خطورة المسيل للدموع

الغاز المسيل للدموع، هو سلاح كيميائي غير قاتل، يتسبب في ألم شديد بالعينين والجهاز التنفسي، وتهيج الجلد وأحيانا نزيف في ملتحمة العينين وقد يصل ذلك للعمى. يحفز الأعصاب من الغدة الدمعية لإنتاج الدموع.

 

تستخدم هذه الاسلحة لضبط الأعداد الكبيرة من حشود المظاهرات او جموع مرتكبي الشغب بهدف السيطرة على مسارهم أو منعهم من الوصول لمكان محدد أو لإجبارهم على التفرق، فمجال استخدامها عادة في وقت السلم، ومخاطرها ليست محصورة بالجموع المستهدفة بل قد تمتد الى قوات الدرك او الشرطة وأي مهنيين في الموقع من مثل الصحفيين او الأطباء والممرضين أو المارة او سكان المنطقة وإن كانوا داخل منازلهم، وهي مصنفة من الأسلحة غير القاتلة واستخدامها غير محظور دوليا.

 

المواصفات العامة: تتصف هذه الاسلحة بأن لها أثر فوري ينتج عن تركيز منخفض للمواد الكيماوية التي بداخلها، بحيث يدرك الشخص المتعرض لها بأن هناك خطر يداهمه، مما يحفزه على مغادرة المكان او التفرق عن الجموع او تنفيذ طلبات الدرك والشرطة والأجهزة الأمنية الاخرى، ويتوقع ان تكون ذات مواصفات تحدث الحد الأدنى من الاعراض والإصابات بين الحشود والمارة وافراد وضباط الدرك والشرطة والمسؤولين من الجهات الأمنية الأخرى، ويجب ان تكون آثار التعرض لها قصيرة الاجل ويمكن التخلص منها أو عكسها بسهولة، ويجب أن تتصف بكونها سريعة الزوال من البيئة المستخدمة بها وتتحلل سريعا بهدف التقليل من التلوث البيئي.

 

التركيب الفيزيائي: المواد الأكثر استخدامًا للغازات المسيلة للدموع هي مركبات الهالوجين العضوية الاصطناعية؛ وهي ليست غازات حقيقية في الظروف العادية ولكنها سائلة أو مواد صلبة يمكن أن تنتشر بشكل جيد في الهواء من خلال استخدام البخاخات أو مولدات الضباب أو القنابل والقذائف. أكثر الغازات المسيل للدموع استخداما (1) Chlorobenzylidene CS (2) Oleum capsicum OC (3) Chloracetothenon CN.

 

التأثير على الحشود عادة ما يتم باستخدام بنادق تطلق عبوات تحتوي على مواد كيماوية بشكلها الصلب أو السائل بقدر 454 غرام، وهي حقيقية ليست بغاز، وينتج عند إطلاقها انتشار رذاذ على شكل ضباب في مدى من 2 إلى 5 أمتار منها.

 

التأثير الكيميائي: يعمل الغاز المسيل للدموع على تهيج الاغشية المخاطية في العين والأنف والفم والرئتين، ويسبب انسكاب الدموع والعطس والسعال وصعوبة التنفس والم في العين وعمى مؤقت. أعراض التهيج تظهر عادة من 20-60 ثانية من التعرض وتزول خلال 30 دقيقة من مغادرة المنطقة.

 

بينت إحدى الدراسات أن احتمال التعرض لعواقب خطيرة من الأثر الكيميائي لهذه الغازات هو بمعدل 6.8% من مجمل الحالات التي طلبت المساعدة الطبية، منها 54% إصابات شديدة بالعينين، و32% عوقب في الجهاز التنفسي، و18% عواقب تهيج الجلد، وارتبطت هذه الإصابات الشديدة نسبيا بضعف تدريب الشرطة والدرك، او استخدامها بدافع الإيذاء المقصود أو ضد أشخاص مقيدي الحركة او محاصرين في أماكن ضيقة أو مغلقة.

 

الإصابات الجسدية: هناك احتمال وارد عند استخدام أي من الأسلحة المصنفة بـ (1) غير قاتلة او (2) الأقل قتلا، ان ينتج عنها إصابات خطيرة أو إصابات تؤدي لعاهات أو حتى الى الوفاة، وذلك بسبب ارتطام العبوة ذاتها الحاوية للمواد الكيماوية بجسم المصاب، وينتج عن ذلك الكدمات والجروح الرضية وفقدان البصر، وشلل الأعصاب وبتر في الأعضاء، وإصابات الجمجمة والدماغ خاصة لدى اليافعين.

 

العواقب المتأخرة لتأثير الغاز (المواد الكيماوية) وخاصة لدى الأشخاص الذين يعانون من مشاكل تنفسية سابقة من مثل الربو تستدعي العلاج الطبي وإدخال للمستشفى وفي الحالات الخطرة تستدعي الوضع على جهاز التنفس الاصطناعي. في بعض الحالات تؤدي المواد الكيماوية لآفات تشبه الحروق والتهابات شديدة في الجلد، والتعرض القريب من الغازات أو لفترة طويلة نسبيا يؤدي ندب في القرنية ونقصا دائما في حدة الإبصار، والتعرض المتكرر لهذه المواد الكيماوية يتضمن زيادة المخاطر لضرر دائم بالرئتين.

 

انتهاء الصلاحية:

 

المبدأ البسيط الشائع أن انتهاء الصلاحية لفترة طويلة لهذه الاسلحة سيؤدي الى تقليل الفاعلية والعواقب على المصابين، لكن احدى الدراسات المسندة علميا التي أجريت على العبوات المنتهية الصلاحية وعلى عواقبها تبين أن المواد الكيماوية تحللت إلى أكسيد السيانيد، الفوسجين والنتروجينات التي هي ذات سمية عالية وخطيرة للغاية.

 

مسؤولية الشركات المصنعة ومسؤولية الدرك:

 

الشركات المصنعة للعبوات المسيلة للدموع عادة ما تضع عبارة “هناك خطر من الإطلاق المباشر على الأشخاص، إن ذلك قد يؤدي إلى إصابات شديدة او الوفاة” لكن وللأسف هذا التحذير يتم تجاوزه في كثير من الأحيان وفي بعض الأحيان قد تطلق قصدا على الأشخاص وخاصة في حالات التوتر النفسي الشديد للدرك او بسبب عدم السيطرة على النفس أو بدافع إلحاق الضرر قصدا. مما يزيد الامر تعقيدا أن بنادق إطلاق عبوات الغازات المسيلة للدموع عادة ليس لها اعدادات تحدد مجال الإطلاق وتكون الطريقة الوحيدة لإطلاقها بشكل آمن هو أن يتم ذلك باتجاه الأرض بالزاوية المناسبة وليس على الأشخاص أنفسهم، وإذا تم مخالفة ذلك من قبل الدرك يكون هناك مخاطرة بإحداث إصابات بسبب ارتطام العبوة ذاتها بأجسام المتظاهرين. هذه العبوات معدة للإطلاق في أماكن مفتوحة وخلاف ذلك تتفاقم خطورتها وعواقب الأضرار الناتجة عنها.

 

العلاج:

 

هذه المواد الكيماوية ليس لها ترياق، والتعامل معها هو بالابتعاد عن المكان الملوث بها، وغسل الوجه بالماء مباشرة، وقد تكون هناك حاجة لاستعمال مضادات الهستامين في بضع الحالات. لم يثبت علميا انه هناك فائدة من استعمال الخل او الليمون او الحليب او معجون الاسنان، وهناك تقارير علمية تشير الى أنها قد تفاقم الأعراض التنفسية.

 

الدكتور هاني جهشان مستشار اول الطب الشرعي

مقالات ذات صلة