محكمة كولورادو تحكم بـ”عدم أهلية” ترامب للانتخابات التمهيدية.. ما تبعات القرار؟

حرير – في قرار غير مسبوق، قضت المحكمة العليا في ولاية كولورادو الأميركية، الثلاثاء بعدم أهلية الرئيس السابق دونالد ترامب لخوض الانتخابات التمهيدية للحزب الجمهوري في الولاية، العام المقبل، لـ”دوره في الهجوم على مبنى الكابيتول في 6 يناير 2021″.

وقالت المحكمة في حكمها، إنها خلصت إلى أن ترامب “ليس أهلا لتولي منصب الرئيس”، بموجب المادة الثالثة من التعديل الرابع عشر لدستور الولايات المتحدة.

ويبقى تنفيذ قرار المحكمة، الذي انتقدته حملة ترامب ووصفته بغير الديمقراطي، معلقا حتى الرابع من يناير تاريخ انقضاء مهلة الطعن به أمام المحكمة الأميركية العليا.

وعلى الرغم من أن الحكم الجديد يسري فقط على الانتخابات التمهيدية للحزب الجمهوري في الولاية في الخامس من مارس، إلا أنه من المرجح أن تطال تأثيراته، وضع ترامب في الانتخابات العامة المقررة في الخامس من نوفمبر المقبل. فما هي خلفيات صدور هذا الحكم؟ وما تأثيراته على فرص ترامب في الوصول مجددا إلى البيت الأبيض؟

“بند التمرد”

يعد صدور قرار المحكمة العليا في كولورادو المرة الأولى التي يعتبر فيها مرشح غير مؤهلا لدخول البيت الأبيض، بموجب المادة 3 من التعديل الرابع عشر من الدستور الأميركي.

وتمنع المادة المذكورة، والتي يشار إليها أيضا باسم “بند التمرد”، أي منتخب أو موظف بالكونغرس والجيش والمكاتب الفيدرالية ومكاتب الولايات، سبق له وأن أقسم على الولاء لدستور الولايات المتّحدة، من أن يشغل أيّ منصب منتخب، إذا ما نكث بقسم اليمين عبر مشاركته في تمرد.

وتنص المادة، على أ،ه “لا يجوز لأي شخص أن يصبح شيخا أو نائبا في الكونغرس، أو ناخبا للرئيس أو أن يشغل أي منصب، مدنيا كان أو عسكريا، تابعا للولايات المتحدة أو تابعا لأية ولاية، إذا سبق له أن أقسم اليمين كعضو في الكونغرس أو كموظف لدى الولايات المتحدة كعضو في مجلس تشريعي لأية ولاية، أو موظف تنفيذي أو عدلي في أية ولاية، بتأييد دستور الولايات المتحدة واشترك بعد ذلك في أي تمرد أو عصيان ضدها، أو قدم عونا ومساعدة لأعدائها. ولكن يمكن للكونغرس، بأكثرية ثلثي الأصوات في كل من المجلسين أن يزيل مثل هذا المانع”.

وساعد التعديل الرابع عشر، الذي تم التصديق عليه في عام 1868، بعد 3 سنوات من انتهاء الحرب الأهلية الأميركية، على ضمان الحقوق المدنية للأشخاص المستعبدين سابقا، غير أن البند الثالث من التعديل، يهدف إلى منع أولئك الذين انحازوا إلى الكونفدرالية خلال الحرب الأهلية من الخدمة في مناصبهم، بحسب “واشنطن بوست“.

وسعى البند أيضا، إلى منع المسؤولين الكونفدراليين السابقين من استعادة السلطة كأعضاء في الكونغرس والاستيلاء على الحكومة التي تمردوا عليها، وفقا لصحيفة “الغارديان“.

ويقول خبراء قانونيون ومنتقدون لترامب، إن بند التمرد ينطبق على ترامب بسبب دوره في محاولة إلغاء الانتخابات الرئاسية لعام 2020 وعرقلة نقل السلطة إلى جو بايدن، من خلال تشجيع أنصاره على اقتحام مبنى الكابيتول الأميركي.

وقال رون فين، المدير القانوني بمنظمة “حرية التعبير للناس”، للصحيفة البريطانية، “إن مخاطر السماح لترامب بالعودة إلى المناصب العامة هي بالضبط تلك التي توقعها واضعو المادة 3″، موضحا، “كانوا يعلمون أنهم إذا سمح للمتمردين الذين نكثوا بالقسم بالعودة إلى السلطة فإنهم سيفعلون الشيء نفسه (التمرد) إن لم يكن أسوأ”.

كيف جاء القرار؟

ويمثل القرار الصادر الثلاثاء، انتصارا للجماعات والناخبين المناهضين لترامب، الذين رفعوا قضايا مماثلة بعدد من الولايات للطعن في ترشح ترامب، تحت إطار بند التمرد.

وفي كولورادو، رفع الدعوى عدد من الناخبين بمساعدة مجموعة “مواطنون من أجل المسؤولية والأخلاق في واشنطن”،  الذين طالبوا باستبعاد ترامب لتحريضه أنصاره على مهاجمة مبنى الكابيتول في محاولة فاشلة لعرقلة نقل السلطة بعد انتخابات 2020.

وتبنت المحكمة العليا في كولورادو، القرار الذي وصفته “نيويورك تايمز” بـ”زلزال سياسي وقانوني”، بأغلبية 4 أصوات مقابل 3.

وجاء في القرار، أن ترامب انخرط في “تمرد” من خلال الشروع في إلغاء نتيجة الانتخابات الرئاسية لعام 2020، ومحاولة تغيير عدد الأصوات، والضغط على نائب الرئيس لانتهاك الدستور، والدعوة إلى المسيرة في مبنى الكابيتول.. وبالتالي يمنع، بموجب التعديل الرابع عشر، من تولي منصب فيدرالي.

وألغى قرار أعلى محكمة في كولورادو حكما سابقا، صدر عن قاضي محكمة محلية، اعتبر أن تصرفات ترامب في 6 يناير ترقى إلى مستوى التحريض على التمرد، لكنه قال إنه لا يمكن منعه من الاقتراع، لأن منصب الرئاسة غير مشمول بقائمة المناصب الفدرالية المنتخبة المعنية ببند التمرد.

واعتبرت المحكمة الابتدائية في قرارها، أن ترامب لم تكن صفته بأي حال من الأحوال “متوليا لمنصب في الولايات المتحدة”، إذ يميز الدستور الأميركي منصب الرئاسة عن المناصب الفدرالية.

ويؤيد هذا الطرح، مايكل ب. موكاسي، الذي شغل منصب المدعي العام في عهد الرئيس جورج دبليو بوش، مشيرا في مقال رأي نُشر في “صحيفة وول ستريت جورنال”، أن البند 3 يقتصر على الأشخاص الذين أقسموا على دعم الدستور “كعضو في الكونغرس، أو كموظف لدى الولايات المتحدة، أو كعضو في أي هيئة تشريعية للولاية، أو كموظف تنفيذي أو قضائي في أي دولة “.

وأوضح موكاسي، أن الفئة الوحيدة التي يمكن القول إنها تنطبق على ترامب هي موظف لدى الولايات المتحدة”، لكنه أكد أن هذه العبارة “تشير فقط إلى المسؤولين المعينين، وليس إلى المسؤولين المنتخبين”.

حالات سابقة مشابهة؟

لم يتم استخدام المادة الثالثة نهائيا فيما يتعلق بانتخابات الرئاسة، غير أنه في عام 1919، رفض الكونغرس تعيين عضو اشتراكي، بحجة أنه قدم المساعدة لأعداء البلاد خلال الحرب العالمية الأولى، حسبما أفادت الغارديان.

وفي العام الماضي، وفي ثاني استخدام لهذا البند، منع أحد قضاة ولاية نيو مكسيكو مفوض مقاطعة ريفية شارك في اقتحام مبنى الكابيتول من منصبه، بموجب بند التمرد.

في المقابل، وخلال نفس السنة، فشلت دعاوى قضائية بموجب القسم 3 ضد النائبين ماديسون كاوثورن (جمهوري عن ولاية كارولينا الشمالية)، ومارجوري تايلور غرين (جمهورية عن ولاية جورجيا) في إبعادهما عن الاقتراع، وبعدها خسر كاوثورن انتخاباته التمهيدية، بينما تواصل غرين خدمتها في الكونغرس، حسبما أوضحت واشنطن بوست.

أي تأثير للقرار على الانتخابات؟

ويبقى تنفيذ قرار المحكمة معلّقا حتى الرابع من يناير تاريخ انقضاء مهلة الطعن فيه، أمام المحكمة الأميركية العليا، ليترك للقضاة ما إذا كانوا سيقبلون القضية.

وأفاد خبراء قانونيون، صحيفة “واشنطن بوست”، بأن المحكمة العليا في البلاد وحدها القادرة على تسوية مسألة ما إذا كان هجوم 6 يناير على مبنى الكابيتول، يشكل تمردا وما إذا كان ترامب ممنوعا من الترشح.

وفي الوقت الراهن، يسري قرار المحكمة الولائية على الانتخابات التمهيدية للحزب الجمهوري في ولاية كولورادو، والتي ستجرى في 5 مارس، مما يعني أن ترامب لن يظهر على بطاقة الاقتراع لهذا التصويت.

لكن من المرجح أن تؤثر نتائجها على وضع ترامب في الولاية استعدادا لاقتراع الانتخابات العامة في 5 نوفمبر، وفقا لصحيفة الغارديان.

في المقابل، أشارت صحيفة “تيلغراف“، إلى أن ​​”الخطر في كولورادو يبقى منخفضا بالنسبة لترامب”، مذكرة بخسارته بنسبة 13 نقطة مئوية في عام 2020، على مستوى هذه الولاية.

غير أن الصحيفة، تلفت إلى أن “الخطر الأكبر” الذي يواجه الرئيس السابق، يكمن في ما إذا كانت المزيد من المحاكم ستحذو حذو محكمة كولورادو، وتستبعد ترامب من الاقتراع في ولايات حاسمة في الطريق نحو البيت الأبيض، إذ تنظر المحاكم العليا في مينيسوتا وميشيغان، في قضايا مماثلة.

وكان منتقدون لترامب يأملون في استخدام القضية لتعزيز جهود تنحية أوسع نطاقا، وربما عرض القضية أمام المحكمة العليا في الولايات المتحدة.

من جهته، قال ديريك مولر، أستاذ القانون في “نوتردام”،، إن الحكم الأخير، يمثل “تهديدا كبيرا لترشيح ترامب”، ويمكن أن يشجع محاكما أخرى على التحرك.

غير أنه يشير إلى أنه، بالنظر إلى الكيفية التي أدت بها لوائح الاتهام التي وجهت لترامب حتى الآن إلى زيادة الدعم للرئيس السابق، الذي ادعى أنه مستهدف بشكل غير عادل، فمن المحتمل أن يعزز هذا الحكم أيضا دعم قاعدته الجماهيرية له.

كيف رد ترامب؟

ووصفت حملة ترامب، قرار المحكمة بأنه “معيب” و”غير ديمقراطي”، وقالت إنها ستطعن عليه.

وندد المتحدث باسم الرئيس السابق، بما وصفه القرار “المناهض للديمقراطية” الذي أصدرته المحكمة العليا في كولورادو، متعهدا الطعن به أمام المحكمة العليا.

وقال ستيفن تشونغ، المتحدث باسم حملة ترامب، في بيان إن “المحكمة العليا في كولورادو أصدرت قرارا معيبا تماما، وسنلجأ بسرعة إلى المحكمة العليا للولايات المتحدة لطلب تعليق هذا القرار المناهض للديمقراطية بصورة تامة”.

وقال أحد محامي ترامب إن أعمال الشغب في مبنى الكابيتول لم تكن خطيرة بما يكفي لوصفها بأنها تمرد، وأن تصريحات ترامب لمؤيديه في واشنطن في ذلك اليوم، كانت محمية بموجب حقه في حرية التعبير.

وأكد المحامي، أن المحاكم ليس لديها السلطة لإصدار أمر بإبعاد ترامب من الاقتراع.

مقالات ذات صلة