تأملات فى ذكرى الوحدة معركة استرداد سوريا ..عبد الله السنّاوى

بين أحلام الوحدة وكوابيس النار قصة طويلة وأليمة أهدرت فيها كل القضايا، وارتكبت كل الخطايا واستبيحت كل المحرمات.

أسوأ ما يحدث الآن شبه غياب أى دور عربى متماسك ومؤثر فى حركة الحوادث التى تضع الأزمة السورية على مفارق الحسم حيث تتحدد الموازين السياسية فى أى تسويات محتملة بقدر الموازين العسكرية على الأرض.
ننسى ــ أحيانا ــ أن حوادث التاريخ تتصل عند الجذور، فالصراع على سوريا دورا ووجودا يعود إلى ما قبل الوحدة مع مصر، التى أعلنت يوم (22) فبراير (1958).

فى خريف (1957) كانت سوريا مهددة فى صميم وحدتها الداخلية ومكشوفة لضغوط إسرائيلية وتدخلات تركية، ومشروعات انقلابات عسكرية، أو غزو من الخارج، يقوده رئيس الوزراء العراقى «نورى السعيد»، الرجل الذى ارتبط أكثر من غيره بسياسة الأحلاف العسكرية فى المنطقة.
وقف فى الخندق نفسه رئيس الوزراء التركى «عدنان مندريس»، الذى حشد قواته على الحدود وهدد وأنذر باسم حماية سوريا من أن تسقط فى يد «الشيوعية الدولية».
جرى اجتماع فى إسطنبول لوزراء خارجية ودفاع ورؤساء أركان جيوش حلف «بغداد» للنظر فى التدخل العسكرى المباشر فيما كانت واشنطن تعلن عن شحنات سلاح تحملها طائرات عبر جسور جوية إلى المنطقة والاتحاد السوفييتى يحذر من مغبة أى تصرفات عسكرية ضد سوريا ويحرك أسطوله البحرى باتجاه الشواطئ السورية.
الأزمان والسياقات والذرائع اختلفت عما كانت عليه قبل الوحدة المصرية السورية، لكن شيئا من ظلال التاريخ ما يزال ماثلا حتى اليوم.
الأدوار تحكمها تصورات وأفكار واستراتيجيات بأكثر من الرجال الذين يمثلونها على مسارح التاريخ، «فلاديمير بوتين» الآن أو «نيكيتا خروتشوف» (1957)، «رجب طيب أردوغان» الآن أو «عدنان مندريس» قبل ستة عقود.

فى (13) أكتوبر (1957) عبر العالم العربى عن حيويته عبر «جمال عبدالناصر» الذى أعلن دعمه الكامل لسوريا سياسيا وعسكريا حيث وصلت فجأة قطع بحرية مصرية إلى ميناء اللاذقية محملة بلواءين كاملين وأسلحة ثقيلة من المدفعية والمدرعات.
كان رد الفعل الشعبى مزلزلا داخل سوريا وتجلى مشروع الوحدة مع مصر كدعوة شعبية لا يمكن تحديها.
هكذا ولدت دولة عظمى فى الشرق، كما قيل وقتها على أوسع نطاق.

 

مقالات ذات صلة