخلاف دول عربية عديدة نجا من عاصفة الربيع العربي، وتجنب الفوضى التي ضربت أقطارا عربية، رغم التوقعات المتشائمة حول مستقبله في بداية تلك المرحلة، فغدا نموذجا فريدا وهو ما يثير فضول الكثيرين بعد الاحتجاجات الأخيرة. السبب الثاني أن مكانة الأردن الجيوسياسية في الإقليم، تحتم على قوى دولية وإقليمية وعربية إيلاء اهتمام خاص باستقراره.
وفي الأحداث الأخيرة التي شهدها الإقليم نجح الأردن في تبرير وجوده، وشرعية كيانه السياسي على نحو يفوق ما حققه من مكاسب على مر تاريخه السابق.
وقد أكدت الاحتجاجات الشعبية في الأيام الماضية للمراقبين في الخارج أن أزمة الأردن تبقى خارج المألوف العربي؛ فهي ليست أزمة شرعية نظام سياسي، بل أزمة اقتصادية سياسية مركبة تراكمت بفعل سياسات داخلية وظروف إقليمية ضربت الاقتصاد الوطني في الصميم. وكان لافتا بحق أن المتظاهرين لم يخرجوا فقط للدفاع عن حقهم بحياة كريمة، إنما انتصار لدولتهم وشرعية مؤسساتها التي واجهت في الآونة الأخيرة أزمة ثقة خطيرة.
بادر قادة دول عربية وخليجية ومسؤولون أجانب للتواصل مع نظرائهم الأردنيين للاطمئنان على الأحوال في الأردن وإظهار دعمهم لجلالة الملك والشعب الأردني، وفي الأيام القليلة المقبلة سيشهد الأردن حركة دبلوماسية على مختلف المستويات، إذ من المتوقع أن تزور المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل عمان الأسبوع المقبل، يتبعها لقاء يجمع جلالته مع رئيسة وزراء بريطانيا تريزا ماي، ثم قمة أردنية أميركية في واشنطن.
لكن في ظل الأزمة التي تشهدها العلاقات الخليجية، بدا وكأن هناك من يحاول استثمار الأحداث لدفع الأردن باتجاه محور بعينه، وتأليب الأردنيين على دول بعينها بحجة التقصير في مد يد المساعدة له بينما يعاني اقتصاده من متاعب كبيرة كان سببها الرئيسي فوضى الإقليم وحروبه الممولة من دول في المنطقة.
السجال على هذا الصعيد كان قائما في الأوساط الأردنية قبيل الاحتجاجات الأخيرة، ويبدو أن ما حصل أخيرا سيرفع من مستواه، ولا شك أن صدى هذه النقاشات يطرق أبواب الغرف المغلقة لأصحاب القرار، ومن غير المستبعد أبدا، ومع استفحال الأزمة الاقتصادية، أن يفكر الأردن جديا في خطوات دبلوماسية وسياسية لتنويع خياراته وعلاقاته، لكن دون الإضرار بتحالفاته الحالية.
الشيء المؤكد أن الأردن ومنذ فترة يفتقد أصدقاءه. ورغم قناعته التامة بأن الطريقة التقليدية في المساعدات لم تعد متاحة حاليا، إلا أن السؤال الدائم عن المبررات من وراء ترك الأردن وحده يواجه تداعيات الإقليم، دون إسناد اقتصادي بوسائل أخرى غير المنح المباشرة للخزينة.
ومن بين الخطوات التي يتوقع أن يدفع الأردن باتجاهها، فتح المعابر مع سورية ودعم تسوية سياسية في الجنوب السوري، واستكمال جهود تنشيط التجارة مع العراق، وإبرام اتفاقية أنبوب النفط بين البصرة والعقبة.
أما على صعيد العلاقة مع الدول الخليجية، فما نشهده من تحسن في العلاقات مع قطر “المحاصرة خليجيا”، يمكن أن يستمر بوتيرة أسرع على المستوى التجاري، إلى أن تحين فرصة استعادة العلاقات السياسية زخمها المطلوب.
الأسابيع المقبلة ستحسم إلى حد كبير خيارات الأردن، فبعد أن ينقضي موسم المجاملات لا بد من التفكير بالخطوات المطلوبة على الصعيد الخارجي لدعم الاستقرار الداخلي.